تفاؤل هوكشتاين وهمي وليس مبنياً على قاعدة صلبة… ونتنياهو لن يخدم إدارة بايدن!

ما ان تلوح مبادرة لتهدئة الأوضاع في الجنوب اللبناني حتى تنفرج أسارير اللبنانيين، وربما كانت زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان، محاولة أخيرة من الادارة الأميركية التي توشك على حزم حقائبها لمغادرة البيت الأبيض، لإبعاد شبح الحرب الواسعة عن لبنان والمنطقة. وقد حمل هوكشتاين معادلة “متفائلة” اختصرها بالعبارة الآتية: “نجاح وقف اطلاق النار في غزة، سينسحب حتماً وقفاً لاطلاق النار في جنوب لبنان، واطلاقاً لمفاوضات جدية”.

لذلك تتجه الأنظار إلى الدوحة التي تحاول فيها إدارة الرئيس جو بايدن تحقيق اختراق في المفاوضات، بحيث تتوصّل إلى وقف اطلاق النار في غزة ونزع فتيل ردّ ايران و”حزب الله” على اسرائيل، وتجنّب رد اسرائيلي قد يؤدي إلى حرب شاملة، تنزلق فيها واشنطن.

لكن مصادر أميركية في الحزب “الجمهوري” اعتبرت أن “هوكشتاين وخلفه إدارة بايدن متفائلون كثيراً، وقد يُصدمون، لأن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو لن ينهي الحرب أو يلتزم بوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن قبل أن يُحقق إنجازاً أساسياً وهو انهاء حركة حماس عسكرياً، والاتفاق على إخراج قياداتها من غزة ثم تبادل الرهائن والأسرى، وكل ذلك لا يُمكن أن توافق عليه حماس بقيادة يحيى السنوار، وبالتالي لن يقبل نتنياهو بأقل من هذا الإنجاز ليعلن بعدها أنه حقق الانتصار ويمدّد لوجوده في السلطة”.

أما إدارة بايدن فتراهن على المعارضة الاسرائيلية والنقمة الشعبية وأهالي الرهائن الاسرائيليين والمنظمات الدولية والدول الأوروبية والنواب الديموقراطيين في الكونغرس، المقتنعين بأن نتنياهو “يخدعهم” بشأن مفاوضات إطلاق النار، ولو كانوا متعاطفين مع ضرورات الأمن القومي لاسرائيل.

وتلفت مصادر الحزب “الجمهوري” إلى أن “نتنياهو يوحي لبايدن بأنه متعاون في مسألة المفاوضات في الدوحة، إلا أن توجيهاته للوفد المفاوض تقضي بالتشدّد ورفض اتفاقية إطلاق سراح الرهائن/وقف إطلاق النار مع حماس”، مؤكدة أن “نتنياهو يحاول أن يطيل أمد الحرب حتى يخرج بايدن من البيت الأبيض ويحلّ مكانه المرشّح الجمهوري دونالد ترامب الأكثر تشدداً مع حماس وايران ومحور الممانعة، لذلك من المتوقّع أن تفشل مفاوضات الدوحة ويستمر النزاع والعمليات العسكرية سواء في غزة أو جنوب لبنان”.

ومن يتابع أداء نتنياهو يعرف أنه سيقوم بعمليات استفزازية لوفد “حماس” في المفاوضات، وهو قام سابقاً باغتيال رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” اسماعيل هنية في ايران، ويعتمد في خلفيّته أنه مهما بلغت وتيرة التصعيد أو أي حرب كبرى، لن تتخلى عنه واشنطن.

وترى المصادر في الحزب “الجمهوري” أن الصراع الخفي بين نتنياهو وبايدن، قد يدفع الأخير إلى القيام بخطوة جريئة، فيتوجّه إلى قطر ومصر وإسرائيل. ويزيد من الضغط على نتنياهو مع إمكان خفض المساعدات العسكرية لجميع الأطراف ويتحدث شخصياً إلى الجمهور الاسرائيلي كما فعل نتنياهو في جلسة مشتركة للكونغرس، ليحثّ الاسرائيليين على الضغط على نتنياهو لوقف إطلاق النار وإعادة الرهائن!

ربما تكون تلك الورقة الأخيرة التي يلعبها قبل رحيله، على طريقة “اللهم اشهد اني بلّغت”، لكن مصادر “الجمهوري” توضح أن “نتنياهو يُراهن على فوز ترامب، والعودة إلى عصر ذهبي للعلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة، لأن من المتوقّع أن يدعم ترامب اسرائيل بقيادة نتنياهو لتدمير حماس، والدخول إلى تسوية كبيرة بين اسرائيل والفلسطينيين من الباب السعودي وإنعاش اتفاقيات ابراهام بإتجاه التطبيع بين السعودية واسرائيل”.

لا شك في أن التفكير الاسرائيلي اليوم وتحديداً لدى نتنياهو وحكومته المتطرفة يتجه إلى عدم الموافقة على وقف إطلاق النار في غزة/صفقة الرهائن لأنهم لا يريدون منح كاميلا هاريس التي ستستمر بسياسة بايدن، الفوز في الانتخابات الأميركية.

في الختام، تشير مصادر الجمهوريين إلى أن “تفاؤل هوكشتاين الذي لمسه اللبنانيون ليس مبنياً على قاعدة صلبة، بل يأتي في سياق التمنيات والآمال بوقف إطلاق النار لتنسحب التهدئة على جبهة الجنوب التي لا تزال ملتهبة”، معتبرة أن نوايا الأطراف المتنازعة ليست ايجابية، ومن الصعب التوصّل إلى هدنة ينتج عنها وقف لإطلاق النار، لأن ما حصل في 7 تشرين الأول المنصرم، ليس حادثاً أمنياً عادياً، بل تسبب في ضربة موجعة لإسرائيل لن تنساها، وبالتالي، ستسعى جاهدة الى عدم تكرار ما حصل عبر اتفاق يضمن لها ما تريد، ويتيح لها حرية التحرك والتصرف متى شاءت، وهذا الأمر قد ينسف الجهود كافة، ولا تقبل به “حماس”!

جورج حايك- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة