الطامة الكبرى: تكريس سابقة فرض طاولة حوار او تشاور قبل انتخاب رئيس للجمهورية !
السفراء الخمسة: من المواصفات إلى النصاب
أوحى التحرك المستجد لسفراء «الخماسية» بأن لبنان يسير عكس تيار المنطقة. بينما تذهب هي الى مزيد من التصعيد والتعقيد، يبدو هو كأنه في طريق الاياب من الشغور. ظهرت اخيراً علامات غامضة ملتبسة، مؤداها ان دوافع تعذّر انتخاب الرئيس، قبل حرب غزة ومعها، قد تكون موشكة على النهاية…
عندما حملت كتلة الاعتدال الوطني الشرطين الجديدين الى السفراء الخمسة رفضوهما، واصروا على تشاور بلا دعوة وبلا رئيس له، على ان يصير الى ايلاء الاولوية لانتخاب الرئيس فحسب في دورات مفتوحة متتالية.
– دعوة رؤساء الكتل وتمثيلها كلها تبعاً لأحجامها دونما استبعاد احد.
– تولي الامانة العامة لمجلس النواب توجيه الدعوة ما دامت ستعقد في مقر البرلمان.
– يترأس التشاور رئيس المجلس ما لم يمانع فريق او يناط عندئذ بنائب رئيس المجلس.
– تشاور ليوم واحد فقط الى طاولة مستديرة يصير خلاله الى الاتفاق على مرشح او اثنين او ثلاثة او اكثر حتى، والتوجه بعدذاك الى جلسة الانتخاب.
– تعهّد الكتل جميعاً بلا استثناء اخلاقياً بالتزام نصاب الثلثين وعدم تطييره بعد الدورة الاولى من الاقتراع على غرار الجلسات الاثنتي عشرة الماضية.
– جلسات بدورات متتالية تصل الى اربع في اليوم فسحاً في المجال أمام التوافق على انتخاب رئيس. بانقضاء الدورات الاربع دونما انتخابه يقفل المحضر ويلتئم المجلس في اليوم التالي. تتيح الدورات الاربع منح اوسع حظوظ للفوز بالأكثرية المطلقة بين الدورة الثانية والرابعة في حال اخفق الفوز من الدورة الاولى بالثلثين. راعى هذا البند بين اصرار رئيس المجلس على اقفال الجلسة التي يتعذر فيها انتخاب الرئيس وبين ما يطالب به السفراء الخمسة ورامته كتلة الاعتدال الوطني مراعية بدورها المنادين بجلسة مفتوحة حتى انتخاب الرئيس. اذا المعادلة الجديدة: جلسات مفتوحة بدورات متتالية، لا دورات متتالية لجلسة مفتوحة.
مبادرة من عشر نقاط وافق السفراء الخمسة على ثمان منها
ما خلا بنديْ توجيه الدعوة وترؤس التشاور رحب السفراء الخمسة بالمبادرة ودخلوا للتو على خطها. اولى علامات تدخّلهم مقابلتهم امس رئيس المجلس والبطريرك الماروني ماربشارة بطرس الراعي على ان يستكملوا التحرك في الايام اللاحقة. وصلت النقاط العشر الى كتل بعضها ايدها كالتيار الوطني الحر ونواب مستقلين، وبعض تحفظ او عارض كالمعارضة المسيحية على رأسها حزبا القوات اللبنانية والكتائب. فريقان احجما عن ابداء رأييهما حتى الآن وهما معنيان اساسيان: حزب الله وتيار المردة.
بعض ما ورد في مبادرة النقاط العشر مثار جدل بدوره. حسنتاها الاثنتان: اولاهما ان لا مواصفات ولا فيتوات ولا اسماء قبل الجلوس الى طاولة التشاور على ان ينبثق من هذه المرشحون، وثانيتهما التزام نصاب الثلثين وعدم اطاحته في كل دورات الاقتراع. اما السيئة – وهي طامتها – فتكريس سابقة فرض طاولة حوار او تشاور قبل انتخاب رئيس للجمهورية، وتحوّلها لاحقاً الى قاعدة تبرر الشغور وتربط اي انتخاب للرئيس بالتوافق عليه قبل الذهاب الى البرلمان، على نحو يناقض تماماً ما نصت عليه المادة 49 في الدستور. يضاعف التخوّف من السابقة التفويض الى مجلس النواب توجيه الدعوة واقرانها بمحضر جلسة التشاور يجعل منها وثيقة رسمية. بذلك تمسي للبرلمان صلاحيتان: دستورية ملزمة هي انتخاب الرئيس، وواقعية هي التسليم باستباق الانتخاب بطاولة تشاور او حوار تدعى الكتل اليها ما يجعل من التوافق فيها شرط انتخاب الرئيس.