سيناريو حرب استباقية: أضرار غير مسبوقة للسكان المدنيين والبنية التحتية الوطنية
لبنان وإسرائيل: سيناريو حرب استباقية
بعد مرور أكثر من تسعة أشهر على حربها مع “حماس” في قطاع غزة، تبدو إسرائيل حالياً أقرب من أي وقت مضى الى حرب أكبر مع لبنان، وفقاً لمقال في موقع “فورين أفيرز”. وحسب المقال، “قد تخلف أي حرب شاملة عواقب أكبر بكثير من تلك المسجلة في غزة، ومن المرجح أن يؤدي أي هجوم جوي وبري إسرائيلي الى اضطرابات في جميع أنحاء المنطقة، كما قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار خصوصاً مع دخول الولايات المتحدة مرحلة حاسمة من موسم الانتخابات الرئاسية. ومن غير الواضح أيضاً ما إذا كانت مثل هذه الحرب قد تنتهي بسرعة أو بنصر حاسم.
التداعيات ستكون صارخة بالنسبة الى إسرائيل نفسها، وفقاً للتحليل. فعلى الرغم من أن أنظمة الدفاع الجوي الاسرائيلية حققت فعالية حتى الآن، ستختلف القواعد بصورة تامة في الحرب الشاملة. وفي الوقت الراهن، يتمسك الجانبان بممارسة ضبط النفس. في الواقع، يبدو أن جميع الجهات الفاعلة المنخرطة في الصراع الحالي (إسرائيل وحزب الله وإيران والحكومة اللبنانية، والولايات المتحدة) تمتلك أسباباً قوية لمحاولة تجنب حرب إقليمية. ولكن حتى لو تمكنت إدارة (جو) بايدن من التوصل الى اتفاق بين إسرائيل وحزب الله يتضمن انسحاب قوات الحزب من المنطقة المحيطة بالحدود، لا يزال القادة الاسرائيليون يجدون صعوبة في عدم الرد على الجمهور المحلي الذي يفضل الحرب مع حزب الله. وإذا استسلمت إسرائيل لهذا الإغراء من دون وضع نهاية واضحة المعالم أو استراتيجية للحد من الحرب، فستأتي النتائج مدمرة.
وعلى النقيض من حربها غير المتوقعة في غزة، تستعد إسرائيل منذ فترة طويلة لحرب مع حزب الله. وحاول وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت وبعض الجنرالات الضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للموافقة على عملية كبرى ضد حزب الله والتي ستشمل بصورة واضحة اغتيال كبار قادة الحزب. لكن نتنياهو فهم رسالة بايدن وأدرك أيضاً أن أي هجوم كبير على حزب الله من المرجح أن يؤدي إلى غزو بري لجنوب لبنان أيضاً، وشكك في قدرة الجيش على خوض حروب شرسة على جبهات متعددة.
ومع تطور الحرب في غزة، بقي الوضع على طول الحدود الشمالية متقلباً. وعلى الرغم من أن كلا الجانبين مارسا درجة من ضبط النفس، قررت إسرائيل التصعيد في أكثر من مرة. وقام حزب الله بدوره تدريجياً بزيادة نطاق هجماته الصاروخية وكميتها، لكن التأثير الأكبر على إسرائيل حتى الآن قد يتمثل في تهجير عشرات الآلاف من الاسرائيليين على المدى الطويل. وفي قلب المواجهة بين إسرائيل وحزب الله يكمن وجود الحزب جنوب نهر الليطاني، وبالتالي، فإن المطلب الأكثر أهمية لإسرائيل هو بقاء وحداته، شمال النهر. ويحاول آموس هوكشتاين، المبعوث الخاص للرئيس بايدن إلى المنطقة، منذ أواخر العام 2023، التوسط في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، لكن الأخير أوضح أنه سيواصل القتال طالما أن الحرب الاسرائيلية في غزة مستمرة.
وفي أوائل يوليو/تموز، أطلقت واشنطن حملة جديدة للتوصل إلى صفقة رهائن بين إسرائيل وحماس، تشمل وقف إطلاق النار في غزة بالتوازي مع تنفيذ الجزء الأول من صفقة تبادل الأسرى. إذا نجحت هذه الخطة (والفرص تبدو ضئيلة في الوقت الحالي)، فسيعمل البيت الأبيض على الفور على دفع المفاوضات الاسرائيلية اللبنانية إلى الأمام. وفي ما يتعلق بالجبهة الشمالية، تنظر قيادة الجيش الاسرائيلي إلى وقف إطلاق النار في غزة باعتباره لحظة فاصلة من شأنها أن توفر فرصة لإنهاء التوتر على الحدود.
لكن الافتراضات الأميركية والاسرائيلية حول الانفراج مع حزب الله ربما تبدو متفائلة أكثر من اللازم، حسب التحليل. ويصعب تصور اتفاق مستدام بين الطرفين إذا ما نظرنا إلى التجارب التاريخية (…) وقد يقرر أحد الطرفين توجيه ضربة استباقية الى الآخر. ومع ذلك، على الرغم من تهديدات نتنياهو وغالانت بتدمير لبنان بالكامل إذا شن حزب الله حرباً شاملة، لا يبدو أن أياً منهما حريص على مثل هذا السيناريو حالياً.
وفي حال اندلعت حرب واسعة النطاق، يمكن افتراض أن الجيش الاسرائيلي سيفضّل في الغالب صراع المواجهة، الذي يعتمد فيه بصورة أساسية على تفوقه الجوي وقدراته الهجومية الدقيقة. ومن المحتمل أيضاً أن يقوم جنرالات إسرائيليون بتوغل بري. وفي الوقت الحالي، يواصل الجانبان السعي الى استعادة الردع، على الرغم من الهجمات المتصاعدة. ولكن إذا انفجر الوضع، فستشهد الحدود والبلدان أيضاً، حرباً شاملة مع أضرار غير مسبوقة للسكان المدنيين والبنية التحتية الوطنية. ونظراً الى الحروب الماضية بين إسرائيل ولبنان، من غير المرجح أن تنتهي مثل هذه الحرب بسهولة!”.
لبنان الكبير