اختراق إسرائيلي خطير في قلب ايران: تداعيات خطيرة لليلة الاغتيالات!
لم تعد الضاحية الجنوبية لبيروت حصناً منيعاً. ولم تعد طهران قلعة عصية على الاختراق
يكشف اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في قلب طهران، ورئيس أركان “حزب الله” في لبنان فؤاد شكر، بالطريقة التي حصلت، أن حجم الاختراق الأمني الإسرائيلي لإيران وفصائلها في مختلف أنحاء المنطقة كبير للغاية. فالروايات التي تضاربت بشأن اغتيال هنية في قلب مجمع خاص تحت حماية “الحرس الثوري الإيراني”، وأيا يكن مصدرها، تعطي فكرة عن حجم الاختراق الإسرائيلي الخطير في قلب ايران.
وبين رواية السلطات الإيرانية التي تؤكد أن هنية اغتيل بمقذوف أطلق من مسافة قصيرة، ورواية الصحافة الأميركية التي انطلقت من مقال في صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية التي أشارت إلى أن هنية قتل بعبوة ناسفة زرعها عملاء جندهم “الموساد” الإسرائيلي في غرفته، أي في عقر دار مقر الضيافة الرسمية للدولة الإيرانية الواقعة تحت حماية “الحرس الثوري”، وصولاً إلى روايات أخرى روج لها الإيرانيون تحدثت أن صاروخاً أطلق من خارج إيران، إما من دولة مجاورة أو من غواصة إسرائيلية كانت تبحر في المياه الدولية… بين هذه الروايات كلها وفي كل الأحوال وبصرف النظر عن الرواية الحقيقية او تلك التي سيعتمدها الإيرانيون، يمكن القول إن الاختراق الإسرائيلي في إيران مخيف، ويتعمق عاماً بعد عام، وخصوصاً أن ثمة عمليات استخبارية قام بها “الموساد” كسرقة أرشيف البرنامج النوي الإيراني العسكري السري، أو اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده في قلب طهران بواسطة مدفع “روبوت” تم التحكم به عبر الأقمار الصناعية. وثمة كذلك عمليات أخرى لا تقل خطورة مثل أعمال تخريبية في قلب المنشآت النووية، وصولاً إلى احتمال أن يكون الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي الذي قضى في 20 أيار (مايو) الفائت مع وزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان ومسؤولين آخرين بسقوط مروحيتهم فيما كانوا عائدين من مناسبة رسمية على الحدود مع جمهورية أذربيجان، لم يمت بسبب خلل تقني في الطائرة، بل ربما اغتيل على يد “الموساد” الإسرائيلي في عملية أتت رداً على استهداف إسرائيل في 13 – 14 نيسان (أبريل) الفائت، أي قبل خمسة أسابيع على حادثة مروحية الرئيس الإيراني.
بالنسبة إلى “حزب الله” واغتيال أرفع مسؤول عسكري في التنظيم، من الصعب تجاهل الظاهرة عينها. أي الاختراق المخيف الذي بدا واضحاً مع تزايد أعداد القادة والمقاتلين التابعين للتنظيم (أكثر من 350) الذين تم اغتيالهم منذ 8 تشرين الأول (أكتوبر) على مدى الخريطة اللبنانية، وصولاً الى سوريا في دمشق، حلب، وحمص. والاغتيالات أتت كعمليات استخبارية وليس في اطار مواجهات عسكرية، مما يعني أن حرب الاستنزاف التي باشرها “حزب الله” ضد إسرائيل تحت شعار “الإسناد” لم تحل دون تدمير قطاع غزة، وأنزلت بالجناح العسكري في “حزب الله” خسائر فادحة، كان آخرها اغتيال فؤاد شكر في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت في المربع الأمني الضيق حيث يقيم معظم قادة الحزب السياسيين والعسكريين. ومن هنا الارتباك الكبير في تفكيك شيفرة الاغتيالات الإسرائيلية الدقيقة. ومثل الإيرانيين يبدو “حزب الله” عاجزاً عن وقف هذا التدهور الأمني الذي جعله مكشوفاً، وحوّل حرب الاستنزاف من وسيلة تستخدمها إيران وذراعها في لبنان لإرباك إسرائيل أمنياً إلى مناسبة استغلتها إسرائيل للنيل من الجسم العسكري لـ”حزب الله” من مقاتليه الى قادته الميدانيين وصولاً الى ارفع قادته.
وعندما نتحدث عن سقوط 350 مقاتلاً وقيادياً عسكرياً فإننا نتحدث عن رقم كبير نسبياً. فقيادة “حزب الله” التي تزعم أن قواته تبلغ 100 ألف مقاتل، تعرف تماماً أن الرقم مبالغ فيه. وهو دعاية و”بروباغاندا” سياسية وإعلامية. ومن هنا الخسارة وإن لم تكن بمستوى يؤدي إلى تفكك التنظيم أو انهياره، فإنها حتماً بمستوى يترك تأثيراً كبيراً نسبياً، وينشر شعوراً بانعدام الأمان الدائم في كل مكان وأوان.
في المقلب الآخر لن نستغرب إذا أتى من يقول إنه بعد اغتيال هنية في المجمع الخاص بكبار الضيوف وبحماية “الحرس الثوري” في طهران، فإنه من المنطقي أن يتراجع شعور أهم أركان القيادة الإيرانية بالأمان في عقر الدار. لم تعد الضاحية الجنوبية لبيروت حصناً منيعاً. ولم تعد طهران قلعة عصية على الاختراق.
علي حماده- النهار العربي