بري وباسيل في مرحلة من «الانتعاش السياسي»: تفاصيل التفاهم بين الرجلين!
صار من المألوف ان تمرّ العلاقة بين الرئيس نبيه بري و»التيار الوطني الحر» في صعود تارةً وهبوط طوراً تبعاً للظرف السياسي وتحدّياته.
وربطاً بهذه المعادلة، فإنّ مرحلة من «الانتعاش السياسي» تسود راهناً علاقة الجانبين، استناداً إلى مقاربة مشتركة لآلية الخروج من المأزق الرئاسي.
لا تصح بطبيعة الحال المبالغة في تقدير حجم التقارب وعمقه، ولكن من غير الواقعي في المقابل تقزيمه واعتباره هامشياً.
والاستنتاج الأدق، على الأرجح، هو انّ الجانبين لا يزالان يعملان على»القطعة» عوضاً عن «المقاطعة»، وانّ تقاطعاتهما هي بالمفرّق وليست بالجملة، الّا انّ ذلك لا ينفي انّ تراكم المردود الإيجابي للتقاطعات الظرفية قد يمهّد تباعاً لإعادة تثبيت الثقة المتبادلة التي تصدّعت جدرانها جراء ما تكدّس من خلافات خلال مراحل سابقة، لاسيما في عهد الرئيس ميشال عون.
والواضح انّ انتهاء العهد البرتقالي ساهم في سحب احد الصواعق المتفجّرة من جدول الأعمال، بعدما كانت سياسات العهد قد شكّلت واحدة من المواد السجالية المشتعلة بين رئيس المجلس والتيار.
ولعلّ مرونة باسيل حيال الحوار المقترح، وردُّ بري على التحية بأحسن منها، ساهما في إيجاد بيئة مناسبة لتفعيل التقارب الثنائي، وصولاً الى عقد لقاء مطول بين بري وباسيل في عين التينة في حضور النائب غسان عطالله والمستشار الاعلامي لرئيس المجلس علي حمدان.
وبدا لافتاً انّ اللقاء كان مطولاً وغنياً، إذ استمر نحو ساعة وربع الساعة، وتخلّله بحث في سلّة من الملفات التي تمتد من لبنان إلى غزة.
وخلال اللقاء، أبدى باسيل ارتياحه الى نمط التعاطي المتبادل في هذه الفترة، مخاطباً رئيس المجلس بالقول: «بدنا نكفي هيك»، فما كان من بري الّا ان أجابه مبتسماً: «اكيد.. بوجود غسان (النائب عطالله)، ولو بعتّلنا ياه من زمان، كان مشي الحال من قبل..».
وتبعاً للمطلعين على مسار العلاقة بين الطرفين، فإنّ المساحة المشتركة التي اتسعت اخيراً قابلة للتطوير، ويمكن البناء عليها، لكنها تحتاج الى صيانة مستمرة وإلى حماية من المتضررين الذين قد يتسلّلون اليها لتخريبها.
ويلفت هؤلاء إلى انّ نقاش بري – باسيل كرّس تفاهماً حول قواسم مشتركة عدة، من أهمها:
– ضرورة إعطاء الفرصة اللازمة لخيار التشاور، في اعتبار أنّ الأولوية هي لمحاولة التوافق على اسم الرئيس المقبل حتى يتمكن من الحكم بسلاسة.
– التأكيد بأنّ بري بصفته رئيس المجلس هو الذي يترأس جلسة التشاور الافتتاحية التي لن تكون طويلة، وتتخلّلها كلمات لممثلي الكتل المشاركين فيها ثم ينخرط الجميع في مشاورات جانبية خارج إطار الطاولة الرسمية سعياً الى التفاهم على اسم واحد.
– تطميناً لأصحاب الهواجس يتمّ الإعلان بوضوح عن انّ هذا الحوار أو التشاور ليس عرفاً يحلّ مكان قاعدة الانتخاب الدستورية، بل هو تدبير استثنائي فرضه الظرف الاستثنائي في البلد، وقد أبدى بري إيجابية ومرونة على هذا الصعيد.
– إذا أخفق التشاور في الوصول إلى النتيجة المتوخاة خلال مهلة أقصاها اسبوع، يدعو بري إلى جلسات انتخاب متتالية بمعدل ثلاثة أيام في الأسبوع، وفي كل يوم اربع جلسات.
وهنا تفهّم التيار وجهة نظر بري الذي يرفض مبدأ الجلسات المفتوحة، لأنّ من شأنها تحويل المجلس هيئة ناخبة حصراً، بينما هناك ضرورة ملحّة لإبقاء باب تشريع الضرورة مفتوحاً من أجل مواكبة أي مستجدات طارئة.
– محاولة استقطاب أكثرية الثلثين، اي الكتل الممثلة لـ 86 نائباً، إلى التشاور الممهّد للعملية الانتخابية، كي يتمّ تأمين التغطية الوطنية والميثاقية الكافية له، ومتى توافر هذا العدد قد يقرّر بري توجيه الدعوة الى التشاور حتى لو قاطعته «القوات اللبنانية».
– التشديد على عدم الربط بين الاستحقاق الرئاسي والحرب في غزة والجنوب، حيث جزم بري لباسيل أن لا وجود لأي رابط من هذا النوع، «كما سبق أن اكّدنا، انا والسيد حسن نصرالله..».
وقد أبلغ بري إلى باسيل انّه اذا تمّ التجاوب من الأطراف الأخرى مع حراكه، وفق الأسس المشار إليها، فهو مستعد للدعوة الى التشاور قبل نهاية حزيران الجاري.
عماد مرمل- الجمهورية