بين “القوات” و “الاشتراكي” “طلعات ونزلات”… وكيمياء غائبة!
لم تعد ذكريات الماضي تنفع بين حزبي ” القوات اللبنانية” و “التقدمي الاشتراكي” ، فالعام 2005 يبدو انه ولىّ الى دروب بعيدة المسافات، او قد تتلاقى عند الضرورة، وهذه الصورة ليست بعيدة عن مجمل افرقاء 14 آذار، الذين توحّدوا لسنوات ثم تفرّقوا، ولم يعد هنالك ما يجمعهم سوى بعض الانتخابات النقابية، بعد خلافات في السياسية أبعدتهم عن ذلك التحالف، الذي أنتج انتفاضة 14 آذار حيث جمعت مختلف الطوائف اللبنانية حينئذ، واول الخارجين من ذلك التحالف، كان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي تنحى عن ذلك التحالف في آب 2009 بطريقة فجائية، قائلاً :” التحالف مع قوى 14 آذار كان بحكم الضرورة، ولا يمكن أن يستمر”.
مع هذا التصريح بدأت معالم التفرقة تتضح بين اركان الفريق، الذين عايشوا تلك الفترة لبضع سنوات، حاملين شعارات لم تجمعهم في السابق، ما لبثت ان تبعثرت لاحقاً، امام جمهور كبير سار على خطاهم وآمن بهم الى اقصى الحدود، لكنهم ما لبثوا ان خذلوه ليصبح محبطاً جداً وما زال.
الى ذلك، لطالما كانت علاقة” القوات” و “الاشتراكي” متأرجحة، فتارة نرى حماسة وتحالفاً انتخابياً، وطوراً نرى غياباً لافتاً للكيمياء بين النائب السابق وليد جنبلاط وسمير جعجع، مع بعض “اللطشات” الفجائية، خصوصاً من قبل الاول، تدعو الى التساؤل:” ما الذي جرى حتى بدأت التوترات بين الطرفين”؟ وهذا يؤكد أن لا ثقة بين الرجلين، لكن عنوان” الحفاظ على مصالحة الجبل” كان طاغياً ومانعاً للخلافات والتناحرات السياسية، كما كانت دائماً زيارات بعض نواب “الاشتراكي” الى معراب تتخذ طابعاً محبّباً، من خلال الصور التي كانت تتخذ، وتطغى عليها ابتسامات النواب الاشتراكيين.
لكن ومنذ اشهر بان المرج ضمن عنوان” المصلحة لم تعد تقتضي”، لانّ التحالف الانتخابي في الشوف والجبل فعل فعله وانتهى، وهذه النهاية رسمها جنبلاط من خلال بعض تصريحاته ومقابلاته المتلفزة، اذ كان ” يلطش” دائماً رئيس ” القوات” من باب رفضه للحوار واتهامه بالعرقلة، فكانت تلك المواقف كفيلة بهدم العلاقة بينهما، حيث الخطى غير ثابتة والنتيجة واحدة، فالغزل السياسي القديم لم يدم طويلاً.
هذه الصور السياسية المتوترة، التي لاقت حركة لافتة على مواقع التواصل الاجتماعي بين مناصري الطرفين، أكدت على اهتزاز العلاقة بينهما مع بعض التردّدات، مع اعتبار مصادر مواكبة لعلاقة المختارة ومعراب،” أنّ الوضع تطور الى السلبية، خصوصاً بعد تغيّب النواب “الاشتراكيين” عن “لقاء معراب”.
واشارت المصادر المذكورة الى ما قاله جنبلاط، حين سُئل عن سبب مقاطعته لقاء معراب: “الحزب الاشتراكي هو الذي اتخذ قرار عدم المشاركة في اللقاء”، ورأى أنّ “جعجع يريد أن يثبّت نفسه زعيماً للمعارضة، لكن ليفعل ذلك من دوننا”، الامر الذي نفته مصادر” القوات اللبنانية” على الرغم من انّ لديها أكبر كتلة مسيحية في المجلس النيابي”.
في السياق، يبدو التوافق بين الحزبين سائراً نحو” القطعة”، لكن هنالك مخاوف من غياب ذلك في الملف الرئاسي، بعد التقارب الجنبلاطي الواضح نحو “الثنائي الشيعي”، وإمكانية دعم مرشحهما رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، مما يعني انّ ما يجري اليوم بين المختارة ومعراب، لا يمكن وصفه بغيمة صيف عابرة، بل بمجموعة غيوم على ما يبدو، مع ضباب وقلة ثقة متبادلة، وهذا يعني انّ تجارب الماضي التي تتطلّب وحدة في الصف السياسي، اقله حول القضايا الهامة اي الاستحقاق الرئاسي ، القادر ربما على انتشال لبنان من الانهيارات، لم تحقق فعلها على الرغم من الدعوات المتكرّرة الى رصّ الصفوف، والوحدة في المواقف المصيرية، بحيث تسيطر دائماً النكايات السياسية والتناحرات والانقسامات ، فيما يتم نسيان الجوهر في ظروف مأسوية تتطّلب الجمع، الذي يشكّل قوة في هذه المرحلة الدقيقة والخطرة.
صونيا رزق- الديار