عبد اللهيان لـ”أساس”: نتشاور مع الرّياض لوقف الحرب في غزّة

تعمل إيران حثيثاً على 3 مستويات:

أوّلها: تثبيت إحكام قبضتها على لبنان وسوريا من خلال الحزب، ذلك أنّ الأخير هو إيران على ما قاله أحد قادة الحرس الثوري في تصريح صحافي سابق لصحيفة “فايننشيل تايمز“. وهو ما جاء بصورة أوضح على لسان وزير خارجيّتها حسين أمير عبد اللهيان عندما قال: “أمن لبنان من أمن إيران”.

ثانيها: رفع مستوى الحرارة في العلاقة مع السّعودية لمواجهة الميل الإسرائيلي العارم لتوسعة المدى الجغرافي للحرب، سواء في فلسطين أو على الخطّ الفاصل مع لبنان.

ثالثها: تثبيت حضورها على مستوى الإقليم، وكذلك مقعدها إلى طاولة أيّة مفاوضات مقبلة في ما يتعلّق بسياسة الشرق الأوسط، ولهذا كان عبد اللهيان يطيرُ من مطار رفيق الحريري الدّوليّ إلى مطار دمشق الدّوليّ.

وزير الخارجيّة الإيرانيّ لـ”أساس”: إيران تمتلك “خارطة طريقٍ واضحة لما يحصل في البحر الأحمر”. وما يقوم به الحوثيّون هو مُمارسة ضغط لوقف “جرائم الحرب والإبادة الجماعيّة ضدّ غزّة”

هذا ما يُمكن استخلاصه من زيارة وزير خارجيّتها حسين أمير عبد اللهيان لبيروت ودمشق. لكنّها في الوقت عينه تسعى إلى تثبيت نفوذها وحماية الحزب. وهذا ما يُستخلص ممّا قاله رئيس الدّبلوماسيّة الإيرانيّة عن أنّ أيّ توسعة للحربِ ضدّ لبنان تعني حُكماً نهاية رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو.

صوّبَ عبداللهيان نيرانه السّياسيّة تجاه الولايات المُتحدة وبريطانيا المُرابطتَيْن في البحر الأحمر. كما أكّدَ أنّ طهران تُنسّق مع الرّياض بشأن غزّة، وأنّ العلاقة معها تمضي قُدماً.

تجنّب الضّيف الإيرانيّ الحديث عن أيّ شأن لبنانيّ داخليّ، وتحديداً الملفّ الرّئاسيّ. وهذا بحدّ ذاته مؤشّرٌ إلى أنّه أرادَ لزيارته أن تكون ذات طابعٍ إقليميّ، خصوصاً أنّه التقى خلالها رئيس حركة “الجهاد الإسلاميّ” زياد النّخالة، والقيادي في حركة “حماس” أسامة حمدان. وقبلهما كانَ له لقاءٌ لا بُدّ منه مع الأمين العامّ للحزب حسن نصرالله.

البحر الأحمر.. خطأ أميركيّ – بريطانيّ

يقول وزير الخارجيّة الإيرانيّ لـ”أساس” إنّ بلاده تمتلك “خارطة طريقٍ واضحة لما يحصل في البحر الأحمر”. لكنّه يؤكّد في الوقت عينه أنّ ما يقوم به الحوثيّون هو مُمارسة ضغط لوقف “جرائم الحرب والإبادة الجماعيّة ضدّ غزّة”.

بطريقته المعروفة بـ”المُراوغة الدّبلوماسيّة”، يستدرِكُ عبد اللهيان ويقول إنّ بلاده تدعم استقرار أمن الملاحة البحريّة، وإنّ لطهران مصالح ومكاسب عبر الممرّات التجاريّة. وسريعاً ما يُصوّب على واشنطن ولندن، ويتّهمهما بتوسيع الحرب في البحر الأحمر عبر اتّخاذهما “خطوات استراتيجيّة خاطئة”.

يرسُمُ عبد اللهيان مخرجاً واحداً لإعادة الاستقرار إلى تدفّق التجارة العالميّة عبر البحر الأحمر، ألا وهو “وقف الحرب ضدّ غزّة”.

طهران – الرّياض: تشاورٌ مُستمرّ

تحدّث عبد اللهيان لـ”أساس” في لقاء جمعنا به مع عدد من الصحافيين في مبنى سفارة بلاده يوم السبت الماضي. فماذا عن علاقة بلاده بالسّعوديّة، هذه العلاقة التي وصفها سفير المملكة لدى طهران عبد الله بن سعود العنزي بـ”الاستراتيجيّة، وليست تكتيكيّة”.

يقول وزير الخارجيّة الإيرانيّ إنّ بلاده على تشاور مُستمرّ مع المملكة للتّوصّل إلى وقفٍ دائم لإطلاق النّار في قطاع غزّة. مِفتاح هذا التنسيق كانَ في اللقاء الذي جمع وليّ العهد السّعوديّ الأمير محمّد بن سلمان مع الرّئيس الإيرانيّ إبراهيم رئيسي على هامش القمّة العربيّة – الإسلاميّة التي عُقِدَت في الرّياض. وكانَت للوضع في قطاع غزّة الحصّة الكبرى.

يكشف عبد اللهيان أنّ الاتصالات على مستوى وزيرَيْ الخارجيّة لم تتوقّف للتّوصل إلى حلٍّ سياسيّ يُنهي العدوان الإسرائيليّ على القطاع.

صوّبَ عبداللهيان نيرانه السّياسيّة تجاه الولايات المُتحدة وبريطانيا المُرابطتَيْن في البحر الأحمر. كما أكّدَ أنّ طهران تُنسّق مع الرّياض بشأن غزّة، وأنّ العلاقة معها تمضي قُدماً

في سوريا.. زيارة للأسد وحديث مُطوّل

من لبنان غادَر وزير الخارجيّة الإيرانيّ إلى سوريا للقاء رئيس النّظام بشّار الأسد. تأتي زيارة دمشق بعد سلسلة غارات إسرائيليّة أدّت إلى مقتل العديد من المُستشارين الإيرانيين في سوريا، أبرزهم قائد فيلق القدس في سوريا العميد رضي موسويّ. كذلك التّوتّر المُتصاعد بين واشنطن وطهران على خلفيّة مقتل 3 جنود أميركيين في هجوم من كتائب حزب الله العراقيّ على نقطة تمركُز داخل الأراضي الأردنيّة على الحدود مع سوريا.

يؤكّد العائدون من دمشق أنّهم لمسوا “عبئاً إيرانيّاً” على كاهل النّظام السوري، عنوانه الاستهدافات الإسرائيليّة المُتكرّرة. يُمكن مُعاينة هذا التّوتّر بالاتّهامات التي وُجِّهَت إلى مسؤولين في دمشق حول كشف أمكنة وجود المُستشارين الإيرانيين، وهي اتهامات بالخيانة.

هذا العبء كان محلّ نِقاش بين رئيس النّظام وضيفه الإيرانيّ بحسب ما يكشف مصدر إقليميّ مسؤول لـ”أساس”. إذ طرح الأسد ضرورة تسوية “الأوضاع الميدانيّة تمهيداً للانسحاب الأميركيّ”، الذي باتَ قناعة مُحكَمة لدى المسؤولين السّوريين من رأس الهرم إلى أسفله. عبد اللهيان أكّد بدوره للأسد أنّ نقاش هذه النّقطة يتطلّب زيارة طهران ونقاشاً مع الرّئيس الإيرانيّ والمُرشد الأعلى علي خامنئي. وقد سلّم الضيف الأسد دعوة رسمية لزيارة بلاده.

يقول المسؤولون السّوريّون إنّ أيّ انسحابٍ أميركيّ ينبغي أن يُقابله انسحاب بقيّة القوى الأجنبيّة، بعد أن يستتبّ الأمر في ملء الفراغ شرق وشمال شرق البلاد. بطبيعة الحال لا يُقصَد بـ”بقيّة القوى” روسيا بل تركيا وإيران والقوى التي تدعمانها وتسلّحانها وتديرانها.

يؤكّد هذا أيضاً ما قاله السّفير الإيراني لدى دمشق حسين أكبري الذي ردّ على سؤال لجريدة “الوطن” السّوريّة حول “ضغوط إيران على سوريا بشأن المصالح الاقتصاديّة”، وذلك أثناء مؤتمر صحافيّ عقده في مبنى السفارة بقوله: “نحن موجودون في سوريا بقوّة ووفق القوانين الدولية ولن نتراجع أبداً”.

لم يكُن السّؤال السّوريّ عن “عبث”، ومن يعرف كيف تُصاغ الأسئلة في سوريا، يُدركُ أنّ السّؤال عن “الضّغوط الإيرانيّة على سوريا” لم يكُن من بنات أفكار سائله. وهذا ما استدعى التشديد الإيرانيّ على البقاء.

ابراهيم ريحان- اساس

مقالات ذات صلة