“الحزب” يفرض واقعاً عسكرياً جديداً وتكتيكات عسكرية في النوعية والكمية… فهل يتهيأ للحرب الواسعة؟

منذ أسبوعين تشهد جبهة الجنوب تطورات ميدانية متسارعة، بعدما غيّر “حزب الله” من خططه العسكرية العملانية، معتمداً تكتيكات عسكرية جديدة في النوعية والكمية، رداً على تصاعد الاعتداءات الاسرائيلية في العمق اللبناني. إذ لم يكن عابراً أن يتعمّد “حزب الله” الكشف عن المزيد من القدرات الصاروخية التي زُجت في المعركة مع الطيران المسير، (الذي تنهمك إسرائيل في درس سبل إحداث ردع نوعي إزاءه على قاعدة كل مسيرة مفخخة بمهاجمة هدف مؤلم).

وأدخل الحزب للمرة الأولى تكتيكات ووسائل قتالية مغايرة عما كان يستخدمه في السابق، بحيث استخدم مُسيّرات مختلفة في عملياته النوعية، وذلك بعد أن أظهر قدرته على جمع المعلومات الاستخبارية من خلال استهداف جنود إسرائيليين في مواقع مستحدثة. وأثبت قدرته على استخدام مُسيّرات انقضاضية بـ3 أهداف مختلفة في الوقت نفسه، كما فعل في موقع المطلة، إضافة إلى إسقاط منطاد تجسسي فوق مستعمرة أدميت بعد تحديد مكان إدارته والتحكم به، والرد المباشر والفوري على الغارات الاسرائيلية على المنازل المدنية باستهداف مبانٍ في المستوطنات المقابلة.

وتؤكد مصادر مقربة من “حزب الله” أن نظام المراقبة والتجسس والاستطلاع الاسرائيلي المؤلف من الأعمدة وقاعدة ميرونو، قصفته المقاومة بنسبة 90%، ما جعل إسرائيل فاقدة للتحكم الجوي في الجبهة الشمالية. وهذا ما أتاح للمقاومة إرسال طائرات تجسسية وانقضاضية، وآخرها استخدام طائرة انقضاضية مختلفة تحمل صاروخين موجهين، يتجه كل واحد إلى هدف محدد، وبعد إطلاقهما، تتجه الطائرة نفسها إلى هدف ثالث، أي إستهداف 3 أهداف بطائرة انقضاضية واحدة.

وفي الاطار نفسه، يمكن التوقف عند لجوء الحزب إلى إستخدام سلاح نوعي للمرة الأولى في مواجهاته العسكرية، من خلال:

-إعلانه إدخال صواريخ ثقيلة (تحمل اسم عماد مغنية) واستهدف بها انتشاراً لجنود العدو الاسرائيلي في محيط موقع زبدين بمزارع شبعا اللبنانية المحتلّة، (وهي المرة الأولى التي يعلن فيها عن هذه الصواريخ التي أشارت تقارير إلى أنها مطورة).

-الفيديو الذي نشره “حزب الله” عن استهداف موقع رامية بالأسلحة الصاروخية، خصوصاً أنها وجهت عن بعد 300 متر فقط، ما يؤكد إنتشار الحزب وأسلحته الدقيقة والنوعية على تخوم الحدود مع العدو الاسرائيلي.

وينقل عن مصادر الحزب، أن الاسرائيليين فقدوا السيطرة والقيادة والتحكم الجوي في الجبهة الشمالية، ما جعل المقاومة تتمكن من إرسال طائرات تجسسية وانقضاضية من دون أي فاعلية للقبة الحديدية أو للمضادات التي تمتلكها إسرائيل مثل مقلاع داوود والسهم (حسب مصادر الحزب).

من خلال تتبع التطورات المستجدة، يظهر أن الحزب فرض واقعاً جديداً من خلال استخدام التكتيكات الجديدة لينتزع المبادرة من يد الجيش الاسرائيلي، وأهمها استعمال الطائرات المُسيّرة بكثافة، رداً على خرق قواعد الردع بقصف العمق اللبناني في جرود منطقة بعلبك وضواحيها، بحيث أصبحت جزءاً أساسياً في العمليات اليومية في الفترة الأخيرة، بعدما كان الجيش الاسرائيلي طوال الأشهر الماضية محتفظاً بالمبادرة عبر نوعية الرد، وعمقه الجغرافي، والجرعة النارية المستخدمة، محافظاً بذلك على ما يسمى بـ”اليد العليا”. كما أن الاطلاقات الكثيفة لصواريخ الكاتيوشا خصوصاً باتجاه العمق في منطقة الجولان السوري، هي تكريس لمعادلة البقاع مقابل الجولان. فهل تتجه الأمور المتصاعدة جنوباً، نحو حرب شاملة؟

يجيب المتابعون للتطورات الميدانية والحركة الديبلوماسية، أنه حتى الآن، ليست هناك مصلحة لدى الولايات المتحدة وإيران لتفجير الجبهة الجنوبية على نطاق واسع، (خصوصاً مع التسريبات بمعاودة الحوار المباشر بين البلدين)، ما يبقي الجبهة منضبطة بقواعد الاشتباك التي تتحكم بها، مع إدخال تعديلات عليها، يفرضها تصاعد وتيرة المواجهات الحالية.

لبنان الكبير

مقالات ذات صلة