قراءات متضاربة: هل تقترب الحرب الإسرائيلية على لبنان، أم تبتعد وتتراجع؟

هل تقترب الحرب الإسرائيلية مع حزب الله في لبنان، أم تبتعد وتتراجع؟ لا يزال هذا السؤال المركزي بلا إجابة دقيقة، ويرتبط بحسابات مختلفة ومتضاربة. طبعاً، ما يجري في الجنوب من مواجهات مفتوحة منذ 9 أشهر هو حرب على نطاق ضيق ومدروس. ولكن غالباً ما يكثف الإسرائيليون من تهديداتهم بشن حرب واسعة أو شاملة أو ساحقة على لبنان. وهو ما يضعهم بين المواقف التهويلية أو المزايدة، التي قد تدفع إلى اتخاذ قرار الإقدام على التوسيع. المسألة هنا ترتبط بحسابات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وسط تضارب كثير داخل إسرائيل.

قراءات متضاربة
أصبح واضحاً أن الجيش الإسرائيلي قد اتخذ الإجراءات العملانية للانطلاق في أي حرب، ما يعني أنه ينتظر قراراً سياسياً.. لا يأتي. في مقابل رغبة الجيش الإسرائيلي بوقف الحرب على غزة وإنهاء معركة رفح وإعلان الانتصار. الأمر الذي لا يريده نتنياهو، الذي يعتبر أن أهدافه السياسية من الحرب على القطاع لم تتحقق بعد. الخلاف بين رئيس الحكومة والجيش في غزة ينسحب على وضع لبنان. ما يضاف إليه جملة عوامل أبرزها ارتفاع منسوب الخلاف الإسرائيلي الأميركي، خصوصاً مع إلغاء الأميركي لإجتماع كان مقرراً أن يعقد يوم الخميس بين وفد اسرائيلي ومسؤولين أميركيين لمناقشة وضع لبنان وايران.

القراءات متضاربة حول انعكاس هذا الخلاف الإسرائيلي الأميركي على لبنان. إذ أن البعض يرى الخلاف هو أحد عناصر منع الإسرائيليين من شن الحرب أو توسيعها، خصوصاً أن تل أبيب ستواجه معضلة توفير أسلحة لازمة لها. علماً أن الخلاف بين نتنياهو وبايدن تجدد بسبب حظر واشنطن تزويد إسرائيل بالأسلحة. بعض آخر يعتبر أن الخلاف المستمر بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية، حول آلية العمل العسكري في غزة، ورفح، وإجهاض نتنياهو لكل صفقات إطلاق الرهائن أو وقف إطلاق النار، يمكن أن ينعكس على التعاطي الإسرائيلي مع لبنان، من خلال فرض التصعيد لوضع الأميركيين تحت الأمر الواقع مجدداً.

المعضلة الحقيقية
من بين القراءات المتضاربة هو أن إسرائيل لن تكون قادرة على شن حرب على لبنان، والجيش أصبح منهكاً، وبالتالي خيارها هو الذهاب إلى تسوية. في المقابل، هناك وجهة نظر أخرى تعتبر أنه في حال وافقت إسرائيل على وقف النار، وعدم قدرتها على تنفيذ أي عملية من شأنها تغيير الوقائع العسكرية مع حزب الله، فإنها ستكون تلقت إحدى أكبر خساراتها الإستراتيجية، خصوصاً أن الحزب قد ضرب منظومة الردع الإسرائيلية بشكل كامل، وستكون اسرائيل تحت رحمة حزب الله وقراراته حتى، ومعرضة لتنفيذ هجوم عسكري أو صاروخي عندما يريد الحزب، ما يعني قدرته الدائمة على تهجير المستوطنين. وهذا يشكل معضلة اسرائيلية حقيقية، لا يعلم الإسرائيليون كيف سيتجاوزونها.

في الموازاة، يتعمد حزب الله إظهار قدرته على الردع، وأنه يملك قدرات متقدمة جداً، وقادر على إلحاق أذى تدميري كبير بإسرائيل وبنيتها التحتية، وذلك ما يؤشر اليه “فيديو الهدهد” الذي تعمد الحزب إظهار قدرته على الردع، كاشفاً جزءاً من بنك الأهداف الإسرائيلية لديه. لكن نشر الفيديو له هدف آخر أيضاً، وهو تأكيد الحزب على أنه لا يريد الحرب، ويعمد إلى تخويف الإسرائيليين مما لديه لتجنبها.

من التقديرات المتضاربة أيضاً، ان توصية الجيش الإسرائيلي لإنهاء معركة رفح خلال أسبوعين، والانتقال للتركيز على جبهة لبنان بحال تحققت، قد تدفع الإسرائيليين إلى تصعيد وتيرة عملياتهم في الجنوب. أما في حال تعذّر ذلك، فهذا يعني أن حرب الاستنزاف مستمرة في غزة كما في لبنان، من دون حسم الوجهة العسكرية التي ستعتمد.

منير الربيع- المدن

مقالات ذات صلة