«غرفة عمليات» معراب: تقديرات مبنية على هلوسات!
حالة إنكار تؤدي إلى تقديرات مبنية على هلوسات
«صناعة القرار» في «غرفة عمليات» معراب
ومن الصف الأول إلى الصف الثاني: يؤكد النائب العكاري السابق وهبة قاطيشا، بثقة، أنه «لا يمكن لإسرائيل السكوت عن تصعيد الحزب» و«نحن لا شك ذاهبون إلى أعمال عسكرية أكبر بنسبة 70 أو 80%» من دون أن يحدد المقياس الريختري الذي اعتمده للوصول إلى هذه النسب وطبيعة التقارير التي تصله في هذا الشأن. أما النائب القواتي رازي الحاج فقد اتخذ قراره النهائي بـ«مواجهة حالة حزب الله الشاذّة للآخر»، ما جعل الاستخبارات الإسرائيلية تستنفر للسؤال عمن يكون رازي (صاحب الملكية الفكرية لنظرية شحن الحزب برادات وغسالات من سوريا مع الصواريخ لبيعها بأسعار رخيصة في الضاحية)، وكيف سيقوم بما يعجز عنه «أمان» و«موساد» و«شاباك» و«الوحدة 8200» وكل الوحدات الاستخباراتية والقتالية الإسرائيلية الأخرى.
النوايا الحسنة تفترض أن هؤلاء يعيشون حالة إنكارٍ، وانفصالاً تاماً عن الواقع. أما النوايا السيئة فتفترض أنهم ربما يعرفون ما لا يعرفه أحد آخر أو أنهم يحلمون بعودة عقارب الساعة أكثر من 40 عاماً إلى الوراء، حين كانت القوات الإسرائيلية قادرة على احتلال بيروت وتنصيب رئيس القوات رئيساً. والخطير أنهم لا يلتفتون إلى أنهم في كل يوم يؤجّلون التسوية يخسرون أكثر، ليس منذ عام أو عامين، بل منذ عام 2005: مذَّاك، لم يمر يوم على خصوم الحزب إلا وكان اليوم التالي أسوأ عليهم من سابقه. وسواء في الأمن أو السياسة أو العسكر أو غيره، فإن أفضل ما يمكن لفريق مثل هذا أن يفعله هو وقف تدحرجه إلى الخلف عند نقطة ما، ليستعيد بعضاً من أنفاسه ويحاول الصعود مجدّداً، أما محاولته الانتقال مباشرة من التدحرج إلى الصعود فمستحيل وفقاً لكل النظريات. وعليه فإن تسوية بموجب حوار داخليّ – داخليّ مدعوم من الخارج يجلسون فيه حول الطاولة هي أفضل لهؤلاء من تسوية بموجب حوار داخليّ – خارجي لا يكون لهم فيها مكان على الطاولة، خصوصاً أن هذا الخارج لا يهتمّ لهم ولا لمكاسبهم وأعرافهم والمواقع السياسية اللبنانية مجتمعة، بل يهمّه أمن إسرائيل أولاً وأخيراً.
مع ذلك مثل هذه المقاربات لا يمكن أن تسلك طريقها إلى عقل جعجع، لا بسبب كسل جبور ولا بسبب الحالة الذهنية التي يتّصف بها من يعيشون حالة الإنكار، ولكن لأن الخيال مهما اتّسع لا يمكنه تصوّر اجتماع عقلاني في معراب يضع على الطاولة الوقائع والمعطيات لا العواطف أو الأمنيات، ويحدّد موازين القوى الجدية، ليبني على الشيء مقتضاه.
غسان سعود- الاخبار