باسيل “يُطرّيها“ ويُطلِق “الجِهاد” إلى الانتخابات: برّي بيَد والحزب بيَد و“تطنيش” عن الحكومة!!

بعدما وازن النائب جبران باسيل طوال أشهر الصراع في غزة واشتعال الجبهة الجنوبية بين التمسّك بالخيار الاستراتيجي في التموضع ضدّ العدوّ الصهيوني والوقوف إلى جانب المقاومة في حال توسّع الحرب حتى لو أخطأ الحزب بإطلاق شرارة المواجهات في الثامن من تشرين الأول وبين تسليمه بصعوبة ربح الحزب للمعركة “في بلد مُنهار وكلّ من يفكّر عكس ذلك هو واهم”، انتقل باسيل أخيراً إلى مرحلة أكثر تقدّماً بتظهير قناعته بربح الحزب للمعركة العسكرية إذا حصلت وتسليمه بأنّ “الحزب أقوى بكثير من حماس”. حتى الوسائل الإعلامية للتيار الوطني الحرّ باتت “تتغزّل” بالقدرات العسكرية للمقاومة “التي تحقّق نقلة نوعية تلو الأخرى“.

شهيرة هي جلسة الرئيس السابق ميشال عون في منزله بالرابية في آذار الماضي مع النائب محمد رعد على رأس وفد من كتلة الوفاء للمقاومة التي سادها توتّر وكانت يتيمة خلال مسار الحرب في غزة وجنوب لبنان.

حاول بعدها الحزب الإيحاء بتفهّم عون للأسباب الموجبة لدخول المقاومة المعركة في اليوم التالي من عملية “طوفان الأقصى”، لكنّ حليف السيّد نصرالله أصرّ على الإضاءة على مكمن الخلاف مع الحزب عبر حديث إعلامي أكّد خلاله أنّ “وجهة النظر التي سمعها من وفد الحزب ضعيفة. أنا أعتبرها معركة خاسرة، وأخشى من النتائج لأنّ موازين القوى ليست في مصلحته ولا مصلحة البلد”، متحدّثاً عن “أعذار غير مقنعة، وهذه الحرب التي خاضها بمفرده ليست دفاعاً عن حدود لبنان كي نكون إلى جانبه”.

باسيل “يُطرّيها“

لم يغيّر الرئيس عون رأيه بعد تسعة أشهر من حرب غزة ولا جبران باسيل أيضاً، لا بل بات الأخير أكثر تصلّباً حيال الخطأ الكارثي الذي اقترفه الحزب حين “فَتَح معركة ليست معركتنا وأعادنا سنوات إلى الوراء”، لكن مجدّداً “يطرّيها” باسيل مع الضاحية، خصوصاً أنّ محضر لقائه مع النائب محمد رعد في 13 حزيران الماضي خلال جولاته السابقة على المرجعيات السياسية والروحية لم يكن مريحاً للطرفين بسبب كمّ المآخذ التي كالها كلّ طرف للآخر.

كما طَبَعَت اللقاء مفارقة لافتة، إذ أغفَلَ إعلام التيار الوطني الحرّ مشاركة مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا في اللقاء، فيما أكّد إعلام الحزب حضوره مع نشر صورة لمصافحة حارّة بين صفا والضابط المرافق لباسيل.

باسيل: الحزب لن يستثمر انتصاره بالداخل

لا لقاء الرابية ولا اللقاء في مقرّ الكتلة في حارة حريك أسهما في تصويب مسار العلاقة الذي يَنحرِف باتّجاه مزيد من التباعد وتصفية الحسابات بين الحليفين. وقد سبقهما توجّه وفد من الحزب برئاسة معاون السيّد نصرالله الحاج حسين خليل في كانون الثاني الماضي إلى مقرّ التيار في ميرنا الشالوحي، حيث فُلِش الملفّ الرئاسي على مصراعيه، وهو ما دفع باسيل بعدها إلى رفع منسوب الهجوم على الحزب من زاوية تبلّغه يومها بأنّ فرنجية هو المرشّح الذي يدعمه الحزب “ولا نجد أفضل منه في سياق هذه المرحلة الحسّاسة”.

تكويعة باسيل التي تُرصد في سياق كلامه داخل الغرف المغلقة وعلى المنابر تترجَم بتسليمه “بنجاح الحزب بتكريس التوازن مع إسرائيل على الحدود واقتصار قوة الجيش على الداخل لأنّه محكوم بالتسليح الأميركي الذي لا يُزعِج إسرائيل، والأهمّ أنّ الحزب لن يُجيّر أيّ انتصار استراتيجي لمصلحة قوّته وخياراته السياسية في الداخل”.

ذهب باسيل أبعد من ذلك بتأكيده لمحطة “سكاي نيوز عربية” أنّ ما حمله الموفد الأميركي آموس هوكستين إلى باريس خلال لقائه الوسيط الفرنسي جان إيف لودريان “غير كافٍ للبنان بالنظر إلى الثمن الذي ندفعه. فبعد الحرب ليس من المفترض العودة إلى قواعد الاشتباك بل تحقيق كلّ مطالب لبنان ومن ضمنها تحرير الأراضي المحتلّة”.

انفتاح على الجميع

تأتي هذه التعديلات على قواعد الاشتباك مع الحزب، وفق مصدر سياسي مطّلع، في سياق عدّة معطيات، منها إبلاغ باسيل محازبي التيار في الآونة الأخيرة قرار رئيسه “الانفتاح على الجميع من دون استثناء”، قائلاً: “المرحلة تقتضي تبريد الجبهات، ونحن مش مسكرين على أحد، لكن طبيعة المعركة وبحكم التجربة لا احتمال لحصول أي تقارب مع القوات”.

يترافق هذا الكلام مع إصدار باسيل تعميماً قبل عامين من الانتخابات النيابية بتعيين مسؤولين عن الماكينة الانتخابية الحزبية في 22 قضاء والطلب منهم البدء باستنهاض القواعد الانتخابية ورسم خارطة عمل الانتخابات في المناطق، وقد أطلق رسمياً الماكينات خلال اجتماع حزبي الثلاثاء الماضي. مع تأكيد باسيل أمام زوّاره: “في الانتخابات المقبلة التفاهمات حسب القطعة ومع الجميع من دون استثناء بحسب ما يخدم مصلحتنا الانتخابية وكتلتنا النيابية المرتقبة”.

“تطنيش” عن الحكومة؟

كما بدا لافتاً تحديد باسيل نقاط الاشتباك الداخلية الأساسية مع الحزب، إحداها تخطّتها الوقائع والمعطيات على الأرض والثانية ستقرّر مصير العلاقة برمّتها مع الحزب.

النقطة الأولى تكرار باسيل اعتراضه على تغطية الحزب، تحديداً، “لاستيلاء حكومة تصريف الأعمال على صلاحيات رئيس الجمهورية بغياب المكوّن المسيحي”. مع العلم أنّ في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء يوم الثلاثاء قد تتخطّى الحكومة للمرّة الثانية توقيع وزير الدفاع موريس سليم عبر إصدارها أسماء نتائج الناجحين في امتحانات الكليّة الحربية (تحتاج إلى توقيع وزير الدفاع) عبر إصدار قرار وزاري بحضور وزيرَي الحزب، فيما لم يصدر أيّ موقف من التيار حيال هذا الأمر حتى الآن. كما بدا لافتاً في سياق آخر تضمين الأمانة العامّة لمجلس الوزراء جدول أعمال الجلسة نفسها بند طلب وزارة الدفاع، التي يقاطع وزيرها اجتماعات الحكومة، الموافقة على إعطائها سلفة خزينة لتغطية نفقات الاستشفاء تُسدّد من اعتمادات موازنة 2024.

باسيل

الحزب يَنكث بالوعد الرئاسيّ لباسيل

النقطة الثانية تبنّي الحزب ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية “بالقفز فوق رأي المسيحيين وعدم أخذ رأينا الذي يعلمه جيّداً”. عمليّاً، كان الرئيس السابق ميشال عون أكثر وضوحاً من باسيل بالقول إنّ الحزب “نَكَث بوعدٍ قطعه لباسيل قبل نهاية ولايتي، وهو التوافق معه على الرئيس المقبل للجمهورية. لكنّه انفرد بترشيح فرنجية وباستمرار فرضه علينا”.

خسارة سبعة نوّاب!

هكذا، وبعدما بدأ باسيل يبني جسور التقارب مع الرئيس نبيه بري على حساب رصيد تحالفه مع الحزب عاد ليحمل عصا العلاقة مع الثنائي الشيعي من الوسط محاولاً كسب نقاط داخلية في مسار علاقته المضطربة جداً مع الحزب إن في الملفّ الرئاسي ضمن محاولته المتكرّرة لإبعاد فرنجية والاتفاق على اسم آخر يكون عرّابه مسيحياً، وإن في الاستحقاق النيابي المقبل حيث أتى من ينصح باسيل بـ “أنّك لن تخرج من الانتخابات المقبلة سالماً من دون الحزب وستخسر سبعة نواب من كتلتك أو داعمين لـ “حجم” كتلتك في بعلبك الهرمل والبقاع الغربي وزحلة والشوف-عاليه وبيروت الثانية وعكار.

فيما الانتصار سيكون مزدوجاً إذا كسبت الرئيس بري والحزب إلى جانبك. وإلّا فقد تجد نفسك محاطاً بـ “كُتيلة” من أقلّ من عشرة نوّاب بعدما منحتك انتخابات 2018 كتلة من 29 نائباً، ويُطوّب سمير جعجع، بالأرقام، زعيماً على المسيحيين… هذا إذا لم تخسر قبل ذلك أربعة نواب من المحاربين القدامى في التيار”.

ملاك عقيل- اساس

مقالات ذات صلة