باسيل في عين التينة للحوار… وجعجع ينتظر حرباً «آتية يخرج منها حزب الله ضعيفاً»!
تسارعت الاتصالات الداخلية حيال الملف الرئاسي مع «الليونة» التي أبداها النائب جبران باسيل أخيراً تجاه الحوار، و«انفتاحه» على رئيس مجلس النواب نبيه بري، في ما رأت فيه مصادر متابعة سعياً إلى «مقايضة» مع عين التينة، قوامها تأمين تغطية مسيحية للتشاور مقابل السير في جلسات انتخاب بمعزل عن أي تفاهم، أي «عملياً محاولة صياغة اتفاق لم يتحقق مع حزب الله».مبادرة باسيل الذي بدأها من بكركي تزامنت مع مبادرة للحزب التقدمي الاشتراكي. غير أن الإفراط في المبادرات وفي الكلام عن مساعٍ لتحقيق خرق على خطّ الانتخابات الرئاسية لا يتوافق مع الوقائع السياسية الخارجية والداخلية التي لم يعد ينفع معها التعاطي التقليدي، إذ إن تعديل بعض الكتل موقفها من الحوار أو التشاور ليس كافياً لتحقيق الخرق المطلوب في ظل السقوف غير الواقعية لكتل ما يُسمى المعارضة. وهو ما أكّدته تسريبات عن أجواء الاجتماعات، من بينها:
أولاً، نقل نواب الحزب التقدمي الاشتراكي الذين التقوا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الأسبوع الماضي أن الأخير على «موجة أخرى» تماماً. فهو لم يكتف برفض حوار برئاسة بري فحسب، بل كرّر أمام الوفد ما قاله أمام آخرين عن قناعته بأن «الحرب الإسرائيلية آتية وحزب الله سيخسرها وسيأتي ضعيفاً إلى الطاولة، وبالتالي لسنا مضطرين إلى حوار وتشاور معه أو تقديم أي أوراق».
ثانياً، على عكس ما تحاول المملكة العربية السعودية الإيحاء به بأنها غير معنية بتفاصيل الملف اللبناني، وبالوقوف على الحياد، تبدو بصمات السفير السعودي في بيروت وليد البخاري واضحة لجهة دفع بعض الجهات السياسية إلى رفض الحوار بالمطلق، مع تأكيد مصادر بارزة أن «جعجع يستند في موقفه هذا إلى التحريض السعودي الخفي».
ثالثاً، الكلام المتشدد المنقول عن جعجع دفع بري إلى التمسك أكثر بموقفه مؤكداً «إما حوار برئاستي أو لا حوار»، خصوصاً أن ما كان يرشح عن معراب تزامن مع تسريب أفكار من مطبخ فرنسي – سعودي مشترك طرح مخارج للتشاور من بينها إدارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الحوار بعد أن يفتتحه بري.
وعلمت «الأخبار» أن اللقاء بين بري وباسيل في عين التينة تركّز على توصّل كل القوى السياسية إلى قناعة بأن لا حل سوى عبر التفاهم على أسماء المرشحين إلى رئاسة الجمهورية كما تقول مصادر التيار. ذلك أن فرض أي مرشح سيؤدي إلى عرقلة لاحقة سواء خلال تشكيل الحكومة أو في الجلسات الوزارية. لذلك ركّز رئيس التيار الوطني الحر على «ضرورة عقد جلسات حوار تؤدي الى التفاهم أو أقله الوصول إلى مجموعة مرشحين متوافق عليهم بين كل القوى الراغبة بالحوار ليتم طرح هذه الأسماء بعدها ضمن جلسات انتخاب متتالية». وفي هذا السياق، طرح باسيل على بري عقد جلسات الحوار في حال تأمّن 86 نائباً، حتى لو لم ترغب كل الكتل السياسية بالحضور، وأن مجرد التزام هؤلاء النواب بالحضور سيؤدي إلى ضمان النصاب في أي جلسة انتخابية مفترضة. وهو ما لاقاه بري بإيجابية مؤكداً استعداده بعد الانتهاء من الحوار، إن حصل، لفتح المجلس أمام انتخاب رئيس للجمهورية وعقد 4 جلسات يومياً، لكن الأهم بالنسبة إلى رئيس المجلس هو التوافق بين مختلف القوى السياسية. علماً أن مصادر عين التينة أشارت إلى أن «الجو الإيجابي الذي أظهره باسيل ليس بالضرورة أن يؤدي إلى مكان. لكن الخطوة يُبنى عليها». وقالت المصادر إن بري قال لباسيل: «لو كنت اتفقت معنا على سليمان فرنجية لما كنا وصلنا إلى هذه الحال اليوم». فردَّ باسيل «تعلمون موقفي ولن أبدله»، فلم يرد بري الجدال أكثر في هذا الأمر، وفضّل النقاش في نقاط يُمكن الاتفاق عليها.
وفيما سيكمل باسيل جولته على الكتل السياسية حتى الخميس المقبل، بعدما أخذ مباركة ضمنية من البطريرك بشارة الراعي وموافقة من الرئيس بري، أكّدت مصادر التيار أن «باسيل لا ينافس الحزب الاشتراكي على مبادرته بل إنه والاشتراكي وكتلة الاعتدال يكمّل بعضُهم بعضاً بعد الاتفاق بينهم على أن الأولوية اليوم لانتخاب رئيس، وأن باسيل قام بجمع الأفكار والهواجس خلال اللقاءات التي جمعته بهما ليسوّقها أمام باقي الكتل».
ويبدو أن باسيل يحاول لعب دور الجهة الوسطية بين الفريقين، ويطرح نفسه كضمانة للفريقين. فبعد زيارة بري، انتقل باسيل إلى الصيفي للقاء رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، في حضور ممثلين عن تكتل المعارضة الممثّل بـ30 نائباً، فإلى جانب الكتائب حضر النائب غسان حاصباني عن «القوات» وكل من ميشال دويهي ونبيل بدر وميشال معوض وفؤاد مخزومي. وفيما نقل باسيل إليهم إيجابية بري وانفتاحه على استتباع الحوار بجلسات انتخاب مفتوحة، أعرب الحاضرون عن عدم رفض الفكرة بالمطلق، لكنهم طالبوا بإجابات على مجموعة من الأسئلة والهواجس المتعلقة بشكل الحوار وآلياته، وتوضيحات إضافية حول جلسات انتخاب الرئيس ومن سيكتب المحضر. وهو ما وافق عليه باسيل ضمنياً مشيراً إلى «ضرورة عدم التوقف عند الشكليات طالما الكل متفق على أن جلسات الحوار ستكون الاستثناء وليس العرف». وأضاف أنه «إذا ما تمّ الاتفاق على مرشح واحد خلال جلسات الحوار كان به، وإذا ما استمر الفريق الآخر بتمسكه برئيس تيار المردة سليمان فرنجية يمكن أن نقابله باتفاق مماثل للذي حصل بين المعارضة حول جهاد أزعور، وستكون المعركة هذه المرة أشرس ولا سيما أن الجلسات مفتوحة، ويمكن استمالة عدد أكبر من الأصوات».
وانتهى اللقاء إلى متابعة باسيل جولته على باقي القوى والنواب المستقلين مقابل توضيح المزيد حول جلسات الحوار وآلية عقد الجلسات الانتخابية. وبعد اجتماع الصيفي صدر عن لجنة تنسيق قوى المعارضة بيان أكّدت فيه «الانفتاح على مشاورات محدودة زمنياً كما يحصل حالياً، بعيداً عن أي تكريس لأعراف جديدة تخالف الأصول الدستورية، وغير مشروطة بأي شكل من الأشكال، خصوصاً لجهة فرض اسم مرشح بعينه، بحيث يقتنع الفريق الآخر بفتح أبواب المجلس النيابي أمام جلسة انتخاب مفتوحة لرئيس للجمهورية وبالتزام الحضور من كلّ الكتل، تطبيقاً للمادة 74 من الدستور، التي تؤكد اجتماع المجلس النيابي بحكم القانون لهذه الغاية».
الاخبار