وسط نذر الحرب.. ما سر وجود “حزب الله” في السودان؟
“” ودوره في السودان.. عنوان كبير لمرحلة جديدة تقودها إيران في من جديد، إذ إنّ تاريخ العلاقة بين الحزب والسودان يعود إلى عهد النظام السابق.
تعمّقت العلاقة إلى حدّ التعاون السياسي والعسكري والاستخباراتي وحتّى الاقتصادي، لكنّ الخسارة الفعلية للحزب كانت بانقلاب نظام عمر البشير على إيران، وفكّه التحالف معها، وعقْده تحالفات مع دول الخليج ودخوله في حرب ضدّ الحوثيين ضمن عاصفة الحزم.
اليمن نفسه بات اليوم أحد أسباب وغايات عودة اهتمام الحزب وإيران بالسودان، في ظل الحرب المندلعة، وبعد انقطاع العلاقة لفترة لا بأس بها بين الحليفين السابقين.
قبيل العام 2016، انقطعت علاقة “حزب الله” بالسودان، ما أثّر بشكل كبير على حضور الحزب في أفريقيا، وكذلك على تواصله المادي مع حركة حماس والفصائل الأخرى في قطاع غزّة.
ومنذ سقوط نظام البشير بدأ الحزب يدرس كيفية استعادة العلاقة مع السودان، إلا أن ذلك لم يحدث إلّا بعد اندلاع الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.
ومع بداية الحرب في السودان، بدأ “حزب الله” التواصل مع الجيش السوداني بالتوازي مع عودة العلاقات بين الجيش وإيران.
وبحسب مصادر مطلعة لـ “”، فإنّ “حزب الله” أرسل في مرحلة سبقت هجوم السابع من أكتوبر عددًا محدودًا من العناصر إلى السودان، وتحديدًا إلى مناطق سيطرة الجيش السوداني، وقد بُنيت علاقات جدية بين الطرفين.
في البداية كان تطوّر العلاقة بطيئًا في ظل عدم وضوح الرؤية في السودان وكيفية تقاسم النفوذ والجهات الداعمة، لكن في مرحلة الحرب في غزّة نمت العلاقة بين الحزب والسودان بشكل قياسي.
وتكمن أهمية السودان بالنسبة لـ”حزب الله” وإيران في موقعه الجغرافي، بحكم قربه من اليمن أوّلًا، وثانيًا أنه نقطة الارتكاز البرية الأقرب إلى غزة، وثالثًا أنه يُعد مدخلًا آمنًا إلى القارة الأفريقية، حيث استثمارات الحزب في كافة المجالات.
إيصال الإمدادات إلى اليمن
يعتبر كلّ من “حزب الله” وإيران أنّ الوصول إلى اليمن المحاصر صعب، وأنّ تهريب الأسلحة من إيران بشكل مباشر عبر المحيط أمر مرهق، وكذلك الحال بالنسبة للتهريب برًّا.
ولذلك، ومع بدء الحرب في السودان ظهرت فرصة التقرّب من أحد أطراف الصراع؛ لأنّ وصول طائرات الشحن الإيرانية إلى مناطق سودانية تحت حكم الجيش السوداني أسهل من وصولها إلى أيّ مكان آخر، ومن ثم يمكن تهريبها إلى اليمن بمسافة قصيرة نسبيًّا عبر البحر الأحمر.
القرب من غزة
كانت الوظيفة القديمة للسودان بالنسبة لإيران هي إيصال الأسلحة إلى غزّة، وذلك ما توقّف بعد قصف إسرائيل نقاطًا ومخازن كثيرة في السودان، وبعد الخلاف مع نظام البشير.
أمّا اليوم، فيعتبر تخزين بعض الأسلحة ونقلها برًّا، أو الأصح تهريبها إلى غزة، عبر مصر، من دون إغفال مخاطر اكتشاف الأمر، الخيار الوحيد، إذ إنّ النقطة البرية الوحيدة التي يمكن لإيران و”حزب الله” الاستقرار فيها بالقرب من غزّة، هي السودان.
مدخل اقتصادي لأفريقيا
وفي ظل الصراع بين “حزب الله” وإسرائيل في أفريقيا، والعقوبات التي تتعرّض لها شخصيات قريبة منه تنقل أموالًا، أو تستثمر في الدول الأفريقية، بات السودان اليوم وتحديدًا مناطق سيطرة الجيش السوداني، موقعًا بالغ الأهمية لنقل الأموال والقيام بنشاطات اقتصادية كثيرة في القارة السمراء.
مهام في السودان
بدأ وُجود ميليشيا حزب الله في السودان قبل أكثر من سنة، إذ كان يقدّر عدد عناصرها في مناطق نفوذ الجيش السوداني بالعشرات، لكن بعد السابع من أكتوبر أصبح هناك ما بين 200 و500 عنصر من الحزب ينشطون هناك في مجالات عديدة.
وحتّى اللحظة، تقول المصادر لـ”” إنّ عناصر الحزب لا تشارك في أيّ معركة في الداخل السوداني، لكنّها تعمل في مجالات عديدة تتراوح ما بين اللوجستية والإستراتيجية:
أوّلاً: يقوم الحزب بتقديم خبرات ميدانية للجيش السوداني، وهذا مرتبط بالتخطيط ووضع الإستراتيجيات العسكرية التكتيكية والإستراتيجية للمعركة الحاصلة هناك.
ثانياً: تقوم عناصر الحزب بتدريب الجيش السوداني على أسلحة إيرانية يتمّ إرسالها إلى السودان، وتحديدًا إلى قوات قائد الجيش الفريق ، وأهم تلك الأسلحة المسيّرات الانتحارية التي ساعدت الجيش السوداني في التقدم الميداني في أكثر من منطقة. كما حصل الجيش السوداني على طائرات “مهاجر 6” الإيرانية، وذلك ما يساعد “حزب الله” في استخدامها وتجميعها والتدريب عليها.
ثالثا: يعمل “حزب الله” على تحضير عمليات النقل اللوجستية وتهريب الأسلحة التي تصل إلى السودان، إذ إنّه ليس كلّ ما يصل إلى السودان هو من حصة الجيش السوداني، فبعضها يذهب إلى اليمن عن طريق البحر، وذلك الأمر تقوم به عناصر الحزب بالتعاون مع الحوثيين من الجانب الآخر.
كذلك يقوم عناصر الحزب بنقل بعض الأسلحة إلى غزة علمًا أنّه ليس معروفًا مدى نجاح ذلك الأمر في ظلّ الحرب الحاصلة في القطاع.
ومن مهام الحزب في السودان أنّه يركّز بشكل أساس على نقل تجارب الصواريخ المضادة للدروع، إضافةً إلى تركيب وتجميع بعض صواريخ أرض أرض، والأهم هو تقديم خبرات في استخدام الطائرات المسيّرة وكيفية تجميعها محليًّا، وذلك مرتبط بالجبهة اليمنية والغزاوية وحتى السودانية.
erem news