استباحة نهر الكلب من أجل 65 ألف دولار… وغطاء سياسي يحظى به مالكو الشركة!
في 23 أيلول الماضي صدر قرار قضائي بإزالة منشآت مطعم Palms the Legend التي تستبيح مساحة كبيرة من مجرى نهر الكلب في بلدة زوق مصبح الكسروانية، وتتعدّى على الأملاك العامة الأثرية والنهرية، بعدما استحصلت على رخصة إشغال من وزارة الطاقة من دون دراسة تقييم أثر بيئي خلافاً لما ينصّ عليه المرسوم الرقم 8633 عند تنفيذ المشاريع في نهر مصنّف حسّاس بيئياً.
وقال وزير الطاقة وليد فياض لـ«الأخبار» آنذاك إن إعطاء الرخصة من دون دراسة الأثر البيئي «سقط سهواً».مع بدء الموسم الصيفي هذا العام، تعاود شركة «كازينو وادي نهر الكلب»، المالكة للمطعم، الكرّة، وتتوسّع في مجرى نهر الكلب، متجاوزة القضاء ووزارة البيئة ووزير الثقافة محمد مرتضى الذي سبق أن تقدّم بإخبار لدى النيابة العامة المالية مطالباً بفتح تحقيق في التعدّيات على المواقع الأثرية المشمولة بحماية وزارة الثقافة وإزالتها.
تتحصّن الشركة هذه المرة خلف دراسة أثر بيئي قدّمتها إلى وزارة البيئة، وقبل أن تصدر الأخيرة موافقتها، شرعت الشركة في أشغال التوسّعة مستفيدة من الحق الذي يمنحه المرسوم الرقم 8633 بمباشرة الأعمال ما لم يأتِ الرد على دراسة تقييم الأثر البيئي خلال مهلة شهرين من تقديمها. مصادر وزارة البيئة تعزو التأخر إلى «البطء الذي تعاني منه مؤسسات الدولة في مراجعة الملفات ربطاً بإمكاناتها المتواضعة جراء الأزمة الاقتصادية». غير أن مصادر متابعة تشير إلى أن عدم الرد سببه وقوع الوزارة بين «شاقوفين»: الأول أن الآثار البيئية السلبية للأشغال واضحة، ما يحتّم عدم الموافقة ولولا ذلك لما أُرغمت الشركة العام الماضي على إزالة المنشآت، والثاني أن الشركة «مدعومة سياسياً» بما يحول دون وقف أعمالها.
رئيس «جمعية الأرض – لبنان» بول أبي راشد يرجّح أن تأخر موافقة الوزارة على دراسة تقييم الأثر البيئي سببه «ما توصلت إليه من آثار بيئية ناجمة عن الاستثمارات الضخمة داخل النهر»، فضلاً عن عدم قانونية تجيير الرخصة التي أعطيت لشركة «نهر الفنون» لإنشاء ممر خشبي لدى إحياء المهرجانات الفنية عام 2000 إلى شركة «كازينو وادي نهر الكلب». ويضيف أنه «في حال أجيز استثمار جهة ثانية في الرخصة، فإنها تُعتبر ملغاة في حال التعرض لمجرى المياه بإقامة أي حواجز»، وفق المادة الثامنة من المرسوم الوزاري الذي منح شركة «نهر الفنون» الرخصة، و«هو ما يحصل اليوم».
فياض، من جهته، يؤكد أنه لم يسجل «أي أذى بيئي أو أثري تسبّبت به الشركة عندما قامت بالأشغال نفسها على مدار سنوات طويلة، ولهذا السبب منحتهم الترخيص»، مشيراً إلى أنه «إذا كانت هناك أي آثار بيئية فليثبتوا ذلك».
ويتحدّث فياض عن «مكاسب مادية وراء تأجير الدولة أملاكها النهرية تتمثل في 65 ألف دولار دفعتها الشركة لقاء الإشغال لمدة أربعة أشهر. وجرى احتسابها بعد تثمين الأرض (داخل النهر) بقيمة 4 ملايين ونصف مليون دولار، وتقدير كلفة الإشغال السنوية بنسبة 4% من قيمة الأرض، ثم قسمتها على ثلاثة لاحتساب كلفة الإشغال خلال الأشهر الأربعة». ورغم أن مسؤولية الأملاك النهرية تقع على عاتق وزير الطاقة، إلا أنه يحق لوزير البيئة ناصر ياسين أن يتقدّم ببلاغ للمدعي العام البيئي في جبل لبنان، فهل يفعل ذلك في وجه الغطاء السياسي الذي يحظى به مالكو الشركة والذي يحميهم كل سنة من سلطة القانون؟
زينب حمود- الاخبار