بيطار يختم تحقيقاته قبل نهاية 2024: تورط أسماء جديدة…من فجرّ المدينة بأهلها؟
عشية الرابع من شهر آب العام 2024، الذكرى السنويّة الرابعة لتفجير مرفأ بيروت، ثمة الكثير من الأسئلة التي تدور في فلك هذه القضية؛ من فجّر المدينة بأهلها؟ أين العدالة؟ هل سيصدر القرار الظني؟ ومن هي الأسماء المتورطة؟
من صوّان إلى البيطار
بعد تفجير المرفأ، وتدمير العاصمة بيروت، سُلّم ملف المرفأ إلى القاضي فادي صوان، وأمضى ستة أشهر في موقع المحقق العدلي، ادعى خلالها على 37 شخصًا، قبل أن يصدر قرار تنحيته عن الملف. ففي العام 2021، قررت محكمة التمييز الجزائية البت بدعوى الارتياب المشروع المقدمة من الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر، وأصدرت قرارًا بتنحية صوان عن الملف، ونقل الملف من يده إلى يد القاضي طارق البيطار.
تابع البيطار الملف من النقطة التي توقف عندها صوان، وشكل البيطار نقطة تحول داخل القضاء اللبناني، فكان من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل، بحكم سياسته القائمة على التغريد خارج السرب. فهو القاضي الوحيد الذي انقلب على السلطة السياسية اللبنانية وقرر مواجهتها؛ ادعى على السياسيين، وحدد جلسات استجوابهم وكسر “قدسية” المنظومة السياسية التي حظيت بها طيلة العقود الماضية.
خطوات البيطار أثارت غضب السلطة السياسية المتهالكة في لبنان، التي لم تكن معتادة على المساءلة والملاحقة، حاولوا تغييره و”قبعه”، ففشلوا. واعتراضًا على إجراءاته، كُفت يده، نتيجة دعاوى المخاصمة والرد والارتياب المشروع التي رُفعت ضده، وعُرقل مسار التحقيقات وتوقف لأشهر طويلة. لكن الرجل المتمرد أبى ترك الملف، فتوصل إلى اجتهاد قانونيّ قوامه أن المجلس العدلي هيئة مستقلة موازية للهيئة العامة لمحكمة التمييز، وأي قرار ينص على تنحية المحقق العدلي هو إلغاء لموقع تم إنشاؤه بموجب مرسوم وزاري. ولا يحتاج إلى إذن لملاحقة المدعى عليهم لكونه مفوضًا للقيام بهذه المهمة. فعاد إلى ملفه، ووسّع دائرة الادعاء فشلمت قادة أمنيين وقضاة، ومن بينهم المدعي العام التمييزي المتقاعد غسان عويدات، وهي سابقة لم تحصل قط.
“الإنقلاب القضائي”
دخل الملف في مرحلة جديدة، عنوانها “الانقلاب القضائي على البيطار”، فادعى عويدات على البيطار بجرم إغتصاب السلطة وأخلى سبيل جميع الموقوفين، ومنع النيابة العامة التمييزية من التواصل مع البيطار. ونجح عويدات بتقييد البيطار، لكونه بحاجة ماسة وضرورية إلى التعاون والتنسيق مع النيابة العامة التمييزية. جمّد البيطار التحقيقات خصوصًا بعدما تمكنت المنظومة السياسية من تحويل هذا الملف إلى ملف سياسي وطائفي، ففجرت اشتباكات الطيونة بين العناصر المسلحة من الثنائي الشيعي وحزب القوات اللبنانية، والتي شكلت انذارًا واضحًا بإحياء الحرب الأهلية في لبنان.
فشل المفاوضات السرية
تعقيدات كثيرة طغت على هذا الملف، لكن أهالي الضحايا وأصحاب الحق استبشروا خيرًا بالمدعي العام التمييزي الحالي، القاضي جمال الحجار الذي تسلّم هذا المنصب بعد عويدات، معتقدين أنه سيتمكن من حلحلة هذه القضية وكسر قيود عويدات. اجتماعات كثيرة جمعت الحجار بالبيطار، لكنها باءت بالفشل بعد رفض البيطار تجزئة الملف إلى مراجع عديدة. وبحسب مصادر قضائية لـ”المدن” فإن الحجار سيحاول إيجاد حلول أخرى لعودة التحقيقات، وقد يتجه إلى التنحي عن هذا الملف”.
وأمام هذه الصعوبات، استمر البيطار في مواجهته، وقاد تحقيقاته بحثًا عن العدالة للضحايا، اتهم بالتسييس وبإغتصاب السلطة، وبالاستنسابية، وحُول إلى قاض معزول، بلا مناصرين، لكنه تابع ملفه وأوراقه داخل مكتبه في قصر عدل بيروت من دون أي ضجيج.
استئناف التحقيقات
تؤكد مصادر قضائية لـ”المدن” أن البيطار سيستأنف تحقيقاته، وستحدد جلسات استجواب المدعى عليهم خلال المرحلة المقبلة، ومن المتوقع أن تكون الجلسة الأولى بعد انتهاء العطلة القضائية، أي بعد الخامس عشر من أيلول المقبل. وعلى الرغم من “فتور” العلاقة بين النيابة العامة التمييزية والمحقق العدلي إلا أن جهة قضائية جديدة استجابت للبيطار وبدأت بالتعامل معه، وهذا يعني أن الملف قد يصب في مساره الصحيح ولكنه بحاجة إلى قليل من الوقت. وقد علمت “المدن” من القاضي البيطار “أنه متمسك بالملف حتى إصدار القرار الظني”. وبحسب معلومات “المدن” فإن البيطار سيحاول إنهاء التحقيقات قبل نهاية العام 2024، ليحول الملف إلى النيابة العامة التمييزية ليصدر بعدها القرار الظني ويحول للمجلس العدلي، كما أن التحقيقات التي تخطت الـ1000 صفحة أظهرت تورط أسماء جديدة في هذا الملف.
فرح منصور- المدن