أهداف ضربة “رد الاعتبار”: هذا هو الــ”الخيار المريح” لطهران!
رغم أن التهديدات الإيرانية بالرد على ما تقول إنه قصف إسرائيلي لقنصليتها في دمشق، ركزت حتى الآن، على سفارات تل أبيب في الخارج، إلا أن خبراء لا يستبعدون أن تصوب طهران، أو المليشيات التابعة لها، أسلحتها نحو أهداف في البحر الأحمر.
ومنذ قصف القنصلية بغارة منسوبة لإسرائيل، أول أبريل، وتهديدات طهران بالانتقام لا تنقطع، وأحدثها، قول المرشد الإيراني، علي خامنئي، خلال صلاة العيد، الأربعاء، إن “الكيان الخبيث أخطأ في الهجوم على قنصليتنا، ويجب أن يُعاقب، وسينال العقاب” على حد وصفه الذي أوردته وكالة “تسنيم” الإيرانية.
وكان يحيي رحيم صفوي، مستشار خامنئي، قال، الأحد، إن “جميع سفارات إسرائيل لم تعد آمنة”، وفق ما نقلته “تسنيم” كذلك.
والأربعاء، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية إن تقارير المخابرات الأميركية تُظهر أن هجوما من إيران أو وكلائها على أهداف إسرائيلية قد يكون وشيكا، بينما توجه الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية المسؤولة عن العمليات العسكرية لبلاده في الشرق الأوسط، إلى إسرائيل لتنسيق الرد على أي هجوم إيراني.
الوجود الإسرائيلي في البحر الأحمر
خلال عقود، عززت إسرائيل وجودها في نقاط إستراتيجية على سواحل البحر الأحمر، حتى لا يتكرر تعرضها للاختناق في الإمدادات الذي عانت منه حين سيطرت البحرية المصرية على مضيق باب المندب خلال حرب 1973، ومنها:
جزيرة دهلك الأريترية (أرخبيل جزر قبالة سواحل أريتريا الشرقية)، وأقامت هناك قاعدة عسكرية للرصد ومراقبة حركة السفن وناقلات النفط، بحسب تقارير عبرية، وكذلك لإمكان استخدامها كمحطة لتشغيل الغواصات المزودة بالصواريخ النووية.
حصلت إسرائيل على موطأ قدم في جزيرتي سنتيان وديميرا عند مضيق باب المندب، مما يسهل لها مراقبة المضيق، وتعاونت مع الجيش الأريتري تدريبا وتسليحا.
لتل أبيب أيضا قواعد في الجزء الغربي من إريتريا، منها قاعدتا رواجبات ومكهلاوي على حدود السودان.
تتحدث تقارير عن أنه في 2016 أنشأت إسرائيل قاعدة استخباراتية إلكترونية في إريتريا لمراقبة مضيق باب المندب.
أهداف ضربة “رد الاعتبار”
يرصد خبير الأمن القومي والعلاقات الدولية اللواء محمد عبد الواحد، ما يراها مؤشرات لاحتمال توجيه ضربة إيرانية للرد على استهداف القنصلية، ومنها:
توجد ضغوط داخل إيران على الحكومة لتوجيه هذه الضربة.
هناك لقاءات تمت بين المخابرات الإيرانية والمخابرات المركزية الأميركية في دولة عربية لضبط النفس وعدم التصعيد.
تصريحات الرئيس الأميركي، جو بايدن، بالوقوف مع إسرائيل في حالة توجيه طهران ضربة إلى تل أبيب.
زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية إلى تل أبيب لبحث الرد الإيراني المحتمل.
وعن الأهداف البحرية التي قد توجه لها الضربة يضيف عبد الواحد:
إيران قد تلجأ لعمليات رمزية ضد مصالح إسرائيلية على يد أحد أذرعها في المنطقة بعد تزويده بتكنولوجيا وأسلحة متطورة.
القطع العسكرية والوحدات البحرية الإسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي قد تكون ضمن الأهداف.
بشكل محدد فإن جزيرة “دهلك” على الساحل الإريتري، والتي يوجد بها جهاز إنذار مبكر، قد تكون هدفا محتملا، في ظل بحث طهران عن هدف قوي، ولكن لا يسبب إشعال حرب واسعة.
الحوثيون قد يستهدفون قطعا بحرية عسكرية إسرائيلية في البحر الأحمر.
اختيار مريح
يصف الخبير في الشؤون الإيرانية، وجدان عبد الرحمن، اختيار أهداف إسرائيلية بحرية لتوجيه الضربة الإيرانية بأنها “خيار مريح” لطهران، لأنه “سيترك الباب مفتوحا أمامها للتهرب من المسؤولية، فإيران لن تستخدم أراضيها لاستهداف إسرائيل بشكل مباشر”.
وعن الاحتمالات الواردة في هذا الشأن، يقول لموقع “سكاي نيوز عربية”: “الاستيلاء على سفن عسكرية أو تجارية تابعة لإسرائيل، وكذلك سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة وبريطانيا”.
ويشير عبد الرحمن في ذلك الصدد إلى تصريحات قائد البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، علي رضا تنكسيري، التي هدد فيها بإغلاق مضيق هرمز، ما قد يعني أن طهران “قد تستهدف السفن التجارية الإسرائيلية في بحر العرب والمحيط الهندي والبحر الأحمر وخليج عدن، والمضايق البحرية”.
رد غير سريع
تتناول الباحثة الأميركية المتخصصة في الشؤون الدولية، إيرينا تسوكرمان، المواقع التالية كأهداف محتملة في دائرة التصويب الإيرانية، وكلها في البحر الأحمر ما بين أريتريا والصومال:
قاعدة للجيش الإسرائيلي في أريتريا يزعم أنها في أرخبيل دهلك، وإريتريا لديها وضع أمني سيء بشكل عام، وسبق أن تعاونت مع إيران.
قاعدة صغيرة أو نقطة استماع على قمة جبل إمبا سويرا في أريتريا، وهو أعلى جبل هناك، وإذا كانا المعلومات بشأن احتمال استهدافها دقيقة، فقد تكن هدفا لطائرة بدون طيار بسبب الطبيعة المعزولة لذلك الموقع.
وعن أدوات التنفيذ، تقول الباحثة الأميركية: إيران تفضل العمل من خلال الحوثيين بدل من أن تعمل بشكل مباشر، لتجنب تعريض أراضيها لضربة مباشرة، خاصة وأن إسرائيل حذرتها من أنه إذا شنت ضربات من إيران ضد أي هدف إسرائيلي فسترد بقوة ضد إيران مباشرة. من الممكن أن تتعاون إيران والحوثيين كذلك مع القراصنة الصوماليين في مهاجمة السفن الإسرائيلية. وفي هذه الحالة، تتوقع إيرينا تسوكرمان أن تتوسع دائرة المعارك، لأن: “إسرائيل أعدت أيضا أسلحة يمكن أن تشارك في عمليات هجومية مباشرة، على غرار ما فعلته الولايات المتحدة وبريطانيا للرد على الحوثيين بتوجيه ضربات لهم”.
كما أنه “من غير المرجح أن تترك اسرائيل وأميركا وبريطانيا مثل هذه الهجمات دون رد، وإلا فإن صناعة الشحن الخاصة بهم ستواجه تدميرا كاملا”.
وبناء على ذلك، فإن الباحثة الأميركية ترجح أن إيران لن تتعجل توجيه الضربة، ولكن “ستنتظر حتى تهدأ يقظة إسرائيل وحلفائها، ومن غير المرجح يكون الهجوم كبيرا”.