توافق على مضض: فتح وحماس تتصالحان لحكم غزة!

انتظرت حركتا فتح وحماس إلى حين تدمير قطاع غزة واستشهاد 39 ألف فلسطيني لتعلنا عن مصالحة في الصين كان يمكن أن تحدث مبكرا وتجنب الفلسطينيين ويلات الصراع على السلطة الذي من نتائجه المأساة التي تعيشها غزة، في حين يتساءل الفلسطينيون عن جدوى مصالحة تأتي بعد دمار القطاع.

ورغم الإشادة بالاتفاق الذي سيوفر لحماس فرصة النجاة بالانسحاب من حكم غزة دون تفكيكها، تتشكك الحركة في فرص نجاحه مثل ما جاء على لسان أحد قادتها موسى أبومرزوق.

واتفقت حماس وفتح الثلاثاء على “إنهاء الانقسام” والعمل معا لتشكيل “حكومة وفاق وطني مؤقتة” لإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة وفق ما جاء في “إعلان بكين” الذي وقعته الحركتان مع أبرز الفصائل الفلسطينية برعاية الصين.

وكشفت تصريحات أدلى بها رئيس مكتب العلاقات الوطنية في حركة حماس، عضو المكتب السياسي حسام بدران، أن الأهم في الاتفاق من وجهة نظر حماس هو منع خيار تم تداوله عن إشراك قوات إقليمية في إدارة القطاع بعد الحرب، وهو ما ينهي دور الحركة كشريك مواز للسلطة الفلسطينية في رام الله.

ويعتقد مراقبون أن الرئيس محمود عباس يريد استغلال ضعف حماس وحاجتها إلى صيغة فلسطينية لإخراجها من الأزمة، لذلك قدم سلطته كواجهة لحكم الضفة وغزة والإشراف على إعادة الإعمار والتمهيد لانتخابات عامة. في المقابل تريد حماس الاحتماء بفتح مؤقتا إلى حين اجتياز مرحلة الضغوط قبل الانقلاب عليها ثانية إن استدعى الأمر.

لكن الغطاء الذي يريد عباس أن يوفره لحماس مقابل استرجاع سلطته على كامل الأراضي الفلسطينية لن تقبل به إسرائيل وكذلك الولايات المتحدة، ما يجعل “إعلان بكين” مجرد نوايا سياسية ليس أكثر. وعلى الفور ردت إسرائيل بمهاجمة الرئيس محمود عباس لتوقيعه اتفاقا مع حماس التي توعدت تل أبيب مجددا بـ”سحقها”.

وما يؤكد الشك في استمرار الاتفاق أن حماس نفسها لا تثق بنجاحه، وهو ما عكسه كلام أبومرزوق خلال مؤتمر مشترك مع وزير خارجية الصين وانغ يي ونائب رئيس اللجنة المركزية لحركة فتح محمود العالول بقوله “نسأل الله أن يوفقنا إلى تطبيق ما وقعنا عليه وألا يكون نموذجا لما وقعناه في السابق”، في إشارة إلى فشل التوافقات السابقة.

وسبق أن شاركت الحركتان في لقاءات مصالحة طوال السنوات الماضية في مدن عربية مختلفة (القاهرة، مكة، الدوحة، الخرطوم، الجزائر) لكن الصراع على السلطة بينهما أفشل كل الوساطات لتتمسك حماس بإدارة غزة وتدفعها إلى حروب غير متكافئة إلى حين هجوم السابع من أكتوبر الذي ردت عليه إسرائيل بقوة غير معتادة ما أدى إلى إعادة احتلال القطاع وتدميره ومقتل وجرح وتهجير عشرات الآلاف وإغراقه في أزمة إنسانية كارثية تتعمق يوما بعد يوم.

وجاء في إعلان بكين أن الفصائل الفلسطينية الأربعة عشر المشاركة في الاجتماع اتفقت على “تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة بتوافق الفصائل الفلسطينية وبقرار من الرئيس (عباس) بناء على القانون الأساسي الفلسطيني المعمول به، ولتمارس الحكومة المشكلة سلطاتها وصلاحياتها على الأراضي الفلسطينية كافة بما يؤكد وحدة الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة”.

ونص الإعلان على أن “تبدأ الحكومة بتوحيد المؤسسات الفلسطينية كافة في أراضي الدولة الفلسطينية والمباشرة في إعادة إعمار قطاع غزة والتمهيد لإجراء انتخابات عامة بإشراف لجنة الانتخابات الفلسطينية المركزية بأسرع وقت وفقا لقانون الانتخابات المعتمد”.

وبدا أن الإعلان يقدم إجابة فلسطينية عن مرحلة ما بعد الحرب في غزة، وكأن حماس وفتح تعتبران نفسيهما الطرفين المحددين في تشكيل المشهد الفلسطيني بعد الحرب متغافلتين عن موقف إسرائيل الذي يقوم على تفكيك حماس وتهميش فتح وسلطة الرئيس عباس.

وتعليقا على الاتفاق قال وزير خارجية إسرائيل يسرائيل كاتس إنه “بدلا من رفض الإرهاب، يحتضن محمود عباس القتلة من حماس ويكشف عن وجهه الحقيقي”. وأكد الوزير أن قيام حكومة مشتركة بين فتح وحماس “لن يحدث لأن حكم حماس سيتم سحقه”.

وأشاد وزير الخارجية الصيني بالتوقيع على “إعلان بكين”، وأوضح أن “أهم نقطة هي الاتفاق على تشكيل حكومة مصالحة وطنية مؤقتة حول إدارة غزة بعد الحرب”.

وشدد على أن “المصالحة هي شأن داخلي يخص الفصائل الفلسطينية، لكن في الوقت عينه لا يمكن أن تتحقق من دون دعم المجتمع الدولي”.

ودعا وانغ يي سائر الدول إلى توفير الدعم للحكومة الفلسطينية التي ستنبثق عن هذا الاتفاق حتى تتمكن من “السيطرة بشكل فعال على غزة والضفة الغربية”.

من جانبه شكر محمود العالول الصين التي قال إن “لها مكانة خاصة للغاية في قلوب الفلسطينيين أطفالا ونساء ورجالا… من خلال دورها ودعمها عبر كل مسيرة النضال الفلسطيني”.

واستضافت بكين لقاء بين فتح وحماس في أبريل الماضي عندما تم الاتفاق على اجتماع آخر في يونيو قبل تأجيله. وأعربت الخارجية الصينية حينئذ عن أملها في أن تتمكن من الدفع نحو “المصالحة بين الفلسطينيين”.

ولئن كان مستقبل “إعلان بكين” غير مؤكد فإنه يعزز حضور الصين في قضايا المنطقة، خاصة بعد نجاحها في رعاية اتفاق بين السعودية وإيران.

وأكد وانغ يي أن الصين ترغب في مواصلة “الاضطلاع بدور بنّاء في الحفاظ على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط”.

العرب

مقالات ذات صلة