ما حقيقة الغارة السورية على معملي كبتاغون في جبل أكروم: من نشر هذا الخبر ثم حذفه؟
تمكّن موقع “التيّار الوطني الحر” منذ أيّام من إثارة الذعر في قلوب العكاريين عموماً، وأهالي جبل أكروم خصوصاً، بنشره عبر صفحته خبراً “شبه مؤكّد”، يتحدّث عن “غارة نفذها الطيران الحربي السوري في الأيّام القليلة الفائتة على معمليْن لصناعة حبوب الكبتاغون المخدّرة، عند الحدود اللبنانية- السورية في جبال أكروم في عكّار، وتمّ تدميرهما بالكامل، وذلك في إطار التعاون الأمني العربي الموحّد في مجال مكافحة المخدّرات”.
الخبر الذي فوجئ أهالي جبل أكروم بحذفه عن الصفحة التي نُشر فيها (في وقتٍ كانوا تمكّنوا فيه من أخذهم لقطة شاشة أو “سكرين شوت” للإثبات والّنشر)، كان قد أثار غضبهم بسبب اتهامهم بملف خطير رفضوا زجّ منطقتهم فيه لأيّ سبب أو ظروف، لذلك، عمد رئيس بلدية قنية أكروم أنور إسبر الى نفي هذه “الأقاويل” التي رأى أنّها تُشوّه وجه أكروم الثقافي، آملاً من الاعلاميين أو الناشرين التأكّد من أيّ خبر قبل نشره.
وينفي إسبر في حديثٍ لـ “لبنان الكبير” وجود معامل للكبتاغون في منطقته، أو استهدافها من الجيش السوري وغيرها من الشائعات التي نُشرت عبر الموقع. ويقول: “في جبل أكروم، هناك سبع قرى، ولو علمَ أحدنا أنّ فرداً منّا يملك حبّة كبتاغون، لن نتراجع للحظة عن رفض هذه الظاهرة والحدّ منها، لأنّنا كنّا وما زلنا تحت سقف الدّولة والقانون من دون أدنى شكّ، ولا ندرك السبب الرئيسي الذي يدفع موقع التيّار بصحافييه المعروفين إلى وضعنا ضمن هذه الخانة. وصحيح أنّنا علمنا بحذف الخبر أو سحبه، لكنّه لا ينفي صعوبة ما قيل لأنّه معيب بحقّنا”، مضيفاً: “في قرانا، لو تلقّت حمص السورية ضربة، سنسمعها، لذلك لم نسمع شيئاً ولم يتناقل أهالي القرى هذا الخبر الصادم”.
ويُوضح إسبر أنّ 90% من أهالي جبل أكروم، موظفون في إدارات الدّولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية و10% منهم من المغتربين، “إذْ نُعرف بانتمائنا قلباً وقالباً الى المؤسسات العسكرية، وبجبايتنا للكهرباء بنسبة 100%، ما يعني أنّنا مثال يُحتذى به أمام الآخرين بوفائنا للدّولة فقط”.
معطيات “لبنان الكبير” تُؤكّد أنّها ليست المرّة التي يقوم فيها “التيّار الوطني الحرّ” وموقعه الالكتروني، بتوجيه اتهامات تستهدف جبل أكروم، فالمرّة الأولى كانت تستهدف اتهام المنطقة بالداعشية ووجود معسكرات تدريب فيها لإعدادهم، وهو ما تمّ نفيه أولاً، لتكون التهمة الثانية مرتبطة بمعامل الكبتاغون.
في الواقع، يتساءل أهالي المنطقة عن سبب توجّه الموقع الى ذكر هذه التهمة ثمّ حذفها، ويشير متابعون لـ “لبنان الكبير” الى أن “هذه التهم قد تعود إلى سببيْن، الأوّل يكمن في مناصرة معظم المنطقة سياسياً لتيّار المستقبل، مع العلم أنّ الانتماء أو الهدف السياسي لا يعطيه الحقّ بالاتهام، أمّا الثاني فيرتبط ربما باستهداف الوجود السوري الملحوظ في المنطقة، وذلك في ظلّ الحملة الرسمية التي تُشنّ ضدّه، ما يسمح باستهداف صورة المنطقة وأمنها، لكنّ البلديات وكذلك الفعاليات الرسمية منها والشعبية، تُؤكّد أنّ جبل أكروم ينتظر إجراءات الدّولة في الملف، خصوصاً عند تسلّمها من محافظ الشمال بغية تنفيذها بالتعاون مع الأجهزة الأمنية إذا دعت الحاجة”.
وفي وقتٍ كانت أبدت فيه مصادر أمنية تخوفها من عودة تصنيع حبوب الكبتاغون مع فلتان الحدود والانشغال بحرب غزّة، يُشدّد مصدر عكّاريّ على أنّ معامل الكبتاغون غير موجودة في عكّار حالياً، ولا حتّى في منطقة وادي خالد التي تنشط فيها عمليات التهريب، ويقول لـ “لبنان الكبير”: “إنّ شيطنة عكّار لمرور سيناريوهات سياسية باتت حرفة معتادة إعلامياً، وبالتالي إنّ المتاجرة بالمخدّرات أو تعاطيها، آفة تحدث في كلّ المناطق، على الرّغم من إدانتنا لها، لكن يعرف الجميع أين تقع معامل الكبتاغون محلّياً حتّى ما قبل الأزمة السورية وتفاقمت معها، وما يُشاع عن وجود معامل في جبل أكروم يُؤكّد حجم الكذبة أكثر، لأنّ معظم سكّانها يتباهى بانتمائه إلى المؤسسة العسكرية، وبالتالي إنّ الحديث عن قصف للطيران السوري هو كلام أساطير بوجود القوى الأمنية”.
ويُضيف: “معامل المخدّرات في سوريا لا تزال موجودة، وأيّ فعل خاطئ يُرتكب هناك بسبب الفلتان الأمني مثل الخطف مثلاً، أمّا على الحدود اللبنانية- السورية، فلا رواج حالياً للمخدّرات بقدر ما يتمّ ترويج تهريب الأشخاص، ألواح الطاقة الشمسية، الأدوية والمنظفات السورية إلى لبنان، والمضحك في كلّ الخبر، الحديث عن التعاون الأمني العربي الموّحد في مجال مكافحة المخدّرات، وكأنّ الموقع وأصحابه يشعرون بالفرحة عند اعتداء الطيران الحربي على موقع لبناني وشمالي، ومن المضحك أيضاً الحديث عن التعاون العربي في وقتٍ يُفرض فيه الحصار على سوريا وانقطاع العلاقات معها رسمياً”.
لبنان الكبير