الحزب في نقاشات حول الحرب وتداعياتها وتحديات اليوم التالي!
بانتظار وضوح الرؤية على شاشة نتائج مفاوضات الدوحة حول وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بدأت داخل أوساط الحزب والبيئات القريبة منه نقاشات وحوارات معمّقة حول نتائج الحرب في غزة وتداعياتها ونتائجها السياسية والاجتماعية والأمنيّة والعسكرية… فماذا في هذه النقاشات؟ وهل من خلاصات أوّليّة؟
كانت مؤسّسات الحزب السياسية والفكرية والبحثيّة تواكب الحرب طوال الأشهر الماضية، وتقدّم الأفكار والملاحظات في كيفية المواكبة والمتابعة واستخلاص الدروس من التطوّرات الأمنيّة والعسكرية وقراءة الموقف الإسرائيلي والأميركي، إضافة إلى تطوّرات الوضع الداخلي في لبنان. على الرغم من ذلك، فإنّ الوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار في غزة وانعكاس ذلك على الجبهة اللبنانية سيفتحان الباب واسعاً لوضع دراسة مفصّلة حول الحرب وتداعياتها وكيفية مواكبة مرحلة اليوم التالي للحرب.
ما هي أبرز الموضوعات والملفّات التي يتمّ التطرّق إليها في اللقاءات والنقاشات الدائرة اليوم في أوساط الحزب والبيئات القريبة منه؟
الحزب مرتاح إلى “مشروعيّة” دعم فلسطين
– أوّلاً: في تقويم معركة طوفان الأقصى وتداعياتها وأهمّية مشاركة الحزب والجبهة اللبنانية: يشكّل هذا الملفّ الأولوية في الحوارات والنقاشات، وخصوصاً على صعيد تداعيات الحرب على الصعيد اللبناني ونجاح الحزب في تحقيق مشروعية المشاركة في دعم الشعب الفلسطيني دون الذهاب إلى حرب واسعة. وعلى الرغم من الأثمان الكبيرة التي دفعها الحزب على صعيد الجنوب اللبناني، وعلى الرغم من وجود أصوات محدودة في البيئة الشيعية تسأل عن جدوى المشاركة في الحرب، فقد بات هناك شبه إجماع داخل هذه البيئة على أهمّية دور الحزب في إسناد الشعب الفلسطيني لما لذلك من دلالات سياسية وفكرية وتاريخية ودينية، والنتائج التي أفرزتها الحرب على صعيد الوحدة الإسلامية وتعزيز محور المقاومة. وهناك دراسات عديدة أعدّت حول نتائج الحرب، لكنّ الجميع ينتظر ما سيحصل في المرحلة المقبلة، خصوصاً إذا فشلت المفاوضات في الدوحة وذهبت المنطقة إلى تصعيد كبير سيغيّر مجرى التطوّرات كلّها.
مواقف الطّوائف في لبنان
– ثانياً: الوضع الداخلي اللبناني: يشكّل الوضع الداخلي اللبناني إحدى أولويات الحزب والبيئات القريبة منه في ظلّ التخوّف من اندلاع حرب واسعة وحصول نزوح كبير من مناطق جنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية:
1- تعبّر قيادات الحزب والمرجعيات الدينية الشيعية عن ارتياحها الكبير لمواقف الرئيس السابق للحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط وشيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز الدكتور الشيخ سامي أبي المنى وبقيّة قيادات الطائفة.
2- كذلك هناك تقويم إيجابي للعلاقات على الصعيد الإسلامي وتجاوز مرحلة الخلافات السابقة، مع الشعور بأهمّية تواصل الحوار مع القيادات الإسلامية.
3- أمّا على الصعيد المسيحي وبعد تراجع تداعيات إشكاليّة العلاقات مع بكركي فيشكّل هذا الملفّ أولوية مهمّة من أجل تعزيز الوحدة الداخلية واستيعاب الأصوات السجاليّة والمتطرّفة. وتمّ الاتفاق على القيام بسلسة خطوات عملية في هذا الإطار في المرحلة المقبلة.
بدء إعادة الإعمار.. فوراً
– ثالثاً: ملفّ ما بعد الحرب وتطبيق القرار 1701 والوضع السياسي الداخلي وإعادة الإعمار: هذه الملفّات يتمّ التطرّق إليها في النقاشات والحوار. وهناك تأكيد من قيادة الحزب أنّه فور وقف إطلاق النار سيتمّ البدء بمشروع إعادة الإعمار، لكن دون تحديد التفاصيل. أمّا بشأن تطبيق القرار 1701 وما يحكى عن مشاريع تفصيلية حول ذلك، فإنّ قيادة الحزب والمسؤولين فيه يرفضون البحث بالتفاصيل قبل وقف إطلاق النار. وعلى الصعيد الداخلي يؤكّدون عدم ربط ما يجري في جنوب لبنان بالملفّات الداخلية. ويشدّدون على أنّ الخيار الوحيد للتفاهم حول الملفّ الرئاسي وبقيّة الملفّات الأخرى هو الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري.
إضافة إلى هذه الملفّات الأساسية توجد ملفّات أخرى يتمّ التطرّق إليها في الحوارات والنقاشات، منها الجوانب الأمنيّة والعسكرية والدروس المستفادة من الحرب والثغرات التي برزت خلالها، ودور ومستقبل محور المقاومة في المرحلة المقبلة وكيفية التفاعل مع التطوّرات الدولية الناتجة عن معركة طوفان الأقصى.
كلّ هذه الملفّات وغيرها تنتظر وضوح الصورة حول المفاوضات في الدوحة. وفي حال فشلت المفاوضات فإنّ التصعيد سيكون سيّد الموقف. والكلّ ينتظر الردّ الإيراني وردّ الحزب وتداعياتهما.
قاسم قصير- اساس