تخوف من لجوء الإسرائليين إلى تكريس معادلة: تل ابيب مقابل بيروت؟

بين محكمة العدل ورهانات نتنياهو: أتكون تل ابيب مقابل بيروت؟

 

 

استبق الكنيست الإسرائيلي جلسة محكمة العدل الدولية المخصصة لإقرار مطالعة تدين إسرائيل بمجازرها، ومشاريعها الإستيطانية وكل أنشطتها. أقرّ الإسرائيليون في الكنيست رفضهم لإقامة دولة فلسطينية. بخلاف كل المواقف الدولية التي تعلن التمسك بخيار حلّ الدولتين وحق الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة. ما من شأنه أن يطيل أمد الصراع والذي لن يكون مقتصراً على غزّة فقط. خطوة الكنيست الإسرائيلي والتي كان قد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مواقف مشابهة لها برفض الدولة الفلسطينية، تريدها حكومة اليمينيين كمستند تنطلق منه تل أبيب في مفاوضاتها مع القوى الدولية وخصوصاً مع الولايات المتحدة الأميركية. ما يراهن عليه نتنياهو هو وصول دونالد ترامب إلى السلطة في أميركا لإعادة إحياء “صفقة القرن”.

في المقابل، يأتي قرار محكمة العدل الدولية والذي يحتوي على نقاط أساسية من شأنها أن تحدد ثوابت تاريخية على مستوى القانون الدولي، فيمكن وصف ما صدر عنها بأول وثيقة دولية وقانونية يمكن الإستناد عليها تاريخياً لفرض حلّ الدولتين. وهي التي يمكن للقوى الإقليمية والدولية والفلسطينية الإستفادة منها للعمل على فرض تحقيقها وانتزاعها في كل السبل إما بمفاوضات سياسية، وإما بضغوط، وإما بشرعية عمل المقاومة لتحصيل ما أقر على المستوى الدولي. طبعاً لا يمكن الغرق في وهم رضوخ إسرائيل أو القوى الداعمة لها للقانون الدولي، ولكن ما جرى هو استثناء يمكن المراكمة عليه على أكثر من صعيد.

تسمية الاحتلال باسمه

إنها المرة الأولى التي يتم فيها استخدام عبارة “احتلال” من قبل سلطة دولية تابعة للأمم المتحدة، تخص إسرائيل، بالإضافة إلى إدانة مشاريع الإستيطان الذي تحول إلى عملية ضم وسطو على أراضي الفلسطينيين. ومما أقرته المحكمة هو أنه على اسرائيل الإنسحاب من دون إبطاء من كامل الأراضي المحتلة منذ العام 1967، مع التأكيد أن الضفة الغربية وغزة هي وحدة قانونية على الصعيد الجغرافي، بما يشكل أسساً للدولة الفلسطينية التي ستقوم على هذه الأراضي. وفي هذا الإطار طلب القرار إخلاء جميع المستوطنات ويطلب من الدول عدم الإعتراف والتعامل مع الإحتلال وفرض واجب عليها لوضع حدّ له، إلى جانب الحكم بالتعويض لكل المتضررين.

سارع الإسرائيليون للردّ على القرار، وبالتأكيد سيلجؤون إلى ممارسات تتناقض مع فحواه، وهو ما سيعقد أي مسار من مسارات الحلول أو التهدئة أو وقف إطلاق النار أو طرح مشاريع السلام. لكن إسرائيل لم تعد فقط متهمة دولياً بممارسة أعمال ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية في غزة، ومدعوة إلى وقف العمل العسكري وعمليات التهجير الممنهج، بل هناك جبهة أخرى مفتوحة بوجهها وهي جبهة مشاريعها الإستيطانية وخصوصاً في الضفة الغربية وغور الأردن.

رهانات نتنياهو

سياسياً سيتكرس الإنقسام عمودياً، بين دول تؤيد قيام الدولة الفلسطينية وبين رهانات نتنياهو على فوز دونالد ترامب في رئاسة الولايات المتحدة الأميركية لإعادة إحياء المشروع القديم، فنتنياهو يراهن على ترامب لإعادة السفارة إلى القدس وبالتالي منحها لإسرائيل وفتح الطريق أمام مشروع التهجير من الضفة لصالح الإستيطان، والذي يمكن أن يكون بازاراً للمقايضة بينه وبين ترامب، أي تحقيق أهداف بعيدة المدى مقابل وقف الحرب على غزة.

كل المسارات السياسية الدولية التي يواجهها نتنياهو ويتصدى لها، يقابلها إصرار لديه على مواصلة الحرب والسعي إلى توسيعها في مواجهة توحيد الجبهات من قبل إيران وحلفائها الذين يلجؤون الى التصعيد أكثر باستهداف تل أبيب بدافع الضغط لوقف النار في غزة. هنا لا بد من ترقّب ما سيحمله نتنياهو خلال زيارته إلى أميركا وما المسار الذي سيسلكه بعدها، علماً أنه لا يزال يسعى إلى رفع منسوب الضغوط للحصول على المزيد من الدعم والتغطية لمواصلة الحرب ولتصعيد الإستهداف ضد حزب الله أو ضد الحوثيين في اليمن. في هذا السياق، هناك تخوف من لجوء الإسرائليين إلى تكريس معادلة تل أبيب مقابل بيروت.

منير الربيع- المدن

مقالات ذات صلة