زحمة دبلوماسيّين في الضاحية وشخصيات اعلامية وأكاديمية تحضيراً للمرحلة المقبلة: ماذا يريد الحزب وكيف يفكّر؟

تشهد الضاحية الجنوبية هذه الأيام هجوماً دبلوماسياً متعدّد الاتّجاهات من دول عربية وغربية وآسيوية. إذ يقوم عدد من الدبلوماسيين من هذه الدول بزيارات مكثّفة لضاحية بيروت الجنوبية ليلتقوا مسؤولين في الحزب، إضافة إلى عدد من الشخصيات الإعلامية أو الأكاديمية القريبة من الحزب… فما هو الهدف؟

يتقاطر الدبلوماسيون إلى الضاحية الجنوبية بهدف استكشاف رؤية الحزب للتطوّرات الجارية في لبنان والمنطقة. ويعرض بعضهم أفكاراً للتعاون في المستقبل وصولاً إلى تقديم إغراءات سياسية كبرى لقيادة الحزب، في حال ساهمت في التهدئة والوصول إلى تسوية كاملة بعد وقف إطلاق النار في غزة .

تكشف مصادر قيادية في الحزب أنّ الإغراءات السياسية والمادّية التي قُدّمت إلى قيادة الحزب منذ عام 2000 (بعد تحرير الجنوب) إلى اليوم لا تعدّ ولا تحصى. وكان الهدف الأساسي وراء كلّ هذه الإغراءات دعوة الحزب إلى التخلّي عن السلاح وعدم دعم الشعب الفلسطيني والقبول بمعاهدات التسوية والتطبيع.

ما نتيجة فشل التّرغيب؟

فشلت الإغراءات السياسية والمادّية، فتعاظمت الضغوط طوال السنوات التي تلت مرحلة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وصولاً إلى حرب تموز 2006، تلك الحرب التي كان البعض يراهن عليها للقضاء على الحزب وتدجينه من خلال القرار 1701 وإدخال الجيش اللبناني إلى الجنوب وتعزيز دور قوات الطوارىء الدولية وصولاً إلى اتفاق الترسيم البحريّ.

تجدّد الرهان لاحقاً على انتهاء دور الحزب العسكري ودعمه للقضية الفلسطينية

تضيف المصادر القيادية في الحزب: اليوم وبعد معركة طوفان الأقصى والمشاركة الفعّالة للحزب في المعركة إلى جانب الشعب الفلسطيني ودفاعاً عن الأراضي اللبنانية، عادت الضغوط والإغراءات السياسية والمادّية مجدّداً. فبعض الوفود الغربية تقدّم عروضاً سياسية للحزب بأنّه يمكن أن يكون له دور أساسي مهمّ في حكم لبنان واختيار الرئيس والحكومة وصولاً إلى تقديم كلّ أشكال الدعم للبنان والجنوب. لكنّ المهمّ والأساسي أن يلتزم الحزب التهدئة والعودة إلى تطبيق القرار 1701 والانسحاب من مناطق جنوب الليطاني والطلب من قيادة حركة حماس وقوى المقاومة في فلسطين القبول بخطّة الرئيس الأميركي جو بايدن والتخلّي عن السلاح والمقاومة .

محاورة بيئة الحزب أيضاً

إضافة إلى اللقاءات مع مسؤولي الحزب، يحرص الدبلوماسيون الغربيون والعرب والآسيويون على التواصل واللقاء مع عدد من الباحثين والإعلاميين القريبين من الحزب من أجل معرفة كيفية تفكير قيادة الحزب والبيئة الشيعية تجاه مختلف التطوّرات الداخلية والخارجية، وما هي العناصر المؤثّرة في هذه البيئة ومدى القدرة على الصمود في مواجهة تداعيات الحرب المستمرّة، واستطلاع آفاق هذه الحرب والاحتمالات المتوقّعة للمرحلة المقبلة، سواء تصاعدت وتيرة الأحداث أو تمّ التوصّل إلى وقف لإطلاق النار.

من الأسئلة التي يطرحها هؤلاء الدبلوماسيون: ما مدى انعكاس الأوضاع في غزة والحرب الدائرة على التطوّرات السياسية الداخلية، خصوصاً الانتخابات الرئاسية والخيارات المحتملة بشأن الانتخابات؟ إضافة إلى سؤالهم عن تأثير التطوّرات الإيرانية على دور الحزب ومواقفه .

يهتمّ الدبلوماسيون الغربيون والباحثون في عدد من مراكز الدراسات بالعلاقات بين قوى المقاومة، وخصوصاً بين الحزب وحركة حماس وتأثير ذلك على العلاقات السنّية – الشيعية والتغيّرات الحاصلة في الساحة الإسلامية، إضافة إلى رغبتهم في معرفة ما يجري على صعيد الموقف المسيحي من الحزب.

في خلاصة بعض اللقاءات التي جرت مع عدد من الدبلوماسيين والباحثين فإنّ الحزب والبيئة القريبة منه هما محور الاهتمام الكبير من قبل هؤلاء. وهناك انفتاح كبير من قبل بعض الدول الأوروبية والآسيوية الحليفة لأميركا على صعيد التواصل مع الحزب. كلّ ذلك تحضيراً للمرحلة المقبلة وإمكانية الوصول إلى تسوية شاملة لما يجري في غزة وانعكاس ذلك على الوضع اللبناني.

قاسم قصير- اساس

مقالات ذات صلة