الأبواب مقفلةأمام أي حلّ رئاسي: خريطة طريق المعارضة تعرّي الممانعة!

قد تكون المبادرات الرئاسية أصبحت لزوم ما لا يلزم في هذه المرحلة، أو على الأقل هذا ما تريده الممانعة التي أقفلت الأبواب أمام أي حلّ رئاسي بدءاً من اللجنة الخماسية، مروراً بكتلتي “الاعتدال الوطني” و”اللقاء الديموقراطي” وجبران باسيل وصولاً إلى خريطة الطريق التي أطلقتها المعارضة بالأمس، وانهالت عليها وسائل إعلام الممانعة بالانتقادات، معبّرة عن إنزعاج الرئيس نبيه بري لرفضها الجلوس إلى طاولة حوار رسميّة يرأسها بنفسه، وقد أصرّت المعارضة في مبادرتها على عقد جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية إلى حين انتخاب رئيس الجمهورية، وهي الآلية الدستورية الوحيدة.

قد يظن المرء للوهلة الأولى أن لا شيء جديداً في هذه المبادرة أو أنها مجرد اجترار للمواقف التي أصبحت معروفة من خلال الجدل بين بري ورئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع. لكن في الواقع، كشف مصدر في المعارضة شارك في المؤتمر الصحافي أول من أمس أن هذه المبادرة أرادت منها المعارضة توجيه رسائل في كل الاتجاهات على الشكل الآتي:

الرسالة الأولى، عرّت فيها الفريق الممانع برفضه لكل المبادرات وآخرها ما طرحته المعارضة من آليات تنسجم مع الدستور، حتى أنه رفض التباحث فيها، وبالتالي هذا ما أكدّه أمس جعجع معتبراً أن القناع سقط عن هذا الفريق الذي ينادي بالحوار، فيما رفض اقتراحين جديين للحوار من المعارضة، مصوباً سهامه نحو بري الذي يريد وضع يده على انتخابات رئاسة الجمهورية، وإيجاد غطاء سياسي أشمل، من خلال تكريس عرف الحوار، لتعطيل فريقه للانتخابات. بالتأكيد يُدرك جعجع أن الجدل بينه وبين بري أصبح مكرراً، ومواقف الرجلين أصبحت معروفة، إلا أن هناك رأياً عاماً ومجتمعاً دولياً يُراقب والنزاع السياسي يجري على هذه الحلبة، وبالتالي لا بد من أن تكون المواقف واضحة.

الرسالة الثانية موجّهة إلى اللجنة الخماسية بأن المعارضة ليست متلقيّة فقط، إنما تبادر وتقترح وتنشط للبحث عن حلول، وحتماً هذا ما يفيد صورتها أمام المجتمع الدولي الذي أصبح واثقاً بأن الفريق الممانع لا يريد انتخابات رئاسية بل فرض إرادته على اللبنانيين، وقد انعكست هذه الأجواء على لقاء الوفد المصغّر للمعارضة مع سفراء اللجنة الخماسية أول من أمس، وأبدى السفراء ارتياحهم الى تحرّك المعارضة.

الرسالة الثالثة مضمونها أن المعارضة متماسكة ومتفقة على المبادئ الأساسية التي ترتكز على احترام الدستور، وظهورها في مؤتمر صحافي موحّد يمنع استهداف مكوّناتها فردياً، وخصوصاً “القوات اللبنانية” التي تبدو رأس حربة في هذا المجال، لأنها تشكّل الأكثرية في هذه المعارضة، وصورتها الموحّدة تُقلق الفريق الممانع، وتجعل هامش تعطيله يضيق وتحشره في زاوية خياراته الضيّقة والمهيمنة التي باتت مفضوحة أمام الرأي العام اللبناني والمجتمع الدولي.

الرسالة الرابعة هي ردّ على مبادرة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي تنازل فيها لبري عن عرف الحوار غير الدستوري، وقد أعادت المعارضة الاعتبار الى الآلية الدستورية مع إمكان التشاور من دون قواعد رسميّة، ووضعت سقفاً لأي مبادرة أخرى لا تحترم الدستور سواء أتت من باسيل أو غيره.

الرسالة الخامسة كانت لاستنهاض النواب الوسطيين الذين لا يحلّون ولا يربطون، بوجود مبادرة واضحة يُمكن أن يتبنوها ويدعموها من أجل انتخاب رئيس ينقذ البلد من التخبّط وحالة عدم الاستقرار التي سبّبها الفريق الممانع.

لا يختلف إثنان على أن الممانعة تربط مصير لبنان والاستحقاقات الدستورية فيه بحرب غزة والمكتسبات التي يُمكن أن يحققها “حزب الله” نتيجة تسوية معيّنة، فجاءت مبادرة المعارضة لتفضح خياراتها في شراء الوقت ربما لتأكيد المؤكّد، وممارسة المزيد من الضغط على هذا الفريق المعطّل الذي أدخل لبنان في المجهول.

جورج حايك- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة