ماذا يحصل إن أخذت “أوزمبيك” وأنت لا تعاني “السمنة” فعليا؟

مع ازدياد توفر حقن جديدة لخسارة الوزن لوحظ أن عدداً أكبر من الأشخاص يستخدم “أوزمبيك” و”ويغوفي” لأسباب متعلقة بأسلوب الحياة وليس لأنهم يعانون مشكلات طبية مع السمنة، لكن ما أخطار هذا التصرف؟

كان من دواعي السخرية أن يأتي الاعتراف أثناء تناول وجبة العشاء. همست صديقتي بين لقمتين من طبق الكاري الأخضر التايلاندي الذي حضرته لنا “بدأت بأخذ ’أوزمبيك‘”. فسألتها، على رغم معرفتي التامة بالجواب “ما الذي جعلك تقررين ذلك؟”. ابتسمت وشرحت لي بأن الصيف على الأبواب وأرادت أن تنحف قبل عطلتها، وهي لم تنجح يوماً في اتباع حمية غذائية. علاوة على ذلك، حسب تعبيرها “كان الحصول عليه سهلاً لدرجة أن عدم تناوله بدا لي ضرباً من الغباء”. مقاس هذه الصديقة هو 10 حسب مقاسات المملكة المتحدة، أي متوسط (ميديوم) بحسب المقاسات الدولية.

في البداية، طورت مادة سيماغلوتيد، وهي المكون النشط الذي يباع بصور متعددة وتحت عدة أسماء تجارية منها “أوزمبيك” (Ozempic) “وويغوفي” (Wegovy) و”ريبلسوس” (Rybelsus)، لعلاج السكري من النوع الثاني والسمنة.

فالحقنة التي تؤخذ مرة أسبوعياً ترفع مستوى الأنسولين في الجسم فتخفض ضغط الدم المرتفع وتكبح كمية الغلوكوز التي ينتجها الكبد، وهذان أمران من شأنهما قمع الشهية على الطعام وإبطاء حركة انتقال الطعام من المعدة إلى الأمعاء، وهو ما يجعلك تشعر بالامتلاء والشبع لمدة أطول، فتتناول كمية أقل من الطعام وتخسر الوزن.

في عام 2023 بدأت هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS)، بوصف سيماغلوتيد لإنقاص الوزن. ومنذ ذلك الحين أصبح من المعروف أن البعض يستخدمون “أوزمبيك” و”ويغوفي” كحل سريع لخسارة بعض الوزن من أجل ارتداء ملابس أقل بمقاس أو أكثر، وليس لعلاج مشكلة طبية حقيقية.

وفيما أعلنت الحكومة البريطانية عن وجود نقص في “أوزمبيك” في السوق واضطرت إلى التدخل بعد عجز مرضى السكري الذين وصف لهم هذا العلاج عن الحصول عليه، لم تدم هذه الندرة خارج عيادات الأطباء.

قالت لي صديقة تعمل في قطاع الموضة “أصبح مثل الكوكايين في تسعينيات القرن الماضي”، قبل أن تتلو أمامي لائحة بأسماء نساء شهيرات – من عارضات أزياء وممثلات ومؤثرات – تعرف أنهن يأخذن هذه الحقن، ومنهن كثيرات روجن بصورة كبيرة لفوائد أسلوب الحياة الصحي. وأضافت “من المستحيل الحفاظ على هذه الدرجة من النحافة. وجدت بعض الحقن داخل ثلاجة في موقع تصوير الأسبوع الماضي”. لا شك أن الدواء منتشر جداً في أوساط الموضة – في سبتمبر (أيلول) الماضي، وجدت حقن “أوزمبيك” أيضاً داخل غرفة في فندق لو بريستول أثناء أسبوع الموضة في باريس – لكن خلال الأشهر الماضية، أصبح يستخدم على نطاق أوسع بكثير، مع انهمار الطلبات عليه في العيادات الخاصة.

“يرى فيه الناس قلماً سحرياً”، كما تقول الدكتورة نتالي هامر، التي تعمل في الطب التجميلي وتصف “أوزمبيك” ضمن إطار برنامج لخسارة الوزن بصورة مستديمة، لكنها تتلقى طلبات مستمرة للحصول على الدواء من أشخاص لا يلبون المعايير المطلوبة. وتتابع بقولها “يعدونه أسهل الحلول إن وصلوا حالة ركود في خسارة الوزن. أنصح الناس بالالتفات إلى تعديل نظامهم الغذائي أو التمارين الرياضية التي يمارسونها بدلاً من ذلك. عندما يتناولون ’أوزمبيك‘ على رغم عدم حاجتهم إليه، يحرمون شخصاً آخر من القلم بينما هو في حاجة ماسة إليه”.

وفقاً للتجارب السريرية، يستطيع مستخدمو “ويغوفي” الذين يتبعون في الوقت نفسه حمية غذائية ويمارسون نشاطاً جسدياً ويتلقون دعماً من الناحية السلوكية، أن يخسروا 15 في المئة من وزنهم بعد سنة واحدة. وتقول الدكتورة هامر “رأيت أشخاصاً يعانون السمنة المفرطة يخسرون 20 كيلو بعد ثلاثة أشهر ويتمتعون بفوائد عظيمة جراء ذلك. هؤلاء هم الأشخاص الذين يجب أن نعطيهم الأولوية”.

للأسف، من السهل جداً أن يتحايل الناس على القيود ويحصلوا على “سيماغلوتيد” دون الحاجة إلى زيارة الطبيب شخصياً حتى. وفي هذا الصدد، تلفت الدكتورة شارلوت نورتون، كبيرة الأطباء في عيادة التنحيف التي تعد أكبر عيادة لخسارة الوزن على الإنترنت في المملكة المتحدة إلى أنه “من غير القانوني شراء ’أوزمبيك‘ أو ناهضات مستقبل الببتيد المشابه لـ’الغلوكاجون-1GLP-1‘ من دون وصفة طبيب”.

“لكن الأشخاص يحصلون عليها من دون رخصة، من مصادر غير مرخصة ولا منظمة على الإنترنت. وفي المقابل، إن شراءها بهذه الطريقة يعني أنه من المستحيل التأكد من موثوقية العقار نفسه أو من ملاءمة الجرعة لحاجات الفرد”.

حصلت صديقتي على حقنها من صديقة أخرى، اشترتها بدورها من شخص آخر. عندما طلبت مزيداً من التفاصيل، لم تشرح لي أكثر من ذلك، لكنني لست في حاجة إلى التحايل لكي أكتشف سلسلة التوريد السرية التي استخدمتها صديقتي.

إذ بعدما زرت الموقع الإلكتروني لصيدلية واحدة فحسب وزورت إجاباتي عن استطلاع حول مؤشر كتلة الجسم (BMI)، طرحت عليّ سلسلة من الأسئلة جعلتني أقترب من الحصول على وصفة طبية “لويغوفي”، الذي يحوي جرعة “سيماغلوتيد” أعلى بقليل من “أوزمبيك”.

طرحت عليّ أسئلة تتعلق بتاريخ عائلتي الطبي وتاريخي الشخصي (لا يناسب ’سيماغلوتيد‘ من لديهم تاريخ طبي فيه سرطان الغدة أو التهاب البنكرياس أو أمراض الكبد، من ضمن حالات أخرى)، ونقرت بالصدفة على قائمة منسدلة تذكرني بأنه لا يمكن وصف “ويغوفي” في حال كنت أعاني سابقاً اضطرابات أكل.

عادة، يعطونك أخف جرعة أولاً – وقد عرضت عليَّ جرعة “ويغوفي” 0.25 ملغ – ثم يمكنك زيادة الجرعة بعد أربعة أسابيع، إلى أن تصل إلى جرعة تداوم عليها هي 2.4 ملغ. في الموقع الذي استخدمته، يتوفر عقار “ويغوفي” بخمس جرعات على صورة قلم حقن وتصل كلفة عدد العقاقير المطلوبة لشهر واحد إلى 199 جنيهاً استرلينياً.

يقول لي الموقع إن أسئلتي ستخضع لمراجعة طبيب ويطلب مني البرنامج أن أنقر على مربع تأكيداً أنني أجبت عن الأسئلة بصدقية، ثم طلب مني أن أكتب اسم طبيب الصحة العامة الذي أراجعه وأخبرني أن الطبيب سيراجع إجاباتي في غضون 24 ساعة ووعد بالاتصال بالمرضى إن كان لديه أي أسئلة إضافية.

لكن النظام ليس محكماً. وتقول الدكتورة إليز دالاس، الطبيبة العامة المتخصصة بالصحة النسائية في عيادة الطب العام في لندن The London General Practice “تبين أن الصيدليات الإلكترونية التي تعمل ضمن نطاق المملكة المتحدة أعطت وصفات ’سيماغلوتيد‘ لأشخاص زوروا مؤشر كتلة جسمهم في النماذج الإلكترونية”.

وتحذر كذلك بأن هذه الممارسة تلتف على التقييم الطبي السليم والإشراف المناسب، ويحتمل بالتالي أن تعرض الأفراد لآثار سلبية وتعقيدات: “إن الحصول على ’سيماغلوتيد‘ من دون إشارة طبية مشروعة وفي غياب الإشراف الطبي الصحيح يعرض الأشخاص لأخطار صحية جدية ويجب إثناء الآخرين عنه تماماً”.

لم أكمل طلبي، لكنني أعرف قصص أشخاص حصلوا على “ويغوفي” بهذه الطريقة وأعرف أنهم غالباً ما يأخذون الحقنة وسط أسبوع العمل كي يتغلبوا على أي آثار جانبية لها قبل عطلة نهاية الأسبوع. وتقول لي صديقتي “تأخذ صديقتي الحقنة كل أربعاء مع كل مستخدمي الإنترنت الآخرين – وتقول إن ‘أربعاء ويغوفي’ موضة سائدة”.

صحيح أن هذه الأدوية حصلت على الموافقة باعتبارها علاجات ناجحة لبعض الأشخاص مثل الذين يعانون السمنة المفرطة أو من السكري، لكن لم تجر دراسات كافية لمعرفة تأثيرها في الأشخاص الذين يتمتعون بوزن صحي.

وبحسب شرح دالاس “إن استخدام هذه العقاقير لغاية خسارة الوزن من قبل أشخاص لا يتعدى مؤشر كتلة جسمهم 27 مثلاً، لم يخضع للدراسة ولا تتوفر البيانات في شأن الفاعلية والسلامة في هذا السياق”. ماذا يحصل إذاً عندما تأخذون حقناً لخسارة الوزن، بينما ليس لديكم أي دهون إضافية يجب أن تتخلصوا منها؟

تشرح كارول ستاندينغ، كبيرة مسؤولي التسويق في عيادة التنحيف “قد ينتج من خسارة الوزن السريعة انخفاض في الكتلة العضلية بالجسم، عندما يستخدم (العقار) من دون إشراف مناسب من الطبيب. عادة ما يخسر الذين يعانون السمنة الوزن بصورة أسرع في البداية مقارنة بشخص نحيف بسبب ارتفاع معدل الأيض الأساس في أجسامهم واستخدامهم لنسبة أكبر من الطاقة”.

يقدم المعهد الوطني للتفوق في مجال الصحة والرعاية (NICE) إرشادات واضحة في شأن استخدام “سيماغلوتيد” بالصورة الصحيحة، ويشرح أنه يجب اعتباره خياراً فحسب بالنسبة إلى من يصل مؤشر كتلة جسمهم إلى 35.0 كيلو/ للمتر المكعب في الأقل أو من لديهم مؤشر يبلغ 30 في الأقل ويلبون معايير التحويل إلى خدمات خاصة لخسارة الوزن. ويجب عدم استخدامه سوى في إطار برنامج متكامل ومتخصص لخسارة الوزن.

يطالعنا على “تيك توك” سيل لا ينتهي من فيديوهات النساء (من كافة الأحجام)، وهن يتحدثن عن “ويغوفي” ويصورن أنفسهن وهن يأخذن الحقنة. وتقول ستاندينغ “قرأت أن عدداً أكبر من الأشخاص يتناولون جرعة زائدة من أدوية GLP-1 من طريق الخطأ. وقد تشمل أعراض الجرعة الزائدة التقيؤ والإسهال، ودخول المستشفى في بعض الحالات الشديدة”.

وفي عالم الإنترنت “البري المتوحش”، تزداد أخطار شراء أدوية مزورة أو مغشوشة، خارج إطار العيادات المعتمدة “قد تحوي مكونات مجهولة أو مضرة”، كما تقول دالاس. “وهذا يشكل خطراً كبيراً على سلامة المرضى، وقد يؤدي إلى تناول جرعات زائدة أو التحسس من الدواء أو حتى إلى مضاعفات صحية شديدة منها الوفاة”.

أما بالنسبة إلى الأعراض الجانبية لحقن خسارة الوزن الفعلية، فهي كثيرة، وتراوح تلك التي تجدها على الموقع الإلكتروني لماركة “أوزمبيك” بين الإحساس بالغثيان والتقيؤ أو التهاب البنكرياس والفشل الكلوي.

لكن هذا الأسبوع، صدر تقرير يقول إن الجرعة الأسبوعية من سيماغلوتيد قد تقلص بنسبة الخمس خطر الإصابة بأزمة قلبية أو سكتة دماغية أو الوفاة جراء أمراض الأوعية القلبية، ومن المرجح أن تزيد هذه الإحصاءات من الاهتمام بالدواء في أوساط من لديهم حشرية لتجربته.

وترى إيل مايس، المدربة في علم النفس الإيجابي أنه “قد ينظر إليه على أنه الخيار السهل، لكنه قد يخلف آثاراً جانبية فيما يبدأ العمل الشاق عندما ينتهي الإنسان من استخدام ’أوزمبيك‘، وعليه أن يعمل على إبقاء وزنه على حاله. والمقلق هو أنه يروج لفكرة أن خسارة الوزن هي الهدف الرئيس، وقد يغطي على أهمية الصحة والعافية بصورة عامة”.

ومع ذلك، ها نحن في هذا الموقع. أجابتني صديقتي العاملة في مجال الموضة عندما سألتها عن الأخطار “لا أعتقد أن الناس يهتمون لها أساساً. فهم يفكرون أن كل شيء جيد ما داموا نحيفين”.

اندبندنت

مقالات ذات صلة