خاص شدة قلم: ودولة بلا رئيس.. بيت بلا أب!!
أتدرون ماذا تعني كلمة أب؟!.. هي ليست حرفين تنطلق بهما الأبدية فحسب..
بل هما الأبجدية كلها واللغة والكلام.. هي الخطوات الأولى ويد سنوات الطفولة.. وسند أيام الصبا وعكاز مراحل الهرم.. ورضا العمر المديد..
هي رحلة كفاح وتعب ومشقات.. رحلة سلاح يُغرز في الصدر والظهر في سبيل توفير الحياة لنبتة صغيرة..
رحلة مسيرٍ طويلٍ على الزجاج المصهور في عز شمس آب.. لتظليل هذه النبتة وتوفير ما تحتاجه لتبرعم وتكبر..
رحلة ألف ميل قد تعرف بدايتها لكن نهايتها لا يعرفها إلا التراب.. وكم من ولد عاق شَاقَ عليه مد يد العون إلى والدٍ هَرِم..
الأبوّة هي الحسام الذي يغنيك عن مواجهة الآخرين.. هي الكتف والسند والعضد واليد التي تعبر بك من بر الضياع إلى شط الأمان..
الأبوّة هي الروح التي نأوي إليها عند الفزع.. بل هي الصدر الذي من جُلدِهِ يُحيك لنا ثوباً يسترنا.. والحضن الذي في أعماقه نشعر بالأمان… وأكثر وأكثر وأكثر..
ومَنْ فَقَدَ الأب فَقَدَ كل ما أقوله…
فكيف إذا كان الوطن بكلّه وكلّيته دون أبٍ ولا حاكمٍ ولا رئيسٍ يخاف عليه.. ويصارع الضواري من أجل ذرّة تراب لهذا الوطن..
كيف إذا عاش البلد سنواتٍ من ضياع.. عام يمر وآخر يتبعه وكرسي الرئاسة خالٍ إلا من الفراغ.. وقاعة الحكم لا صوت فيها إلا صفير الرياح تعصف في المجهول..
الأبوّة هي وطن كامل.. والوطن بلا رئيس بيت بلا أب.. فتضيع الأسرة ويُهان الأبناء.. و”يستوطي الصعاليك حيطان المساكين”.. ويستفرس هذا الحزب وتستشرس تلك الميليشيا.. ويستقوي هذا الفصيل.. ويتحوّل البلد إلى “كنتون” حرب أهلية.. أو جيفة ميتة تستأسد عليها الثعالب والكلاب..
فالأب والبلد والرئيس والأسرة.. سلسلة واحدة إنْ ضاعت حلقة فرط عقد البيت والوطن والأسرة بغياب الأب أو الرئيس.. وكل عام وكل “بيّات الدنيا” بألف خير بعيد الأب..
“ويا بيي ياللي سافرت خلف السراب.. حياتي من بعدك صارت خراب.. ضحكة مسروقة بيغلفها الضباب.. وعمر مدفون تحت التراب”..
مصطفى شريف- مدير التحرير