الضربة الحوثية لتل أبيب: الحرب على لبنان ستشعل المنطقة… وروسيا دخلت على الخط!
لا يمكن المرور على عملية استهداف تل أبيب بطائرة مسيّرة متفجرة، ووصولها إلى هدفها، بشكل بسيط. فالعملية نوعية على مستويات عديدة، أهمها القدرة على الوصول. ثانيها ضرب العاصمة الفعلية، والمناطق السكنية، وجعلها غير آمنة. ثالثها، أن الضربة جاءت بعد تصعيد إسرائيلي ضد حزب الله في جنوب لبنان، ليأتي الردّ عبر الحوثيين، في إطار تعزيز مبدأ وحدة الساحات.
التكامل في المواجهة
بالنسبة إلى الإيرانيين وحزب الله فإن ما يتكرس في هذه الحرب أو المواجهة المفتوحة هو معادلة واضحة، بأنه انتهى الزمن الذي تتمكن فيه إسرائيل بالعمل عسكرياً على راحتها، وبكامل حرية الحركة، وبأي اتجاه تريده، من دون أن تكون مكبّلة أو خاضعة لضربة مضادة.
ولا شك أن من يقدم على مثل هذه الضربة، يأخذ في الحسبان ردود الأفعال، ولا بد أن يكون قد حضّر مسبقاً المزيد من الأهداف، وسيناريوهات متعددة للتعامل مع التطورات والردود. اللافت أن العملية أيضاً تأتي بعد سلسلة اجتماعات لقوى محور المقاومة، بحثت فيه في كل السيناريوهات المحتملة، والتكامل في المواجهة، لمنع إسرائيل من شنّ حرب على حزب الله في لبنان.
كما أن هناك معلومات لم يتم تأكيدها بعد، تفيد أن روسيا دخلت على خطّ توفير دعم عسكري وصاروخي للحوثيين، مع إبقاء ذلك سرياً لعدم استفزاز الأميركيين أكثر. ولكن ذلك يندرج في سياق لعب الروس دوراً أساسياً في مواجهة أميركا.
النفوذ الحوثي (الإيراني)
لا يمكن استسهال ما يقوم به الحوثيون، فهدف الانخراط في هذه المعركة له أبعاد متعددة، إلى جانب تكريس وحدة الساحات، فهناك هدف آخر يتعلّق في تكريس النفوذ الحوثي على البحر الأحمر، وعلى مضيق باب المندب، والتأثير على مسار الملاحة العالمية. وبذلك تكون طهران قد كرّست دورها ما بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط. كما أنها ستكون قادرة من خلال الحوثيين على إبقاء الأمن القومي الخليجي والسعودي تحديداً في حالة تهديد دائمة. ذلك أيضاً يذكر بما أعلنه وزير الخارجية الإيراني بالإنابة، علي باقري كني، قبل فترة، عن أن طهران تكرس نفوذها وتنتظر من الأميركيين الاعتراف به وبحصتها على مستوى المنطقة.
لعملية تل أبيب أيضاً وظيفة أخرى، هي توجيه رسالة واضحة من المحور الإيراني لتعزيز الردع، والقول للأميركيين والإسرائيليين إن طهران وحلفاءها قادرون على قلب الطاولة على مستوى المنطقة، في حال واصلت إسرائيل تصعيدها، وسعت إلى فتح جبهة جديدة ضد حزب الله في لبنان.
وهي رسالة موجهة بقوة للأميركيين عشية توجه نتنياهو إلى واشنطن للحصول على دعم. وكأن المحور يحذر الأميركيين من مخاطر إعطاء ضوء أخضر لرئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يصفه الإيرانيون، وتحديداً الحرس الثوري الإيراني، بأنه فقد عقله، ويمكن أن يقدم على فعل أي شيء. بينما في المقابل، هناك من يعتبر أن نتنياهو يسعى للحصول على دعم الجمهوريين والديمقراطيين خلال زيارته إلى أميركا، لتنفيذ ضربات أوسع في لبنان.
لذلك فإن المعادلة المراد تحقيقها من خلال عملية تل أبيب، مفادها أن إيران لا يمكن أن تقبل بتوسيع العمليات ضد حزب الله، وإلا فإن الحرب لن تبقى محصورة وستسري على المنطقة ككل.
منير الربيع- المدن