تفاؤل حذر مشوب بالكثير من العقبات.. لبنان “ينتظر”!

يتقدّم مسار التفاؤل باحتمال الوصول إلى اتفاق للتهدئة في غزة، ووقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن. حسب التقديرات الدولية والأميركية تحديداً، فإن الخيارات العسكرية أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصبحت مسدودة ولا أفق لتحقيق المزيد من الإنجازات التي يسعى إليها. كما أن المرحلة الثالثة التي يتحدث عنها نتنياهو لن تؤدي إلى الإفراج عن الرهائن، وستعني التضحية بهم. ما سيفقام المشاكل داخل إسرائيل وسيزيد من حجم الضغط الذي تتعرض له الحكومة الإسرائيلية.
يتلاقى ذلك مع زيادة حجم الضغط الأميركي على إسرائيل للقبول بالاتفاق والانتقال إلى مرحلة وقف النار ووقف الحرب بشكل غير علني، من خلال استمرار المفاوضات حول المراحل الثانية والثالثة، أو البحث في اليوم التالي لما بعد الحرب.

رغبة واشنطن وطهران
في هذا السياق، استأنف رئيس المخابرات الأميركية وليم بيرنز نشاطه بزيارة قطر ومصر، لتفعيل مفاوضات الوصول إلى هدنة والإفراج عن الرهائن والمراحل التالية. حسب ما تقول مصادر ديبلوماسية غربية، فإن الضغط الأميركي على نتنياهو لا يزال يتواصل مع ضغط اسرائيلي داخلي، تمثل في التسريبات التي نشرتها صحيفة “هآرتس” حول اعتماد الجيش الإسرائيلي لبروتوكول هنيبعل يوم حصول عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول 2023 من خلال إطلاق النار وقتل الخاطف والمخطوف معاً، وهو من شأنه أن يشكل عنصر ضغط كبير على نتنياهو وحكومته.

في الموازاة، فإن واشنطن تتمسك بضرورة الوصول إلى صيغة لوقف الحرب قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، وقبل الانشغال في المعركة الانتخابية، ليكون جو بايدن قد حقق إنجازاً يمكن أن يستخدمه في محاولة لقطع الطريق على فوز دونالد ترامب. هذا الهدف يتقاطع مع طهران التي تسعى بكل ما أوتيت لتأمين نجاح بايدن أو إدارة ديمقراطية بدلاً من ترامب. ما يعني أن طهران، وبعد فوز الرئيس الإصلاحي ستكون ساعية إلى خفض التصعيد، ومساهمة في الحصول المزيد من التقارب مع الدول الأوروبية وأميركا وحتى الدول العربية.

لبنان يترقب
يترقب لبنان لكل هذه المسارات، وسط معلومات لا يمكن جزمها حتى الآن، تفيد بأنه في حال نجح بيرنز بتحقيق تقدم ونتائج إيجابية خلال مفاوضاته في قطر ومصر، يمكن أن يختم جولته على المنطقة بزيارة إلى بيروت أيضاً، لعقد لقاءات مع مسؤولين حول التأسيس لمواءمة الهدنة في غزة مع جنوب لبنان، والعمل على تحقيق وقف إطلاق النار في الجنوب أيضاً، ضمن المسار الذي تعمل عليه الولايات المتحدة الأميركية عبر المبعوث آموس هوكشتاين.

في لبنان، لا يزال هناك تضارب في قراءة المسارين السياسي والديبلوماسي، حول إمكانية توفير ظروف وفرص نجاح الصفقة. هناك تفاؤل لكنه حذر ومشوب بالكثير من العقبات التي قد يخرجها نتنياهو في سبيل العرقلة. وحسب التقديرات اللبنانية، فإن هناك مهلة أسبوعين أمام الوصول إلى هذه الصفقة. أما بحال عدم إنجازها، فستنتقل إسرائيل إلى المرحلة الثالثة من الحرب، وحينها لا بد من مراقبة تداعيات ذلك على الجبهة اللبنانية.

أما في حال نجحت الصفقة، وتم الانتقال إلى مرحلة وقف إطلاق النار بالتوازي مع المفاوضات، فإن لبنان سيسلك الطريق نفسها، على أن يأتي هوكشتاين إلى بيروت لمتابعة مساره والوصول إلى تفاهم، من وقف إطلاق النار، إلى إعادة السكان على جانبي الحدود، والبحث في مسألة عدم بروز مظاهر مسلحة جنوب نهر الليطاني، بالإضافة إلى البحث في مسار إعادة الإعمار وكيف سيتم ذلك، ومن هي الدول التي ستشارك، وصولاً إلى البحث في مسألة التحليق الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية ووقف الاعتداءات، وبعدها التركيز على ملف تثبيت الحدود، من نقطة b1 إلى معالجة الست نقاط العالقة من أصل 13 نقطة، مع حل مشكلة الغجر، وسط مطالبة لبنانية بإعادة ضمها، فيما تبقى مسألة مزارع شبعا التي ستأخذ نقاشاً أطول.

في هذا السياق، تؤكد المصادر اللبنانية المواكبة لهذا المسار، أن التنازلات لن تكون محصورة بالجانب اللبناني، بل إن الإسرائيليين سيكونون ملزمين بتقديم تنازلات من جانبهم أيضاً.

منير الربيع- المدن

مقالات ذات صلة