ميشو… أين نذهب الآن؟ هل لبنان قادر على تحملّ كل أثقال «المحور»؟
يكشف تقرير لـBBC أنّ قطر تستضيف المكتب السياسي لحركة «حماس» بطلب من أميركا! منذ العام 2017 يقيم إسماعيل هنية رئيس المكتب في الدوحة، وسبقه إليها «تلبية» للطلب الأميركي، منذ 2012، خالد مشعل عندما غادر دمشق، في أعقاب تفجر الحرب الأهلية السورية ووقوفه إلى جانب المعارضة في مواجهة السلطة وحلفائها من إيران إلى «حزب الله».
انتقلت «حماس» إلى الدولة الخليجية هرباً من حلفائها المستقبليين، وكانت أميركا منقذاً يمد يد العون. فوفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية، واستناداً إلى «تصريحات عدة مسؤولين أميركيين وقطريين، فإنّ استضافة قطر لمكتب «حماس» جاء بطلب من الولايات المتحدة التي أرادت أن تفتح خطاً غير مباشر للتواصل مع الحركة».
لن نجادل الآن في أهداف ذلك التواصل، فمنذ تلك الأيام تكرّس الانقسام وتراجع مشروع السلطة الفلسطينية والدولة المستقلة، وصارت غزة إمارة تمولها قطر، ويعطف عليها «الإخوان» من الدوحة إلى أنقرة، بعد السقوط المدوي لحكم «الإخوان» في مصر. اليوم يتكرر الحديث عن احتمال اضطرار قيادة «حماس» لمغادرة قطر. الدوحة ألمحت إلى الأمر، و»حماس» تحدثت عنه، والسبب ضغوط إسرائيلية، والأهم، أميركية، تتصل بعدم تجاوب «الحركة» في مفاوضات الهدنة.
السؤال إلى أين ستنتقل القيادة هذه المرة؟ في الاحتمالات تحدث الخبراء عن تركيا والبعض عن ايران، وأوردت «لوموند» الفرنسية اسم الجزائر. لكن الخبراء استبعدوا هذه الاختيارات، فطهران معزولة، وانقرة متقلّبة، والجزائر بعيدة، وفي كل هذه الدول ستضطر «حماس» للرضوخ إلى أولويات الدولة المضيفة وحساباتها. يبقى لبنان حيث الدولة غائبة، لكنه كساحة ينتمي إلى «المحور المقاوم» و»حماس» موجودة وتتحرك فيه إعلاماً وسياسةً وصواريخ…
لكن ماذا بعد لبنان؟ هل إلى تونس كما حصل لمنظمة التحرير؟ وهل لبنان قادر على تحملّ كل أثقال «المحور» في صدامه الأبدي مع شياطين الأرض؟ قيمة لبنان أنه كان بلداً ديمقراطياً حراً، يتحمل في بنيته وحرياته حركات وأصواتاً وقضايا، لكنه منذ تحول ساحة للميليشيا فقد كل هذه الميزات والمقومات. وأحد أسباب فقدانه لها هو أجداد «المحور» اياه الذين أسهموا في تقويض دولته.
يروي أحد أركان البعث في مذكراته أنه كان طالباً بعثياً في الجامعة الأميركية في بيروت عندما وقع انقلاب البعث في العراق وتلاه بعد أيام انقلاب الحزب نفسه في سوريا. دبّ الحماس في قلوب طلاب البعث في الجامعة الامبريالية وشكلوا وفداً لزيارة القائد ميشال عفلق، المقيم في عين التينة، قرب فندق الكارلتون القديم، لتهنئته بالنصر التاريخي. عندما دخلوا المنزل استقبلهم «الأستاذ»، وهذا كان لقبه لدى مريديه، ودخلت زوجته إلى المطبخ لإعداد القهوة. قال أحد الشبان لعفلق: الآن يا استاذنا استولى حزبنا العظيم على بغداد ودمشق. بيروت ساقطة ولا تحتاج إلى انقلاب… قبل أن يجيب مؤسس البعث صرخت زوجته من المطبخ: ميشو… إلى أين سنذهب بعد الآن؟
طوني فرنسيس- نداء الوطن