ترامب قادم.. إستعدوا له بجدية في الشرق الأوسط
يرجح محللون أنه إذا فاز المرشح دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية، فسيعتمد أجندة ذات تداعيات اقتصادية وسياسية كبيرة على الصعيد العالمي، لذلك يجب أن تستمع الحكومات والشركات في جميع أنحاء الشرق الأوسط إلى خطاباته بجدية.
ونقل تشارلز هومانس في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز في27 أبريل 2024 عن مساعد سابق لدونالد ترامب وشغل سابقًا منصب كبير مستشاري الرئيس للشؤون الإستراتيجية ستيف بانون قوله “شاهدوا الخطب”. وتطرح عودة ترامب إلى البيت الأبيض أسئلة عن الآثار المحتملة على الشرق الأوسط في وقت يكون فيه الرد على هذا الاحتمال بين الكثيرين (القطاعين العام والخاص) هو افتراض أنه لن يفوز في الانتخابات أو أنه لن يكون إذا فاز أسوأ من المرة السابقة، والتي “لم تكن سيئة للغاية”.
ويقول أليستر نيوتن في تقرير على عرب دايجست إن كلا الردين يبدوان راضيين عن السيناريوهات المحتملة بشكل خطير. وذكر إريك كورتيليسا في مقال نُشر على مجلة تايم في 30 أبريل الماضي بناء على مقابلاته الأخيرة مع ترامب “قد يصعب تمييز نوايا ترامب الحقيقية أحيانا. فهو غالبا ما كان يتجنب الأسئلة أو يجيب عليها بطرق متناقضة في مقابلاته مع مجلة تايم”.
ويمكن حل هذه التناقضات من خلال النظر في ما يمكن أن يكون الفرق الحاسم بين ترامب في 2017 وترامب في 2024، الذي سيصل إلى منصبه محاطا بأنصاره. وتعمل الجماعات السياسية على إنشاء حكومة منتظرة مليئة بالأنصار الحقيقيين. وقد وضع مشروع مؤسسة التراث (هيريتيج) 2025 خططا للتشريعات والأوامر التنفيذية أثناء تدريبه للموظفين المحتملين للولاية الثانية لترامب.
ويبدو مركز تجديد أميركا مكرسا لتجريد ما يسمى بالدولة الإدارية، ومعهد أميركا أوّلا للسياسة ملاذ بحثي للشعبويين اليمينيين المؤيدين لترامب. ويخوض معهد أميركا أولا، بقيادة ستيفن ميلر مستشار الهجرة في عهد ترامب، معارك قضائية ضد إدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن. ويكمن هدف هذه المجموعات في وضع رؤية ترامب موضع التنفيذ منذ اليوم الأول.
وصرّحت كيليان كونواي، وهي مستشارة بارزة في إدارة ترامب الأولى “لا أعتقد أن أجندته ستكون لغزا كبيرا. لكنني أعتقد أن الناس سيفاجأون بالسرعة التي سيتحرك بها”. ويقال إن كونواي ستنضم إلى فريق ترامب مرة أخرى. لكن تحليل تأثيرعودة ترامب على الشرق الأوسط يبقى أصعب لأنه لم يقل الكثير عن المنطقة حتى الآن. ومع ذلك، ينطبق درسان عامان من الولاية الأولى لترامب على ولايته الثانية المحتملة.
ويعني ازدراء ترامب للتحالفات القائمة على القيم المشتركة أن مثل هذه التحالفات ستبقى في المرتبة الثانية مقارنة بنهجه القائم على المعاملات، كما أن إعجابه بالقادة الاستبداديين سيبقى علنيا. ويمكن تلخيص سبعة انتصارات محتملة لولاية ترامب المحتملة:
● إسرائيل: سيقف ترامب إلى جانب إسرائيل رغم ازدرائه لتحالفات القيمة المشتركة، وسيكون ذلك في حالة حدوث مواجهة مع إيران. ومن غير المرجح أن يتقوض نهجه بكراهيته لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يلومه شخصيا على هجوم 7 أكتوبر.
● حماس: لا يؤمن ترامب بحل الدولتين. ولكن لم يطرح أيّ فكرة عن الكيفية التي سيتطلع بها لتأمين السلام في خضم حثه على إنهاء سريع للصراع بين إسرائيل وحماس ورفضه أن يحدد ما إذا كان سيحجب المساعدات العسكرية الأميركية.
● اتفاقيات أبراهم: يمكننا أن نفترض أن إدارة ترامب ستواصل جهود الرئيس الحالي جو بايدن للضغط من أجل تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية رغم صعوبة رؤية كيفية تحقيق ذلك على المدى القريب في غياب حل الدولتين.
● أوبك: يشير إدمان ترامب على الوقود الأحفوري إلى عملية موازنة صعبة بين سعيه إلى الحفاظ على النفط بسعر يناسب مؤيديه “النفطيين الكبار” في الولايات المتحدة مع استرضاء الناخبين الأميركيين بشأن السعر المتوفر. ومن المرجح أن يشهد قدرا كبير من المحادثات مع الرياض حول هذا الموضوع. وفي نفس الوقت، من شبه المؤكد إسقاط ملاحقة لجنة التجارة الفيدرالية لشركات النفط الأميركية بسبب التآمر المزعوم مع أوبك.
● الديمقراطية: قد يكون بايدن مبالغا في التهديد الذي يشكله ترامب على الديمقراطية في الولايات المتحدة. لكن ترامب ليس بريئا أيضا، خاصة في تصميمه الظاهر على تسييس وزارة العدل. وسيتابع الحكام في الشرق الأوسط هذا الأمر عن كثب مع فلاديمير بوتين وشي جينبينغ، حيث يتطلع الرئيس الصيني إلى استغلال السيناريو ليكون وسيلة ضغط تزيد تعميق العلاقات الثنائية مع دول بريكس في المنطقة والأعضاء المحتملين خاصة.
● الاقتصاد الأميركي: جادلت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين مؤخرا بأن تهديدات الديمقراطية يمكن أن تضر بالاقتصاد الأميركي. وقد تكون محقة. لكن هذا لا يزال يبدو ثانويا مقارنة بالتأثير التضخمي المحتمل لتعريفات ترامب الجمركية، إلى جانب فرضه التخفيضات الضريبية لسنة 2017 بشكل دائم والضغط على سوق العمل بشكل خطير من خلال الترحيل الجماعي للمهاجرين غير القانونيين.
● بنك الاحتياطي الفيدرالي: يتوق ترامب للكشف عن “الأروغان الموجود داخله”. وقد يجد صعوبة في تحقيق نيته المعلنة بإقالة رئيس البنك لاحتياطي الفيدرالي جيروم باول. ولكن سيمكنه استبدال هذه الشخصية بحلول 2026 ببديل مثل الاقتصادي آرثر لافر. وقد يفشل في أي محاولة لتقويض استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي، ولكن المحاولة الفاشلة نفسها قد ترسل موجة صدمة عبر الأسواق في مختلف أنحاء العالم. وسيرقى النجاح إلى تسونامي الاقتصاد العالمي.
وبناء على ذلك يجب أن تأخذ تصريحات بانون على محمل الجد عندما يحثنا على الاستماع بعناية إلى خطابات ترامب، كما يجب أن نصدق تحذير كونواي من أنه إذا فاز بالرئاسة، فسيتحرك بسرعة كبيرة قد تصدم الكثيرين وتفاجئهم.
صحيفة العرب