لبنان في عين العاصفة: تفاصيل السيناريوات المتوقّعة للحرب… أحلاها مرّ!

أصبح لبنان في عين العاصفة على الرغم من كل الضغوط الأميركية لإبعاد شبح الحرب، وهذا ما يبدو واضحاً من تصاعد وتيرة الاشتباكات بين اسرائيل و”حزب الله”، واستمرار السفارات الأجنبية في إصدار بيانات تدعو فيها رعاياها إلى مغادرة لبنان أو تجنّب السفر إليه، ما يُعزّز المخاوف من سوء التقدير في الأسابيع المقبلة.

من الواضح أن احتمالات نشوب حرب بين اسرائيل و”الحزب” أصبحت أقوى مع انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من الانتخابات الرئاسية، ما يجعل الوقت المبتقي من عهده من دون فاعلية ويُعطي رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي يزور الولايات المتحدة حالياً، هامشاً أكبر من الحرية لاستكمال معركته ضد حركة “حماس” في قطاع غزة من جهة والاستمرار في حربه ضد “حزب الله” في الجنوب من جهة أخرى، وربما توسيعها لإجباره على التراجع بضعة كيلومترات عن الحدود.

أمام هذا الواقع المرعب، يتوقّع الخبراء العسكريون سيناريوات عدة لما ستشهده الجبهة الجنوبية في لبنان:

– السيناريو الأول قد يكون الأكثر “نعومة” وتفاؤلاً، ويرتبط بالمساعي الديبلوماسيّة التي تهدف إلى التوصّل لإتفاق هدنة بين اسرائيل و”حماس”، ما يسمح للأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله بادعاء أن جبهة المساندة أدت إلى إنهاء الحرب في غزة. وبهذا، ينزل عن الشجرة ويخفّف من منسوب التوتّر مع إسرائيل، وخصوصاً إذا فعلت الأخيرة الأمر نفسه.

وقد يعطي ذلك قوة دفع لمفاوضات غير مباشرة بين اسرائيل ولبنان بقيادة الولايات المتحدة وفرنسا، تؤدي في النهاية إلى سحب “الحزب” مقاتليه حوالي 6 إلى 8 كيلومترات عن الحدود فيما تنسحب إسرائيل في المقابل من 13 نقطة متنازع عليها.

وإذا حصل هذا السيناريو، فمن المرجّح أن يحتفظ “الحزب” بترسانته الهائلة، الجاهزة للاستخدام في الحرب المقبلة مع اسرائيل إذا شنّت ضربات بعيدة المدى لتدمير المنشآت النووية الايرانية تحت الأرض.

لكن مثل هذا السيناريو تعوقه رغبات نتنياهو ومخططاته الهادفة إلى تحقيق انتصار في غزة لمنع انهيار ائتلافه الحاكم. والسبب أنه يبحث عن إنجازات كقتل زعيم “حماس” يحيى السنوار أو إنقاذ المزيد من الرهائن، وربما بعد ذلك، قد يقبل نتنياهو بتسوية تفضي إلى وقف إطلاق النار.

– السيناريو الثاني الذي يتوقّعه الخبراء العسكريون، بالتزامن مع عمليات حربيّة لاسرائيل في غزة لاغتيال قادة “حماس” كما فعلت منذ فترة قليلة مع محمد الضيف، قد تشن القوات الجوية غارات خاطفة في جميع أنحاء جنوب لبنان وهي أعلنت منذ يومين أنها ستستهدف مواقع جديدة وبعيدة لـ”الحزب” في العمق الجنوبي، مع تجنب المراكز السكنيّة إلى حد كبير، بهدف تدمير مخازن صواريخ “الحزب” ومسيّراته، وسيستتبع ذلك ردّ لـ”الحزب” في شمال اسرائيل. لكن الخبراء لا يتوقعون أن تؤدي الغارات الجوية الاسرائيلية إلى دفع قوة “الرضوان” إلى التراجع عن الحدود من دون توغل بري. علماً أن هناك تحذيرات أميركية من أن مثل هذا الهجوم من شأنه أن يزيد من خطر التدخل العسكري الايراني إلى جانب “الحزب”.

– أما السيناريو الثالث فقد يحصل نتيجة ضربة خاطئة على أحد جانبي الحدود، ما يؤدي إلى مقتل عدد كبير من المدنيين وإطلاق دوامة من الانتقام، يتدحرج معها التصعيد إلى حرب واسعة. وقد أعرب مسؤولون غربيون، بما في ذلك الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، عن مخاوفهم من وقوع مثل هذا الحادث.

وقد يقرر القادة الاسرائيليون وضع حد للصراع قبل أن يستهدف “الحزب” المدن الاسرائيلية الكبرى مثل حيفا بصواريخ دقيقة التوجيه. ويعتبر الخبراء أن هناك احتمالاً لتدخل الميليشيات الممانعة الأخرى المنتشرة في سوريا والعراق واليمن في هذه الحرب. ويستتبع ذلك حشد من الولايات المتحدة والحلفاء للمساعدة في الدفاع عن إسرائيل إلا أنه سيكون من الصعب على طائرات F-16 وF/A-18 الأميركية أن تتصدى بصورة فاعلة للعديد من صواريخ “الحزب” القصيرة المدى عند إطلاقها بطريقة جماعية، فتطغى على بطاريات القبة الحديدية الاسرائيلية، ما يخلّف خسائر كبيرة وأضراراً في شمال اسرائيل. وإذا تدخل الحرس الثوري الإيراني بصورة مباشرة بصواريخه الباليستية ومسيّراته، فقد تتورط الادارة الأميركية في ما هو أبعد من الجانب الدفاعي.

– ويبقى السيناريو الرابع والأخير الذي قد يحصل بضغط داخلي على حكومة نتنياهو لتمكين العودة الآمنة لسكّان الشمال إلى قراهم. لذا قد يقرر القادة الاسرائيليون المخاطرة بشن حملة شاملة ضد “الحزب”، تستهدف آلاف المواقع في جنوب لبنان خلال الساعات الـ 24 الأولى في محاولة لشل الترسانة الاستراتيجية غير المسبوقة التي يملكها.

وقد تصل الغارات الجوية إلى بيروت، وتستهدف قيادة “الحزب” وسيطرته في محاولة لإنهاء الحرب بسرعة ومنعه من ضرب البنية التحتية الكهربائية والمائية الحسّاسة والمطارات والمنشآت البحرية والدفاعات الجوية الاسرائيلية. ولا شيء يمنع من أن تستهدف اسرائيل كبار قادة “الحزب”، بما في ذلك نصر الله ونائبه نعيم قاسم.

ويتحدّث الخبراء في هذا السيناريو عن إمكان توغل أرتال مدرعة ومشاة تابعة لجيش الدفاع الاسرائيلي في جنوب لبنان في محاولة لتدمير “الحزب” بالقرب من الحدود وإجباره على الانسحاب. ومن المرجح أن تؤدي مثل هذه الحملة إلى إيقاع خسائر كبيرة في صفوف الجانبين وتدمير الجنوب، ما سيسفر عن إطالة أمد الاضطرابات الاقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان بالفعل. كذلك سيورّط هذا السيناريو إيران والولايات المتحدة عسكرياً.

جورج حايك- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة