الفراغ يدق باب الجيش اللبناني: لا متطوعون جددا في الكلية الحربية
تتصاعد الخلافات بين وزارة الدفاع والمؤسسة العسكرية في لبنان، وتتجلى الأزمة في عدم مصادقة وزير الدفاع على تعيين رئيس للأركان ونتائج اختبارات الدخول إلى الكلية الحربية، مما دفع بعض الناجحين إلى تقديم دعاوى قانونية للالتحاق بالكلية.
على رغم المحاولات المبذولة لتحييد المؤسسة العسكرية عن الصراعات السياسية والأزمات الاقتصادية المتلاحقة في لبنان فإن تراكم الخلافات بين وزارة الدفاع وقيادة المؤسسة العسكرية، بدأ يأخذ منحى تصاعدياً، بدءاً بقضية التمديد لقائد الجيش جوزيف عون وصولاً إلى تعيين رئيس للأركان، والتي لا تزال تراوح مكانها في غياب مصادقة وزير الدفاع على التعيين على رغم صدور مرسوم من الحكومة، وصولاً إلى أزمة الكلية الحربية، إذ يرفض الوزير موريس سليم حتى الآن التوقيع على قائمة الناجحين في اختبارات الدخول إلى الكلية، معللاً هذا بأن تلك الاختبارات لم تراع المعايير المطلوبة، وهو ما تنفيه قيادة الجيش.
ونتيجة توقف الكلية الحربية عن إدخال متطوعين جدد طوال أربع سنوات متتالية، بات الجيش اللبناني يعاني نقصاً حاداً في عدد ضباط الجيش وحاجة المؤسسة بصورة عاجلة إلى تطويع أعداد كبيرة من الضباط والعناصر، بخاصة في ظل التوترات الأمنية التي تشهدها البلاد، ولا سيما أن أية تسوية “دبلوماسية” لقضية الصراع بين “حزب الله” وإسرائيل قد تستوجب إرسال نحو سبعة آلاف عنصر إضافي إلى جنوب لبنان بموجب القرار الدولي 1701.
ويتخوف مسؤولون سياسيون وعسكريون من خطورة وقف التطويع في الجيش بصفة “تلميذ ضابط” لفترة طويلة، إذ يؤدي غياب التطويع لسنة أو سنتين إلى انعكاسات عدة على هرمية الجيش (قيادة ووظائف) كما أنه قد يفقده الكوادر العسكرية التي تكون عادة موجودة على الأرض (ملازم وملازم أول)، وهذا النقص يؤثر في جميع المهام العملانية للمؤسسة العسكرية.
كذلك يبدي متابعون مخاوف من أن يتكرر السيناريو الذي حصل ما بين عامي 1986 و1994، حينها توقف التطويع بسبب الحرب الأهلية(1975 – 1990)، ولكن في عامي 1995 و1996 تم تطويع عدد كبير لسد الحاجة، مما أدى إلى وجود أكثر من 600 عميد في الجيش اللبناني وهو رقم يفوق أضعاف الحاجة إلى هذه الرتبة.
تسريب الأسماء
ويبدو أن الأمور تتجه إلى التصعيد، لا سيما أن عدداً من الطلاب الناجحين في “الحربية” تقدم بدعوى أمام مجلس شورى الدولة مطالبين بقرار يحسم ويؤكد أحقيتهم بالالتحاق بالكلية، مما قد يشكل استعادة لمشهد إصدار مجلس الوزراء قراراً بتعيين رئيس الأركان حسان عودة وترقيته إلى رتبة لواء، بعد أن اعتبرت الحكومة أن وزير الدفاع لا يقوم بمهامه برفع اقتراحات بالأسماء إلى مجلس الوزراء والتوقيع على مرسوم التعيين.
وفيما يتمسك قائد الجيش جوزيف عون بضرورة التحاق الطلاب بالكلية الحربية، برزت سلسلة اتهامات من أوساط وزير الدفاع يتهم قيادة الجيش بتسريب الأسماء لبعض الناجحين والإيعاز لهم بالتقدم بدعاوى، في حين تنفي قيادة الجيش الأمر بصورة قاطعة.
وتشير مصادر متابعة للملف في وزارة الدفاع إلى أن دورة تطويع الضباط التي أجرتها الكلية الحربية عقدت بصورة مخالفة لقوانين الدفاع ودون موافقة الوزير موريس سليم، وهو لم يوقع النتيجة النهائية لها لأنه يعد الإعلان عنها مخالفاً طالما جرى تخطيه.
دورة ثانية
وفي حديث سابق قال وزير الدفاع موريس سليم “طرحت هذا الموضوع مع قائد الجيش الذي شكا لي من تدني المستوى، مما اضطر القيادة إلى خفض العلامات، مما أثر في مستوى المرشحين للدخول إلى الكلية الحربية”. وأضاف “عندما وافقت على إطلاق دورة الكلية الحربية، وافقت على كل الأرقام التي رفعتها قيادة الجيش، ولكن تبين أن ليس كل الذين اختيروا حازوا المستويات التي يجب أن تتوافر في الضباط”. وتابع “قلت لقائد الجيش إنكم لم تأخذوا العدد الكافي والمطلوب، بالتالي فإن ثمة من فازوا في الدخول لن يكونوا واعدين وقادرين على أن يكونوا ضباطاً في الجيش يخدمون بين 30 و40 سنة، وقلت أيضاً إنه لا يجوز قبول ضباط في الجيش نعرف سلفاً أن مستويات بعضهم غير عالية”.
وعن الحلول أوضح “طرحت على قائد الجيش حلاً يكون من خلال إطلاق دورة جديدة سيتقدم إليها شباب جدد لديهم مستويات أفضل، إضافة إلى قدرات فكرية أعلى، وبذلك، يكون لنا ضباط من مستويات جيدة، علماً أنها ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها قيادة الجيش إلى فتح دورة ثانية، وهو ما تم في السابق ومنها الدورة التي تخرجت أنا فيها”.
اندبندنت