في تطور هو الأخطر: ضربتان إسرائيليتان موجعتان في بيروت وطهران!
في تطور هو الأخطر منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أعلنت حركة “حماس” في بيان صباح اليوم الأربعاء اغتيال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية “في غارة صهيونية (إسرائيلية) غادرة على مقر إقامته في طهران”، بعد مشاركته في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
وعلق عضو المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق على اغتيال هنية بالقول إن “اغتيال القائد إسماعيل هنية عمل جبان ولن يمر سدى”.
ومن جهته، ذكر الحرس الثوري الإيراني في بيان أن هنية وأحد حراسه“استشهدا إثر استهداف مقرهما في طهران”، بحسب وكالتي “مهر” و”تسنيم” الإيرانيتين للأنباء.
وجاء اغتيال هنية غداة اغتيال إسرائيل أحد أبرز قيادات “حزب الله” في ضربة بالضاحية الجنوبية لبيروت، لتفتح الباب أمام فصل جديد من عمر الصراع، يقول مراقبون إنه سيشهد تغييرا لقواعد المواجهة بين ما يعرف بمحور المقاومة وإسرائيل، فالأخيرة لم تنفذ تهديدها بعد هجوم الجولان وضربت في العمق اللبناني فحسب، بل جسدت فكرة “اليد الطولى” التي طالما تباهت بها وتمكنت من تحقيق “صيد ثمين” آخر، هو إسماعيل هنية من قلب طهران.
وكان القائد العسكري الأبرز في “حزب الله” سيد محسن المكنى بفؤاد شكر اغتيل الثلاثاء في غارة استهدفت مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت أوقعت كذلك قتلى وجرحى مدنيين.
وفي الوقت الذي شنت فيه إسرائيل هذه الضربة خرج مسؤولوها ليؤكدوا أن “حزب الله” تجاوز الخطوط الحمراء، بينما يترقب الكثيرون رد الجماعة اللبنانية المسلحة، الذي يتوقع أن يخرج عن نطاق المواجهات شبه اليومية مع إسرائيل منذ عدة أشهر، بعدما كان يقتصر على المنطقة الحدودية بين لبنان وإسرائيل.
فالحزب حذر سابقا من الاقتراب من بيروت وهدد بأن الرد سيطال حيفا وتل أبيب، كما أوضح أن استهداف المدنيين سيقابل بالمثل، ومن وجهة نظره فقد تخطت إسرائيل الخطوط الحمراء هي الأخرى، ومن ثم فلا التزام من جانبه بقواعد الاشتباك.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت: “في عملية قاتلة ودقيقة ومهنية، قتلت قوات الجيش الإسرائيلي الثلاثاء رئيس أركان حزب الله. يد سيد محسن ملطخة بدماء العديد من الإسرائيليين، وقد أثبتنا الليلة أن هذه الدماء لا تذهب هدرا وأنه لا يوجد مكان نتردد في الذهاب إليه من أجل تكبيد ثمن باهظ لكل من يحاول الإضرار بإسرائيل”.
في الوقت نفسه، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هجاري: “لا نريد حربا مع حزب الله ولكننا مستعدون لها”.
وتحدثت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن تنفيذ الهجوم بواسطة مقاتلات “إف 35″، في حين ذكر موقع “واللا” العبري أن المبنى الذي كان يوجد فيه شكر في الضاحية الجنوبية تعرض للاستهداف بثلاثة صواريخ ثقيلة.
ويرى مراقبون أن الضربة الإسرائيلية التي جاءت بعد نحو 72 ساعة على حادث قرية مجدل شمس في الجولان، الذي تصر تل أبيب على تحميل “حزب الله” المسؤولية عنه رغم نفي الأخير، فتح الباب على مصراعيه أمام تصعيد هو الأخطر منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في تشرين الأول الماضي.
وربما يلجأ “حزب الله” لاستخدام أوراق يفاجئ بها إسرائيل من حيث طبيعة المواقع التي قد يستهدفها أو نوعية الأسلحة المستخدمة، لا سيما بعدما كشف في أكثر من مناسبة مؤخرا عن لقطات مصورة لمواقع استراتيجية داخل إسرائيل جمعتها مسيرات أطلق عليها “الهدهد”.
كما يتوقع أن تصعد الجماعات المسلحة في كل من العراق وسوريا واليمن عملياتها ضد أهداف إسرائيلية، ما يجعل قادم الأيام محملا بكثير من التطورات التي تقترب بمنطقة الشرق الأوسط من منعطف خطير قد يقودها لحرب إقليمية واسعة لطالما أعرب الكثيرون من قادة دول العالم عن خشيتهم من الانزلاق إليها.
وفي ظل هذه المعطيات، يرى محللون أن نتنياهو حقق هدفا مزدوجا من وراء ضربة بيروت، فمن جهة وجه ضربة قوية لـ”حزب الله” كما توعد، ومن جهة أخرى أراد التأكيد على ما ذكره في الكونغرس الأميركي الأسبوع الماضي عن أن أمن إسرائيل وأمن الولايات المتحدة مرتبطان بشكل وثيق، من خلال اغتيال الرجل الثاني في “حزب الله” المدرج على قائمة العقوبات الأميركية والتي رصدت واشنطن 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه، بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”، بسبب ضلوعه في تفجير ثكنات مشاة البحرية الأميركية في بيروت عام 1983، ما أسفر عن مقتل 241 من أفراد الجيش الأميركي وإصابة 128 آخرين.
وبالفعل جاء رد الفعل الأميركي مؤيدا لما أقدمت عليه إسرائيل، وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون أن “التزامنا بأمن إسرائيل ثابت ولا يتزعزع ضد جميع التهديدات المدعومة من إيران، بما في ذلك حزب الله اللبناني… لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الشديدة التي تواجهها. في الوقت نفسه، تواصل الولايات المتحدة العمل على إيجاد حل دبلوماسي لإنهاء هذه الهجمات الرهيبة والسماح للمواطنين من كلا الجانبين بالعودة بأمان إلى ديارهم”.
وفي الأثناء، نقلت وسائل إعلام عبرية عن تقارير غربية أن بوارج حربية أميركية تحركت نحو سواحل لبنان، وتباينت التقديرات بشأن السبب وراء ذلك ما بين الاستعداد لعمليات إجلاء محتملة للرعايا الأميركيين وما بين القيام بعمليات إسناد للجيش الإسرائيلي من خلال إسقاط مسيرات محتمل إطلاقها على إسرائيل.
كما علقت كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي المرشحة المحتملة لخوض الانتخابات الرئاسية عن الديمقراطيين على المستجدات، مؤكدة في تصريحات نقلها موقع “أكسيوس” على “حق إسرائيل الدفاع عن نفسها في مواجهة منظمة إرهابية مثل حزب الله”.
على الجانب الآخر، نددت إيران وروسيا وسوريا والعراق بالضربة الإسرائيلية، واعتبرتها، في بيانات منفصلة، “انتهاكا واضحا” لسيادة لبنان وللقانون الدولي. وقالت الخارجية الإيرانية إنه “من حق لبنان حكومة وجيشا ومقاومة الرد على العدوان الصهيوني”.
أجواء مشحونة وتصعيد يقابل بتصعيد على الرغم من تأكيد إسرائيل وخصومها مرارا على عدم رغبة أي من الطرفين في الدخول في حرب مفتوحة، ليبقى ضبط النفس والسيطرة على الأمور وعدم السماح بتوسيع رقعة الصراع، مجرد دعوات وأمنيات ربما لا تجد مصغيا لها مع تصاعد نذر تلك الحرب التي تشي جميع الشواهد بأنها ستثقل كاهل دول المنطقة المنهكة بالفعل جراء الصراعات والحروب القائمة.