التصعيد الإسرائيلي… عرقلة للمفاوضات أم ضغوط إضافية على “حماس”؟

صعدت إسرائيل من عملياتها العسكرية في قطاع غزة، الثلثاء، وهاجمت شرقي رفح مسيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح. وجاء هذا التصعيد بعد تطورات إيجابية في المفاوضات التي تقودها مصر وقطر بالتعاون مع الولايات المتحدة، بهدف التوصل إلى لوقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة “حماس”، وإطلاق الأسرى من الجانبين.

التطورات التي شهدها القطاع الفلسطيني في الساعات الأخيرة، تطرح تساؤلات بشأن دوافع الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو لهذا التصعيد العسكري، الذي يأتي بعد وقت قصير من نفيه أن يكون قد خرب صفقة لإطلاق الرهائن الإسرائيليين لدى “حماس” مقابل وقف إطلاق النار.

ومن أبرز تلك التساؤلات: هل يحاول نتنياهو عرقلة المفاوضات بعد تقدمها أخيراً؟ أم أنه يسعى لممارسة المزيد من الضغط على “حماس”؟ وهل ثمة أي أفق سياسي لوقف النار وتبادل الأسرى والسجناء بين الجانبين؟

ويأتي هذا التصعيد الإسرائيلي وسط تحذيرات إقليمية ودولية من الكارثة الإنسانية التي تهدد قرابة مليون ونصف المليون فلسطيني في رفح إذا تم اجتياح المنطقة، لكنّ كثيراً من الخبراء والمحللين يرون أن نتنياهو يسعى للحفاظ على حكومته أطول فترة ممكنة وبأي ثمن.

واليوم أعلن مصدر مصري رفيع المستوى أن مصر تحذر من تفاقم الوضع الإنساني المتردي في غزة نتيجة العمليات الإسرائيلية وتبذل أقصى جهد للتوصل إلى هدنة شاملة.

وقال المصدر، وفق وسائل إعلام مصرية إن مصر تبذل جهوداً مكثفة مع مختلف الأطراف لاحتواء الوضع في قطاع غزة، مشيرا إلى أن القاهرة تستضيف اجتماعات بمشاركة وفود قطر والولايات المتحدة و”حماس” لاستكمال المباحثات بهدف التوصل إلى هدنة شاملة.

عرقلة وضغط

في رأي السفير الفلسطيني الأسبق بالقاهرة بركات الفرا، أن العملية العسكرية الإسرائيلية في شرقي رفح تسعى إلى لضرب عصفورين بحجر، كما أنها وضعت الجميع أمام الأمر الواقع.

ويقول الفرا لـ”النهار العربي”: “بالتأكيد إن هدف التصعيد عرقلة المفاوضات، والضغط على حماس”، لافتاً إلى أن “الأخطر من ذلك أن إسرائيل وضعت الجميع أمام الأمر الواقع، فقد سيطرت على قطاع غزة كاملاً، بعد احتلال الجانب الفلسطيني من معبر رفح، واقتحام معبر فلادلفيا”.

وهذا من وجهة نظر الدبلوماسي الفلسطيني يعني أنه “لن يدخل أو يخرج إنسان أو مساعدات إلى القطاع إلا بموافقة إسرائيلية، وتالياً قد وضعنا جميعاً أمام الأمر الواقع، وعلينا أن نتصرف”.

ولا يرى الفرا أي أفق لحل سياسي للأزمة المتعثرة، ويقول “لقد خدرونا، تحدثوا عن حل الدولتين، ولا يوجد حل. كما أن أموالنا حجبتها إسرائيل. وأميركا التي ينظر إليها على أنها وسيط وتدغم حل الدولتين، خذلتنا”.

رغبة وضغوط

ويقول الخبير في الشأن الإسرائيلي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية الدكتور سعيد عكاشة لـ”النهار العربي”: “بالنسبة لنتنياهو كشخص فإنه غير راضٍ عن أي اتفاق مع حماس، ولكن الضغط على حكومته من عائلات الأسرى يجعله يتخوف من الظهور كمخرب للجهود الساعية لوقف الحرب وإطلاق الرهائن”.

ويشير إلى أنه “في أروقة مجلس الوزراء الإسرائيلي يوجد اتفاق على استمرار الضغط العسكري حتى اللحظة الأخيرة، للضغط على حماس، كما أن حكومة نتنياهو لا ترغب في أن تكون “اللقطة الأخيرة” في الأذهان هو ما فعلته حماس في معبر كرم أبو سالم”.

وكانت الحركة أطلقت صواريخ على المعبر الواقع بين قطاع غزة وإسرائيل ومصر، وتسبب القصف بمقتل عدد من الجنود الإسرائيليين.

الورقة الوحيدة

من جانبه يقول وكيل الاستخبارات العامة المصرية السابق اللواء محمد رشاد لـ”النهار العربي” أن “هناك أساسيات يجب أن نضعها في الاعتبار قبل تحليل الموقف الراهن: حماس لم يعد لديها ما تخسره. الورقة الوحيدة التي تملكها حالياً هي الأسرى الإسرائيليون”.

ويضيف: “لهذا لا يمكن أن تضحي حماس بورقتها الأخيرة من أجل وقف موقت لإطلاق النار، فإذا سلمت الأسرى لإسرائيل سوف تصبح دون غطاء، ومن ثم يمكن ضربها، وهذا ما يجعلها تستغل ورقتها الأخيرة لتحقيق 4 شروط أساسية بالنسبة لها، وهي: وقف دائم لإطلاق النار، عودة سكان القطاع، انسحاب إسرائيلي، إعادة إعمار غزة”.

لذا يستبعد رشاد أن تتنازل “حماس” عن الأسرى، مقابل وقف موقت لإطلاق النار، أما بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، فيرى أنه “يراوغ من أجل إطالة أمد بقاء حكومته في السلطة، ومحاولة إنقاذها”.

ويعتقد رشاد أن “نتنياهو يأمل في أن يحقق بعضاً من أهدافه التي خاض حرباً على مدار 7 شهور من أجلها، ولم ينجز أياً منها، إنه مثل الغريق الذي يتعلق بقشة، ويتمنى أن يجد صيداً ثميناً في رفح، ولكنه لن يجد شيئاً، كل ما سوف يفعله هو المزيد من إزهاق الأرواح، والمزيد من تدهور العلاقات مع مصر”.

النهار العربي

مقالات ذات صلة