سؤال معلّق بين الحزب و”المقاومة الغزاوية”: ماذا قال “السيّد” لوفد حماس الذي زاره في لبنان؟؟
لم يعد بعيداً احتمال وقف الحرب الإسرائيلية على غزة. إسرائيل وحماس على وشك التوصّل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار لفترة أربعين يوماً والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى حماس. تقدّمت حماس بموافقتها على الاتفاق الذي ترعاه الولايات المتحدة بانتظار تبلّغ موافقة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو… فماذا سيكون الوضع في جنوب لبنان؟
ماذا فعل وفد حماس في لقائه مع الأمين العام للحزب؟
ناقش الطرفان “جبهة الإسناد” في جنوب لبنان في حال توقّفت الحرب الإسرائيلية على غزّة. تحدّث وفد “حماس” بالتفصيل عن بنود الاتفاق الجديد المعروض من قبل الدول الوسيطة. فكان جواب أمين عام الحزب أن “افعلوا ما ترونه مناسباً وجبهة المساندة في الجنوب ورقة تفاوض في أيديكم كي تقوّي موقفكم في المفاوضات”.
الوفد القيادي برئاسة خليل الحية حمل رسالة من قائد “حماس” في غزّة يحيى السنوار إلى الحزب تشرح واقع المواجهة على الأرض وقدرة المقاومة على الصمود، وأنّها لا تزال تملك أوراق قوّة تعزّز موقفها التفاوضي. واتّفق الطرفان على أنّ الهدف هو الاتّفاق بتفاصيله، الذي يتضمّن وقفاً لإطلاق النار وإطلاق الأسرى وانسحاب كامل بالتدرّج من غزة وعودة النازحين الفلسطينيين إلى الشمال مع ضمانات بإعادة الإعمار.
بين الاتفاقين الأوّل والثاني أدخلت حماس تعديلات على البندين 8 و14، بما يضمن لها وقف إطلاق نار مستداماً لا مؤقّتاً. ثمّ يتمّ الانتقال إلى المرحلة الثانية، التي تتحدّث عن تبادل الأسرى ومسألة وجود السلاح في غزّة. وليس معلوماً الموقف الإسرائيلي من شرط “حماس” الانسحاب من معبر فيلادلفيا الذي سبق أن رفضه نتنياهو.
حماس: 3 احتمالات مع إسرائيل
تقول أوساط حماس لـ”أساس” إنّ هناك ثلاثة احتمالات للتعاطي الإسرائيلي مع الاتّفاق:
إمّا القبول بوقف إطلاق النار لمدّة أربعين يوماً والانسحاب من معبر فيلادلفيا وإطلاق عدد من الأسرى الإسرائيليين. وهذا ما تقدّمت الولايات المتحدة بضمانات له: وقف إطلاق النار، أي وقف الحرب، وليس وقفاً مؤقّتاً لإطلاق النار.
أو أن يوافق نتنياهو على وقف إطلاق النار، لكنّه لا يوقف عملياته تحت حجّة استمرار المفاوضات لإطلاق الأسرى.
أو يرفض الصيغ المطروحة ويذهب إلى المرحلة الثالثة التي تعني وقف إطلاق نار غامضاً. ولإسرائيل الحقّ حين ترغب أن تنفّذ عملية عسكرية في أيّ مكان تختاره. وهذا يعني انتهاء الحرب من طرف واحد. وهو ما ترفضه حماس وجبهات الإسناد رفضاً مطلقاً. وتعتبر أنّ المرحلة الثالثة ليست اتفاقاً بين طرفين ولا حلّاً سياسياً.
حماس متفائلة هذه المرّة
مبدئياً وافقت حماس على الاتفاق بصيغته المعدّلة، لكنّ نتنياهو لم يبلغ موافقته بعد مع وجود بعض الآراء المتشائمة والمتخوّفة من نوايا رئيس حكومة إسرائيل ورغبته في شراء الوقت من أجل إنهاء العملية العسكرية في رفح.
في التوصيف الدقيق لواقع الحال تقول مصادر حماس إنّ الأوضاع على عتبة الهزيع الأخير قبل الاتفاق أو اللااتفاق، والانتقال إلى المرحلة الثالثة.
ترغب الولايات المتحدة في إنهاء الحرب لتعزيز موقف الرئيس جو بايدن الانتخابي. كما ترغب حماس في وقف الحرب. بينما الخوف هو من نوايا بنيامين نتنياهو على ما تقول مصادر مطّلعة على موقف حماس كشفت أنّ منسوب التفاؤل أعلى من المرّات السابقة، لكنّ الخشية من نتنياهو وحكومته.
لكن ماذا عن موقف الحزب في حال انتقل نتنياهو إلى المرحلة الثالثة؟
يقول المطّلعون إنّه إذا نجح اتّفاق غزة تتوقّف الحرب على جبهة الإسناد في جنوب لبنان حتماً، بعد أن تعلن حماس موافقتها على الاتفاق. لكن في حال نفّذ نتنياهو المرحلة الثالثة، فموقف الحزب سيبقى غامضاً حيالها. وهو تقصّد إبقاءه غامضاً للموفدين الذين قصدوه مستفسرين.
في هذه الحال قلّة قليلة وحلقة ضيّقة جدّاً حتى داخل الحزب ستتسنّى لها معرفة الموقف الذي سيكون عليه الوضع في حال انتقل نتنياهو إلى المرحلة الثالثة التي تعني أن يوقف العمليات من طرف واحد، ويُلزم حماس بوقف عمليّاتها، على أن يُبقي لنفسه أحقّية تنفيذ العمليات الأمنية والمداهمات بالتوقيت والمكان اللذين يختارهما. وهنا مكمن الخلاف. وقد حملت حماس هذا السؤال إلى الأمين العام للحزب. والحزب يترك خياره سرّيّاً. وفي حال الاتّفاق أو فشله، ستبني قيادته على الشيء مقتضاه.
هل يلتزم نتنياهو؟
تكشف مصادر مطّلعة على سير المفاوضات والاتّصالات بين إسرائيل وحماس أنّ الأخيرة أبدت مرونة في شأن بنود الاتفاق شرط ضمان عدم تراجع بنيامين نتنياهو والعودة إلى العمليات العسكرية لاحقاً. وهو ما سيفرض عودة حماس إلى الجبهة بالمؤازرة والاتفاق مع ساحات الإسناد الأخرى.
ماذا حمل الموفدون الدّوليّون؟
مصادر مواكبة لسير المفاوضات تكشف لـ”أساس” ما حمله الموفدون الدوليون استباقاً للاتفاق المحتمل، فتقول إنّه للمرّة الثالثة يروّج رئيس حكومة إسرائيل للذهاب إلى المرحلة الثالثة من الحرب على غزة. ولأجل هذه المرحلة زار الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين لبنان للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري كي يسأله عمّا سيكون موقف الحزب في حال أنهت إسرائيل عملياتها في رفح وانتقلت إلى المرحلة الثالثة؟
السؤال ذاته طرحه الموفد الألماني على نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: ما هو موقفكم في حال نفّذ نتنياهو المرحلة الثالثة؟ فردّ الشيخ قاسم على السؤال بسؤال: وما هو تعريفكم للمرحلة الثالثة؟ وحين أتى جواب الألماني مبهماً، ردّ عليه الشيخ قاسم بجواب مبهم في المقابل.
خلال المفاوضات استعجلت الولايات المتحدة كلّاً من قطر ومصر لإزالة بعض التحفّظات على اتفاق 5 أيّار (الذي طرحه الرئيس الأميركي جو بايدن) لقطع الطريق على احتمال تملّص نتنياهو أو رفضه. وما تواتر عن سير المفاوضات يكشف وجود صراع أميركي إسرائيلي، لا مواجهة بين إسرائيل وحماس، التي اشترطت موافقة نتنياهو قبل الشروع بتنفيذ أيّ اتفاق ترعاه هذه الدول. وهنا بقي منسوب التفاؤل معلّقاً على رغبة نتنياهو بوقف الحرب أو استكمال مسيرة جنونه.
منى الحسن- اساس