هوكستين يوصي بعودة الوضع شمال إسرائيل إلى ما قبل 7 أكتوبر!
يستعد الوسيط الأميركي آموس هوكستين لتشغيل محركاته بين بيروت وتل أبيب، فور التوصل إلى وقف لإطلاق النار أو إلى هدنة مديدة على الجبهة الغزاوية، سعياً وراء تسويقه لخطة متكاملة تُطبّق على مراحل لتهدئة الوضع في جنوب لبنان، خصوصاً وأنه توصل في تنقلاته السابقة بين إسرائيل ولبنان إلى مشروع اتفاق لم يعد ينقصه، كما يقول مصدر نيابي رفيع لـ«الشرق الأوسط»، سوى وضع اللمسات الأخيرة عليه، في حال نجح الضغط الأميركي في منع إسرائيل من توسعة الحرب التي أخذت تتدحرج نحو خروجها على قواعد الاشتباك، في ضوء تبادل القصف الصاروخي بينها وبين «حزب الله» الذي بدأ يطاول العمقين اللبناني والإسرائيلي، ويكاد يخرج عن السيطرة عليه.
تطبيق القرار 1701 وإنهاء الخروق الإسرائيلية
فرئيس المجلس النيابي نبيه بري هو من يتولى التفاوض مع هوكستين، بالإنابة عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي و«حزب الله»، ويقوم بالتنسيق معهما في كل شاردة وواردة لقطع الطريق على من يحاول المزايدة عليه، وينطلق في تفاوضه، كما قال لـ«الشرق الأوسط»، من التزام لبنان بتطبيق القرار الدولي 1701 أساساً للتوصل إلى اتفاق مرحلي بوساطة أميركية؛ لإعادة الهدوء على امتداد جبهة جنوب لبنان، شرط تقيُّد إسرائيل به وامتناعها عن مواصلة خرق أجوائه براً وبحراً وجواً.
وتوقف الرئيس بري أمام قول الوسيط الأميركي إن المرحلة الأخيرة من الاتفاق تتعلق بالحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، ورأى أن الإطار العام للاتفاق ينطلق من الالتزام بتطبيق القرار 1701، وإنهاء الخروق الإسرائيلية للنقاط التي ما زالت موضع اختلاف، وعددها 6 نقاط، وهي جزء من سيادة لبنان على أرضه، و«سبق أن اعترضنا عليها وسجَّلنا تحفظنا لجهة أن الخط الأزرق لا يُعدّ خط الانسحاب الشامل، ما لم ترضخ إسرائيل لمطالبتنا بالانسحاب منها استكمالاً لإخلائها لعدد من النقاط الخاضعة للسيادة اللبنانية والمعترف بها دولياً».
إعادة النازحين من الطرفين
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر لبنانية شبه رسمية مواكبة لما آلت إليه المفاوضات التي كان تولاها الرئيس بري، أن المرحلة الأولى من مشروع الاتفاق الحدودي الذي توصل إليه الوسيط الأميركي في تنقلاته السابقة بين بيروت وتل أبيب، تقضي بالعودة بالوضع على الجبهة الجنوبية إلى ما كان عليه قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ أي قبل قيام حركة «حماس» باجتياح المستوطنات الإسرائيلية الواقعة ضمن غلاف غزة، ومبادرة «حزب الله» إلى مساندتها، رداً على الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة.
وأكدت المصادر نفسها أن التزام إسرائيل و«حزب الله» بالمرحلة الأولى من «اتفاق الحدود»، كما سمّاه هوكستين، سيؤدي حتماً إلى إعادة الذين نزحوا من البلدين على جانبي الحدود اللبنانية – الإسرائيلية إلى بلداتهم وقراهم، على أن تُستكمل العودة بتعزيز قدرات القوات المسلحة اللبنانية، بما في ذلك التجنيد والتدريب والتجهيز، ليكون في وسعها ضبط الوضع جنوب الليطاني بالتعاون مع القوات الدولية «يونيفيل».
ولفتت إلى أنه بمجرد التدقيق في مضامين المرحلة الأولى، لا بد أن نلاحظ أنْ لا ذكر لأي إشارة تتحدث بصراحة عن انسحاب «قوات الرضوان» التابعة لـ«حزب الله» من جنوب الليطاني، إلا إذا كانت العودة إلى ما قبل السابع من أكتوبر الماضي تعني أنه لم يعد من ضرورة لوجودها بهذه الكثافة، على الأقل بما يتعلق بنوعية السلاح الذي تمتلكه في هذه المنطقة.
الوعود الاقتصادية
وبالنسبة إلى المرحلة الثانية المتعلقة بالحزمة الاقتصادية الموعودة للبنان، كشفت المصادر السياسية عن أن واشنطن تبدي استعدادها لأن تعيد النظر بموقفها بعدم السماح للبنان باستجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر عبر سوريا، لرفع منسوب التغذية بالتيار الكهربائي، بذريعة الالتزام بقانون «قيصر» الذي يفرض عقوبات أميركية على النظام السوري.
وقالت المصادر إن سماح واشنطن للبنان باستجرار الكهرباء والغاز يأتي متأخراً، بخلاف ما تعهدت به سابقاً بلسان الوسيط الأميركي، في مقابل إنجاح مهمته للوصول إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. وسألت: هل تلتزم بموقفها أم تنقلب عليه في اللحظة الأخيرة؟
مصير كفرشوبا ومزارع شبعا
وتبقى المرحلة الثالثة المتعلقة بتحديد الحدود اللبنانية – الإسرائيلية على قاعدة الالتزام بالقرار 1701، والتي ستكون موضع ملاحقة من قبل الرئيس بري؛ كونها تشكل الممر الإلزامي للانتقال إلى الحل المستدام للاتفاق الحدودي بين البلدين، وهذا ما يفتح الباب أمام السؤال عمّا إذا كانت هذه المرحلة ستعيد مزارع شبعا وتلال كفرشوبا إلى السيادة اللبنانية، في ضوء تضارب المعلومات حول مدى استعداد إسرائيل للانسحاب منهما، أو ترحيل بحثهما إلى مرحلة لاحقة، لأنهما ليستا مشمولتين بالقرار 1701، خصوصاً أن الوفود النيابية التي زارت واشنطن مؤخراً نقلت عن هوكستين قوله إن الأولوية محصورة بتهدئة الوضع على طول الحدود اللبنانية – الإسرائيلية لمنع توسعة الحرب، وأنْ لا مجال للبحث في المزارع ما دام النظام في سوريا يعدّها جزءاً من أراضيه.
محمد شقير- الشرق الاوسط