باريس – الرياض – واشنطن: استعادة ترشيح أزعور … وإعمار الجنوب!

جهاد أزعور. غاب الرجل واسمه عن اليوميّات اللبنانية طوال الأشهر الفائتة. لكنّه في المقابل بقي حاضراً على مستوى دوره الأساسي في صندوق النقد الدولي وما يتّصل باقتصادات المنطقة ودولها وأوضاعها.

كثر في لبنان لا يزالون يعتبرون أنّ اسم جهاد أزعور كمرشّح جدّي لرئاسة الجمهورية يمثّل نافذة حقيقية يمكنها أن تشقّ طريق الخروج من الأزمة والبحث عن الاستقرار. كثيرون في هذه المرحلة يعملون على الربط ما بين احتياجات لبنان الاقتصادية والاحتياجات إلى الاستقرار. بعد المواجهات المستمرّة منذ أشهر في الجنوب، خصوصاً أنّ التركيز هو على إنتاج تسوية دبلوماسية ما بعد المواجهات لإرساء استقرار طويل الأمد جنوباً. مع ما لذلك من ارتباط بإعادة إحياء الجنوب وتنميته، وبتفعيل عمليات التنقيب عن النفط والغاز.

جهاد أزعور وإعمار الجنوب

لا يمكن فصل الاستقرار وإحياء التنمية في الجنوب عن لبنان ككلّ الذي يحتاج فعليّاً إلى ما يعيد تعزيز التنمية فيه على مختلف الأصعدة. سياسياً، اقتصادياً، ماليّاً، وإدارياً. فهذا لا بدّ له أن يمرّ في إنتاج تسوية سياسية متكاملة ربطاً بتسوية الجنوب، تكون مرفقة بخطّة اقتصادية وماليّة متكاملة تعيد وضع لبنان على صلة بالمجتمع الدولي. وعلى سكّة التعافي الإداري والسياسي والاقتصادي. وفق هذه الرؤية عاد أخيراً اسم جهاد أزعور إلى التداول. إمّا في لقاءات عقدت معه على مستوى غربي، وإمّا من خلال تجديد طرح التساؤلات حوله وحول إمكانية إعادة العمل على إيجاد قواسم مشتركة بين القوى اللبنانية المختلفة للاتّحاد على اسمه كمرشّح رئاسي، حامل لمشروع إصلاحي ومزوّد بمقوّمات التوافق السياسي لإعادة تشكيل السلطة ليس على أساس الربح والخسارة للأفرقاء، ولا على قاعدة التحدّي أو المواجهة أو الانقسام السياسي. إنّما كفرصة أو فسحة أمل من ستّ سنوات يتمّ فيها نزع الكثير من الألغام القابلة للانفجار.

تنطلق هذه القراءة السياسية من مبدأ الارتكاز على ضرورة منع استمرار الانفجارات السياسية في لبنان بعد الانفجارات العسكرية في الجنوب. لا سيما أنّ كلّ الأطراف منهكة وهناك تهيّباً دوليّاً من استفحال مسار الانهيار الأمنيّ أو العسكري أو الاقتصادي الذي ستكون له تداعيات كثيرة على مستوى الدول المحيطة. وتجدّد الاهتمام الدولي بملفّ اللاجئين ومساعدة لبنان لمنع تسرّبهم باتجاه أوروبا أحد أبرز الدلائل.

ضمن هذه الرؤية، يندرج تجديد البحث والتداول وطرح الأسئلة حول أزعور. وذلك يأتي في ظلّ اعتبار أنّ لبنان يحتاج إلى مرشّح حاجة وضرورة وليس إلى مرشّح سياسي أو مرشّح فريق في مواجهة الطرف الآخر. من هذا المنطلق هناك من يعيد السعي إلى البحث في إعادة طرح الرجل كمرشّح توافقي وفق رؤية كاملة متكاملة سياسياً واقتصادياً. ولا تكون قائمة على مبدأ المواجهة. في هذا السياق، يشار إلى أنّ شخصيات دولية وعربية عديدة معنيّة بالملفّ اللبناني. قد التقت جهاد أزعور في الأيام القليلة الماضية في الولايات المتحدة الأميركية وفي دول أخرى. بينها عربية وخليجية، ومن بينهم مبعوثون إلى لبنان مكلّفون بالبحث في الملفّ اللبناني.

أزعور يتحرك

في الاجتماعات والأنشطة الأخيرة التي قام بها صندوق النقد الدولي في الولايات المتحدة الأميركية وخارجها. والتي شارك فيها سياسيون وخبراء واقتصاديون من مختلف أنحاء العالم، لتقويم ما فات واستشراف السنوات المقبلة ولمواكبة اقتصادات عدد من دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. كان الرجل بارزاً في رؤيته وطروحاته. هناك من سجّل عنه حيوية استثنائية لجهة الإلمام بملفّات المنطقة واقتصاداتها، ربطاً بالاقتصاد العالمي. ما بعد هذه الاجتماعات، وللمفارقة أنّ ذلك جاء بالتزامن مع تعبير مسؤولين دوليين عن استيائهم من غالبية الوفود اللبنانية التي زارت واشنطن، وعملت على البحث مع صندوق النقد أو مع مؤسّسات أخرى في الخطط والرؤى حول لبنان. ووجّهت انتقادات كثيرة لهذه الوفود. باعتبار أنّهم يتلهّون بصغائر وحسابات ضيّقة بدلاً من التركيز على ما هو أعمّ وأشمل وما تحتاج إليه بلادهم.

ومن بين الإنذارات التي تلقّتها الوفود اللبنانية المتعدّدة في واشنطن لغة “نفاد الصبر” لدى المجتمع الدولي التي كانت واضحة. بحال عدم الذهاب إلى إنجاز الإصلاحات المطلوبة. والمعبر الأساسي لها إعادة تشكيل السلطة وفق رؤية إصلاحية لا وفق رؤى سياسية. على هامش هذه الاجتماعات وما تلاها، هناك من خلص من ضمن تدويناته التي سجّلها حول أزعور. أنّه لا بدّ لهذا الرجل أن يكون له دور بارز في حال أُريد للبنان أن يسلك حقّاً طريق الإصلاح. وبناء عليه تجدّد الحديث والنقاش والسعي.

خالد البواب- اساس

مقالات ذات صلة