رسالة لبنان لهوكشتاين: الكرة في ملعب نتانياهو… و”التوسيع بالتوسيع”!
بدأ جيش العدو الاسرائيلي تسويق “إنجازاته” في غزة عموماً ورفح خصوصاً، تمهيداً لانتهاء العمليات في رفح كما يُنقل عن قيادات عسكرية. لذلك هناك معلومات أن “الإسرائيليين” أبلغوا المبعوث الاميركي آموس هوكشتاين أن العمليات في رفح بحاجة الى أسبوعين أو ثلاثة لكي تنتهي، وهذا الأمر سيؤثر على الجبهة الشمالية مع حزب الله، دون الغوص في معاني هذا الكلام “الاسرائيلي”، فهل يتجه العدو الى حرب مع لبنان؟
بعد زيارته الى “تل أبيب”، وصل أمس المبعوث الأميركي الى بيروت للقاء المسؤولين، ونقلت معلومات إعلامية إشارات حول رسالة “اسرائيلية” شديدة اللهجة، يحملها هوكشتاين معه اكثر خطورة من الرسائل الماضية، وعلى متنها “ضرورة التفاوض ووقف إطلاق النار على الحدود، والا فإن التصعيد سيصبح حتمياً”. ولكن بحسب مصادر متابعة لزيارة المبعوث الاميركي ولقاءاته في لبنان، فإنه لم يكن ليزور لبنان لولا امتلاكه جديداً ما يُريد طرحه، ولا يستعمل لغة التهديد، لأنه يعلم بحسب ما أبلغه رئيس المجلس النيابي نبيه بري سابقاً أن “لبنان لا يخاف من التهديدات الاسرائيلية”، وهو أعاد على مسامعه هذا الكلام في لقائهما أمس.
بحسب المصادر فإن العنوان الأبرز المُعلن لزيارة هوكشتاين هو السعي لمنع تفاقم التصعيد على الجبهة الجنوبية، خصوصاً بعد أن كانت “إسرائيل” قاد بادرت إلى رفع مستوى العمليات التي تقوم بها، ما اضطر حزب الله إلى الرد من ضمن معادلة “التوسيع بالتوسيع”، ولذلك كانت الخطوة الأولى له زيارة “تل أبيب” لا بيروت، نظراً إلى أن الأولى هي التي تذهب إلى التهديد بالذهاب إلى عدوان شامل.
في هذا السياق، كان من اللافت تركيز المسؤولين “الإسرائيليين” خلال اللقاءات مع هوكشتاين، على التأكيد بأن معركة رفح تقترب من النهاية، الأمر الذي فُسر على أساس أنه تهديد إضافي إلى لبنان، أو رسالة على المستشار الرئاسي الأميركي إيصالها إلى المسؤولين في بيروت، خصوصاً أن هؤلاء المسؤولين كانوا يتحدثون في الفترة الماضية، عن أن البحث في عملية عسكرية على الجبهة الجنوبية ينطلق بشكل جدي، بعد إنتهاء العمليات العسكرية في رفح.
وعلى الرغم من ذلك، لا يبدو بحسب المصادر أن حزب الله يتعامل مع هذه التهديدات على أنها أكثر من تهويل جديد، نظراً إلى أن “تل أبيب” لم تتوقف منذ بداية العدوان على غزة، عن إطلاق التهديدات. وبالتالي، ليس هناك من جديد يقتضي التعامل معه بشكل مختلف، بالرغم من أن الحزب يؤكد أنه أعد العدة لكافة السيناريوهات، على إعتبار أنه لا يمكن توقع الخطوات التي من الممكن أن تذهب إليها “إسرائيل” في المستقبل.
هذا الواقع يعود بالدرجة الأولى إلى القناعة بأن “تل أبيب” غير قادرة على الذهاب إلى فتح جبهة جديدة، لا سيما في ظل الإنقسام الداخلي الذي تشهده، حيث ترتفع وتيرة المطالبة بإستقالة رئيس الوزراء بنيامن نتانياهو والذهاب إلى إنتخابات مبكرة، خصوصاً بعد الإستقالات التي حصلت في مجلس الحرب مؤخراً.
وتكشف المصادر أن الرسالة اللبنانية الى هوكشتاين كانت واضحة، فلبنان لن يتراجع وهو لا يعتبر أنه في موقف ضعيف لكي يتراجع، فحماس على سبيل المثال التي تلقت الضربات المؤلمة ترفض أي تراجع، فكيف حال لبنان القوي. وبالتالي فإن الحل الأمثل والأسهل والأسرع يكمن بتوقف الحرب في غزة لكي تتوقف تلقائياً في لبنان، والخطوة التالية تكون عودة النازحين في الطرفين، ومن ثم ندخل في مرحلة من التفاوض التي تحتاج الى أشهر. علماً أن “اسرائيل” باتت تعتبر القرار 1701 غير كاف، وتؤيدها الإدارة الأميركية في هذا التصور، ولكن تغيير الواقع لن يكون سهلاً، لذلك هناك من يتحدث عن حرب مقبلة ولو بعد أشهر طويلة، مشيرة الى أن هذا الحل يمثل أيضاً رؤية هوكشتاين الذي يُدرك أن الحل الوحيد المتاح.
سمع هوكشتاين في لبنان رفضاً كاملاً للحرب الواسعة، فالكل يرغب بانتهاء الحرب، وسمع أيضاً رفضاً للتهديد والتهويل، لذلك فإن المسؤولين اللبنانيين وضعوا الكرة في ملعب نتانياهو والأميركيين، فهل تنتهي رفح ويكون لبنان أمام تصعيد ناري كبير في الجنوب؟ أم يقتنع نتانياهو بالعودة الى ما قبل 7 تشرين الأول على الحدود مع لبنان؟
محمد علوش- الديار