ما يجري هو صراع إيراني أميركي: في الجنوب أكبر من إسناد وأصغر من حرب شاملة

هدوء ليل الجنوبيين خرقته ليل أول من أمس غارتان حربيتان واستهداف مسيّر في الوقت نفسه على بلدات مجدل سلم، الجميجمة، شقرا وميس الجبل، ما أسفر عن أكثر من عشر إصابات بين مدنيين وعسكريين ينتمون الى “حزب الله”، الذي نعى في بيان رسمي مقتل عنصرين من عناصره نتيجة هذه الاستهدافات أحدهما في قوّة “الرضوان”، من دون ذكر اسمي الجريحين لأسباب أمنية.

ورداً على الاعتداءات المكثفة التي قام بها الجيش الاسرائيلي ليلاً، قصف الحزب للمرة الأولى مستعمرتي “أبيريم”، و”نيفيه زيف” بصلية من صواريخ الكاتيوشا.

فهل افتتح الاسرائيليون المرحلة الجديدة من الحرب التي تحدّث عنها الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله، قبل أيام، بإستهداف المدنيين، خصوصاً في غياب المحادثات الفعلية حول وقف إطلاق النار؟

في الأشهر الماضية كان من الواضح أن الحرب مضبوطة وفق اطار معين وتحت سقف واحد، وفق قواعد تقول إن لا نية ولا مصلحة بالتصعيد من الطرفين.

العميد السابق والمحلل العسكري أمين حطيط، يستبعد حصول حرب شاملة في الوقت الحالي، بحسب تصريحه لموقع “لبنان الكبير”، مشيراً إلى أن المجريات على الأرض كشفت العديد من نقاط ضعف الجيش الاسرائيلي ما يمنعه من المضي قدماً في أي تصعيد، وخصوصاً الخرق الذي تعرّض له من الحوثيين فجر الجمعة، في سابقة تعتبر الأولى من نوعها، فلن يتهوّر الاسرائيلي قبل أن يدرس خطواته ويعمل على سدّ ثغراته الأمنية.

ويفسّر حطيط تصرّف الاسرائيلي الذي قام به مؤخراً، بأنه قد يكون تأكيداً على استمراره في عمليات الاغتيال الممنهجة التي تطال عناصر وقادة من “حزب الله”، أو جس نبض الحزب لمعرفة ما إذا كانت تهديدات الأمين العام جدّية حول استهداف المستوطنات والمدنيين، وهذا الأمر مرهون أيضاً بنوعية الردّ الذي سيقوم به الحزب على التصعيد غير المسبوق من الاسرائيلي، وكيف سيرد العدو أو يتعامل مع الاستهدافات التي نفذها الحزب على مستعمرات قصفت للمرة الأولى، وأهمها مستعمرة “افيفيم” التي لها حيثية خاصة من ناحية حجمها وكثافتها السكانية وموقعها، وما سينتج عن الاستهداف من تهجير لحوالي 4 إلى 6 آلاف مستوطن، الأمر الذي لم يكن في الحسبان.

وبرأي حطيط، فإن استهدافات الحزب رداً على التصعيد جنوباً لم تنتهِ، وقد يستغرق الأمر يومين أو ثلاثة لاستكمال الردّ الذي بدأه قبل أيام.

أمّا العميد المتقاعد خالد حمادة فيرى التصعيد جنوباً من منظار آخر لا علاقة له بخطاب من هناك أو هناك وهو أمر مستمر، بحسب ما قال لموقع “لبنان الكبير”، معتبراً أن لا تصعيد من “حزب الله” أيضاً إلاّ كردّ على الاستهدافات الاسرائيلية.

إذاً التصعيد في الجنوب مستمر وفق حمادة، خصوصاً بحسب كيفية تعامل الجيش الاسرائيلي مع أهداف الحزب التي تظهر أمامه عبر الاغتيالات وغيرها لعناصر وقادة.

ويضيف: “هذا الواقع ليس من السهل الخروج منه، وعنوان مساندة غزّة ما عاد يمثل ما يجري في الجنوب، وما يجري هو صراع إيراني أميركي”.

أمّا احتمال الذهاب إلى حرب شاملة، فالأمر غير مرتبط بقرار محلّي لا من تل أبيب ولا من حارة حريك، فهذا القرار هو قرار أميركي بالدرجة الأولى وقرار إيراني بالدرجة الثانية.

وحتى الآن يبدو أن الأمور مستمرة على هذا الشكل في ظل تعثر المفاوضات في غزّة، وفي ظل الغياب الديبلوماسي الكامل عن الجنوب اللبناني، وبالتالي المؤشرات لا تدل على أن المرحلة المقبلة ستكون أكثر هدوءاً، انما ستبقى على ما هي عليه أو الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك نحو ما يمكن تسميته حرب شاملة، فالأمر غير واضح حتى الآن لا سيما في ظل انشغال الأميركيين بالانتخابات، أو ربما خلف ذلك محاولة لرسم حدود النفوذ في الشرق الأوسط التي يبدو أن الولايات المتحدة قد عادت إليها وبقوّة.

لبنان الكبير

مقالات ذات صلة