34 يوماً من القتال.. ما هي حرب 2006 بين لبنان وإسرائيل؟
تتصاعد المواجهات بين حزب الله اللبناني وإسرائيل على الجبهة الشمالية بالتزامن مع الحرب في قطاع غزة، وتشير توقعات إسرائيلية مؤخراً إلى احتمالية اتساع رقعة المواجهات وتحولها إلى حرب شاملة بين الطرفين على غرار حرب عام 2006. حيث أسفر التصعيد عبر الحدود عن ارتقاء 479 لبنانياً بينهم 313 مقاتلاً على الأقل من حزب الله و93 مدنياً، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات الحزب ومصادر رسمية لبنانية. فيما اعترف الجانب الإسرائيلي فقط بمقتل 15 عسكرياً و11 مستوطناً.
وهدد قادة الاحتلال بحرب شاملة على لبنان أكبر من حرب 2006 وذلك مع استمرار إطلاق حزب الله عشرات الصواريخ والطائرات المسيرة يومياً على مدن ومستوطنات الشمال ضمن انخراطه بمعركة “طوفان الأقصى” التي انطلقت في السابع من أكتوبر 2006 حيث قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي إن الحكومة “تقترب من نقطة القرار” بشأن الحرب، ومن قبله حرض وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير على “إحراق لبنان”.
وفي هذا الإطار ذكرت شبكة “سي إن إن” في تقرير لها نشرته مؤخراً، أن الولايات المتحدة قدمت ضمانات لإسرائيل بالوقوف إلى جانبها في حال اندلاع حرب شاملة مع حزب الله، فيما حثت العديد من الدول الغربية رعاياها على مغادرة لبنان في أسرع وقت ممكن. فما هي حرب 2006 التي اندلعت بين لبنان وإسرائيل.
ما هي حرب 2006 بين لبنان وإسرائيل؟
بدأت إسرائيل عدوانها على لبنان إثر عملية أسر جنديين من جيشها يوم 12 يوليو/تموز 2006، حيث هاجم حزب الله دورية للجيش الإسرائيلي فاختطف جنديين اثنين وقتل 3 جنود آخرين.
في نفس اليوم قام الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بعقد مؤتمر صحفي أعلن فيه أن الجنديين الإسرائيليين تم ترحيلهما إلى مكان بعيد وأن العملية عملية فردية يتحمل مسؤوليتها الحزب وحده ولا علاقة للحكومة اللبنانية بها؛ وفي نفس المؤتمر دعا حسن نصر الله الحكومة الإسرائيلية للتفاوض غير مباشر لإتمام تبادل الأسرى وهددها بأن قوات حزب الله جاهزة للتصعيد إذا بادرت هي بالتصعيد؛ وبعدها فرضت إسرائيل حصاراً بحرياً وجوياً على لبنان.
إسرائيل كانت ترى في هذه الحرب حاجة لها منذ عام 2000 (ثأراً لهزيمتها وإعادة اعتبار لجيشها في جنوب لبنان) بحسب مصادر إسرائيلية.
سُميت العملية العسكرية لأسر الجنديين بعملية “الوعد الصادق” حسب إعلام حزب الله بينما سميت العملية العسكرية الإسرائيلية لتحرير الجنديين عملية “الثواب العادل” من قبل الحكومة الإسرائيلية. وتتابعت الأسماء حسب المعطيات فأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى هذه الأحداث باسم “حرب لبنان الثانية” أو حرب إسرائيل الأولى مع العرب لضراوتها، ثم أصبح هذا الاسم “حرب إسرائيل الثانية” رسمياً في إسرائيل.
استمرت الحرب 34 يوماً في مناطق مختلفة من لبنان، خاصة في المناطق الجنوبية والشرقية وفي العاصمة بيروت، وفي شمالي “إسرائيل”، خصيصاً في مناطق الجليل، الكرمل ومرج ابن عامر، وأثرت الحرب على منطقة هضبة الجولان المحتلة أيضاً.
في اليوم التالي لأسر الجنود، شن الجيش الإسرائيلي هجوماً جوياً على جنوب لبنان مستهدفاً محطات الكهرباء ومطار بيروت وشبكة من الجسور والطرق ما أدى إلى استشهاد العشرات، كما انضمت قوات بحرية إسرائيلية للهجوم، واستدعى الجيش الإسرائيلي فرقة احتياط مؤلفة من ستة آلاف جندي لنشرها سريعاً شمال إسرائيل، تحت هدف “إعادة الأسيرين إلى إسرائيل”.
اختلفت أهداف إسرائيل من العملية منها إعادة الأسيرين ومنها ضرب بنى حزب الله ومنها تحطيم حزب الله ومنها الوصول إلى الليطاني لمنع صواريخ حزب الله وفي كل يوم من الحرب كان هدف جديد، وبالرغم من تعدد الأهداف إلا أن الحرب انتهت دون تحقيق هدف واحد.
أثناء الحرب نزحت أعداد كبيرة من اللبنانيين قدر عددهم بنصف مليون نازح لبناني من مناطق القتال فقد استقبلت مدينة صيدا أكثر من 100 ألف نازح لبناني، وتوجه قسم كبير إلى سوريا وبلاد أخرى. وتم إجلاء نحو 2000 من الرعايا الأجانب إلى سوريا وقبرص، وقتل أثناء النزوح 18 مدنياً لبنانياً في قصف إسرائيلي على موكبهم.
شهد الهجوم الإسرائيلي دعماً كاملاً من قبل الحكومة الأمريكية وحلفائها فقد ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن واشنطن تكثف جهودها لإرسال قنابل موجهة بالغة الدقة إلى إسرائيل التي طلبت تسريع الصفقة بعدما بدأت هجومها على لبنان، ورفضت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس الدعوات الدولية لوقف فوري لإطلاق النار في لبنان ما دفع إلى القول إن عملية إسرائيل ضد لبنان كانت مدروسة ومبيتة وتنظر الوقت المناسب فقط.
كان مقر حزب الله في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت من المواقع التي استهدفها سلاح الجو الإسرائيلي منذ بداية القتال. فهدد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بقصف مدينة حيفا إذا استمر قصف الضاحية الجنوبية، فقام حزب الله بإطلاق صواريخ على مدينة حيفا، بعدما كان حزب الله قد أطلق الصواريخ على بلدات وقرى أخرى شمالي إسرائيل. وأعلن في بيان له بعد القصف الصاروخي أنها “حرب مفتوحة على إسرائيل كما أختارت هي”، مهدداً بقصف مدن في العمق الإسرائيلي تتجاوز مدينة حيفا، وكان هذا في بيان أذاعته قناة المنار وقناة الجزيرة.
أعلن حسن نصر الله في منتصف الحرب عن ضرب البارجة الحربية الإسرائيلية ساعر خمسة. اعترفت بعدها إسرائيل بمقتل 4 جنود. ونفت غرق البارجة. بعد قصف البارجة، أبعدت إسرائيل قطعها البحرية عن الشاطئ اللبناني تجنباً لتعرضها لضربات أخرى. في ما بعد أعلن حزب الله أنه ضرب بارجة ساعر 4.5 وزورق سوبر ديفورا قبالة شاطئ صور.
كيف انتهت حرب تموز 2006؟
وقعت الغارة الأخيرة في الساعة 7,45 صباحا في 14 أغسطس/آب 2006 واستهدفت بساتين الأطراف الشرقية لمدينة صور. وبعد 15 دقيقة من هذا القصف دخل تطبيق قرار “وقف الأعمال العدائية” الذي نص عليه القرار 1701 لمجلس الأمن الدولي حيز التنفيذ.
نص القرار 1701 على إنهاء العمليات القتالية من كلا الجانبين وإضافة 15.000 جندي لقوة “يونيفيل” لحفظ السلام مع انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى الخط الأزرق، وانسحاب قوة حزب الله إلى شمال نهر الليطاني وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب اللبناني.
تم إيقاف الهجوم الإسرائيلي بسبب عدد القتلى والإصابات الجسيمة وتنفيذ وقف إطلاق النار التابع للأمم المتحدة. لم يصل الجيش الإسرائيلي مطلقا إلى نهر الليطاني وفشل في إحاطة قوات حزب الله في جنوب لبنان. وخسر عشرات الدبابات في المعركة فيما عرف إعلامياً بـ”مجزرة الميركافاه”.
بعد وقف إطلاق النار شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله عودة النازحين والمهجرين. فيما قال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، إن “مقاتلي الحزب سطروا نصراً تاريخياً ليس للبنان فقط بل لكل الأمة” وقد سموا النصر بـ النصر الإلهي لأنهم انتصروا على أقوى جيش في الشرق الأوسط وأقوى سلاح طيران وقال إنه لن يدخل في جدل نزع سلاح الحزب وقال إن طرح هذا النقاش في هذه المرحلة وهذا الوقت “يخدم العدو ولا يخدم لبنان ولا الوحدة الوطنية”.
في 8 يونيو/حزيران 2008، أطلقت إسرائيل سراح الأسير اللبناني نسيم نسر بعد سجنه ست سنوات بتهمة التجسس لصالح حزب الله، وبالمقابل أعاد الحزب لإسرائيل أشلاء جثث أربعة جنود إسرائيليين قتلوا خلال حرب يوليو/تموز عام 2006.
واعتبرت هذه الخطوة مقدمة لصفقة تبادل أكبر تم بموجبها يوم 16 يوليو/تموز 2008 إطلاق الإسرائيليين الأسيرين لدى حزب الله وجثث جنديين إسرائيليين آخرين، مقابل الإفراج عن أربعة أسرى لبنانيين على رأسهم سمير قنطار، وتسليم رفات 200 شهيد فلسطيني ولبناني.
قتل خلال الحرب 120 جندي إسرائيل ونحو 45 مستوطن٬ وجرح نحو 3000 آلاف بين مستوطنين وعسكريين٬ أما على الجانب اللبناني فقد ارتقى نحو 1200 شهيد لبناني وجرح آلاف آخرين بين مدنيين وعسكريين.
عربي بوست