المبادرة الأميركية القطرية المصرية: شرط السنوار وحسابات “الحزب” والرد الحتمي!
أعاد الطرح الأميركي المصري القطري بالسعي إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإنجاز صفقة تبادل، تحريك المياه الراكدة سياسياً، في محاولة لتطويق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لا يزال يعلن إصراره على مواصلة الحرب حتى تحقيق الأهداف التي أعلن عنها.
حرب نتنياهو وشروط السنوار
ساعات قليلة كانت فاصلة بين موقف نتنياهو الذي أدلى به إلى مجلة التايمز، وأكد فيه إصراره على مواصلة الحرب، وبين البيان المشترك بين الولايات المتحدة الأميركية، مصر، وقطر حول تجديد مساعي التفاوض للوصول إلى سدّ الثغرات القائمة ووقف النار في غزة. وحسب التسريبات، فإن إسرائيل كانت على اطلاع على المقترح وأبدت موافقتها عليه.
لا شك أن هذا الطرح وجد صدى وأرضية على وقع تهديدات إيران والحزب الله بالردّ على استهداف طهران والضاحية الجنوبية لبيروت، ما ينذر باحتمال حصول تصعيد إقليمي تسعى كل الدول إلى تجنّبه. هذا ما فرض التحرك سريعاً في محاولة لملمة الوضع ومنع انفلاته. لكن أيضاً، لا يمكن فصل ذلك عن مسار اختيار يحيى السنوار رئيساً لحركة حماس. وهو ما يحصر القرار السياسي والعسكري لدى الرجل في قطاع غزة. علماً أن السنوار كان بعد اغتيال هنية قد أوقف كل أشكال التفاوض. بينما تجددت المساعي معه لإعادة تجديد المفاوضات، وسط معلومات تؤكد أن شرطه الأساسي لأي اتفاق أو صفقة يجب أن يرتكز على وقف الحرب نهائياً والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، بالإضافة إلى إنجاز صفقة تبادل الأسرى. وهذا إن حصل، لا بد له أن ينعكس تهدئة على الجبهات الأخرى.
الاعتراف الدولي
عملياً، المسار الوحيد لسحب فتائل التصعيد الإقليمي أو توسيع الجبهات، هو الرهان على المسارات الديبلوماسية المفتوحة، لا سيما أن ما تحاول القوى المتفاوضة تكريسه هو محاصرة نتنياهو وخياراته في توسيع الحرب، وذلك يتقابل مع اختيار السنوار رئيساً لحماس. وهو بالتالي الذي سيكون حاضراً في الميدان وفي المسارات السياسية، على الرغم من تكليفه القيادي في الحركة خليل الحية أن يتولى مكانه مسؤولية المباحثات السياسية. وهذا يعني أن السنوار هو سيكون صاحب القرار ولم يعد هناك من تفريق بين الجانب السياسي والجانب العسكري في الحركة.
ما تحاول الوساطات أن ترتكز عليه في المباحثات مع السنوار، هو أن أي اتفاق يمكن أن يتم الوصول إليه، سيكون بمثابة اعتراف دولي به وبدوره كمفاوض وعلى رأس الحركة. وهذا ما يتناقض مع كل السرديات الأميركية والإسرائيلية التي تحاول شطبه من المعادلة السياسية، وحتى وجودياً، من خلال تكرار التهديدات باغتياله وتصفيته. وبالتالي، بحال نجحت المساعي سيكون السنوار هو الذي حقق وقف إطلاق النار، وبالتفاوض مع القوى والجهات الإقليمية والدولية. ولكن بشرط أساسي وهو وقف الحرب نهائياً، لا كما يريد نتنياهو أن يتم وقف إطلاق النار لفترة أسابيع ويتم إطلاق سراح رهائن وبعدها يستأنف القتال.
تبقى هذه إحدى أهم النقاط العالقة، خصوصاً أن نتنياهو لا يوافق على وقف الحرب، وسط انعدام الثقة من قبل حماس، ومحور المقاومة بالمساعي الأميركية. فهناك قناعة أن واشنطن ليست جدية في ضغوطها التي تمارسها على إسرائيل لوقف الحرب.
أولوية وقف الحرب
بالنسبة إلى حزب الله، هو يفسر الموقف الأميركي الجديد والمبادرة، بأنهما يرتبطان بوقف النار “الإيراني- الحزب اللهي”. أي محاولة لامتصاص ردّ إيران والحزب، وليس وقف جدي لإطلاق النار في غزة، وأن كل التجارب السابقة تؤكد أن نتنياهو أجهض كل المساعي على الرغم من الأميركيين أو بموافقتهم.
تشير المصادر القريبة من الحزب إلى أنه غير واثق بكل الطروحات الأميركية، ويعتبر أن الأميركيين غير جديين بالضغط على إسرائيل لوقف النار في غزة، وكل ما يجري يهدف إلى امتصاص الردّ الإيراني وردّ حزب الله وليس وقف إطلاق النار الفعلي في غزة. وهناك في أميركا من يريد إعطاء نتنياهو المزيد من الوقت من الآن وحتى الانتخابات الأميركية. طبعاً، حزب الله ومن خلفه إيران لا يمانعان الوصول إلى وقف الحرب على غزة بشكل جدي ونهائي، وبحال تحقق ذلك يمكن أن يضحيان بالردّ طالما أن الهدف الإستراتيجي تحقق وهو وقف الحرب، “فكل هدف جبهة الإسناد هو وقف إطلاق في غزة، وبالتالي بحال تحقق ذلك يمكن تجنّب الردّ الإيراني ويكون الهدف الكبير قد تحقق، وتكون إيران قد حققت ما تسعى إليه وسجّلت انتصاراً”.
وتفيد المصادر القريبة من الحزب بأنه تلقى رسائل ونصائح بعدم الردّ على إسرائيل لتجنب التصعيد من قبل نتنياهو، وأن هذه الرسائل الدولية وصفت رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه يعيش لحظة جنون وجموح يسعى خلالها إلى فرض حرب إقليمية واسعة في المنطقة، ولا بد من العمل في سبيل تجنّبها. لكن حزب الله ردّ على هذه الرسائل بالقول: “لا يمكن القبول بتكريس قواعد اشتباك عمل نتنياهو على وضعها وهي استهداف الضاحية من دون ردّ”. تتحدث المصادر القريبة من الحزب عن أن الردّ سيكون حتمياً، وإن أدى إلى أيام قتالية.
منير الربيع- المدن