خاص: بين “غياب الأب.. وتغييب الإبن”: “لماذا على اللبنانيين المشاركة في ذكرى 14 شباط”؟؟

كثيرون كتبوا.. وكثيرون سال حبر أقلامهم على الورق أو المواقع الإلكترونية.. وسواهم حللوا واستنتجوا وخلصوا إلى نتائج ترضي طموحات هذا التيار وذاك الاتجاه.. او العكس..

ولكن يبقى السؤال: “لماذا على اللبنانيين “كل اللبنانيين” المشاركة في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري؟!”..

والجواب “السهل الممتنع”.. لأن الذكرى بحد ذاتها لكل لبنان من أقصاه إلى أقصاه.. بل ولها ألمها ووقعها مهما مرّت السنوات.. ومهما ابتعدت التواريخ.. فلن تغيب الروح ولو غاب الجسد..

هذا العام المناسبة مختلفة.. بل تتماهى ما بين “غياب الأب.. وتغييب الإبن”.. لذلك على اللبنانيين بكل أديانهم وطوائفهم وانتماءاتهم وعقائدهم ومناطقهم.. النزول يوم 14 شباط ليس ليردّوا التحية إلى سعد الحريري.. بل ليردّوا التحية إلى أنفسهم.. في هذا النهار الكبير والأليم..

نحن كشعب لم ولن نصدّق أنّه تفرّد باتخاذ قرار الخروج من المشهد السياسي اللبناني “فجأة”.. ودون أي سابق إنذار ودموعه يوم الرحيل كانت خير دليل..

كما لن نصدق أنّه فجأة قرّر العودة بعد 3 أعوام من الغياب.. وإنْ كانت عودة “جس نبض” لتليها عودة على مراحل.. خاصة أنّه ما من طبخات “استوت” في المنطقة ولا حتى حول العالم..

لذلك لن نكون سُذّجاً والاقتناع بأنّه “ح يبق البحصة”.. التي أوشك أنْ يختنق بها.. والصغير قبل الكبير على دراية بأنّه لا يزال معتكفاً.. ويركّز على تجارته وصفقاته.. أقله لاستعادة الوقوف على قدميه بعد الانهيار الكبير..

يُضاف إلى كل ذلك عدم وجود أي مؤشّرات محلية وعالمية.. تحسم قرار العودة.. ما خلا الحراك الروسي تجاهه أو حتى تحرّك “خلية النحل” داخل “بيت الوسط”.. وهو ما يشي بطبيعة الحال عن العودة الحتمية.. لكن قد لا تكون إلا لأيام معدودات..

وعليه.. كثيرة الخبريات وكلام المصادر والأوساط والمطلعين.. ولكن جميعها تبقى في خانة التكهنات.. لنقف أمام حقيقة أوضح من عين الشمس.. كثيرون يتعامون عنها.. وهي أن كل ما جرى مع هذه الرجل كان مدروساً بالقلم والمسطرة.. سواء قرار استبعاده عن الساحة اللبنانية في زمن “اللاشيء” والفراغ من كل شيء.. وحتى تحديد “ساعة صفر” عودته هي أيضاَ مدروسة بأدق تفاصيلها..

ومع ذلك، ورغم كل ما يُقرّر عربياً ولا سيما سعودياً.. وإقليمياً ولا سيما إيرانياً.. ودولياً ولاسيما أمريكياً.. لسعد الحريري حيثية شعبية.. وقاعدة جماهيرية لا يستطيع احد نسفها..

فبعد 3 سنوات على غيابه.. عجز كثيرون عن ملء فراغ غيابه.. وحتى شقيقه بهاء الساعي إلى المجد الزائل كان أفشل من أن يحل في موقع سعد.. كما الكثيرون حاولوا وسعوا ووضعوا الخطط.. لكن كل ما فعلوه انتهى “هباءً منثوراً”.. والكثير منهم كان لا يحلم بكرسي على مائدة يولمها على شرفهم “السعد”…

وحتى بغياب سعد و”تيار المستقبل” كثيرون تربّعوا على الكراسي البرلمانية.. والأكثر منهم اعتلوا المنابر والشاشات وراحوا يحللون ويستنتجون.. وحتى مَنْ يصفون أنفسهم بـ”التغييريين” الذين فرش أمامهم غياب سعد بساط الوجود.. آن الأوان لينحنوا أمام عودته لأن غيابه أوجدهم.. ولو كان موجوداً لكانوا “تعملقوا” تحت جناحه..

ويكفي سعد الحريري تيقّن كل الطبقة السياسية من أنّ غيابه خسارة.. بدءاً من “البرتقاليين” الذين اعتذروا بشكل غير مباشر على لسان آلان عون.. وكلمة الرئيس نبيه بري بوصفه سعد الحريري بـ”الرابح الأكبر”: أهلاً وسهلاً بعودتك الى العمل السياسي عندما تقرّر. لقد أثبتت الانتخابات الأخيرة أنّ سعد الحريري هو الناجح الأكبر، على الرغم من اعتكافه، فمن النهر الكبير الى الناقورة حصد 24 % من الطائفة السنيّة من غير أن يُشارك في الانتخابات”.

وحتى الحزب الاشتراكي وكذلك القوات اللبنانية وإن كانت تتبجّح إلا أنّ كل الأحزاب وعلى رأسهم حزب الله بصموا بالعشرة على أهمية وجود سعد الحريري في المشهد السياسي اللبناني..

من هنا.. لعله كان من الضروري أنّ يتكرر المشهد.. وكما غاب الرئيس الشهيد عن رئاسة الحكومة لعامين ترك البلد فيها يتيماً.. فإنّ غياب سعد كان دليل على أنّه حاضر وموجود وإنْ غاب..

سعد الحريري -نحن كلبنانيين- بحاجة إلى وجوده ووسطيته.. نحن بحاجة إلى سنّي معتدل يحب الدولة والوطن.. سنّي شعاره “لبنان أولاً”.. سنّي مؤسّساته تضم كل المذاهب والأديان دون تفرقة.. سنّي يقود حكومة البلد دون تطرّف أو تمييع..

نحن بحاجة إلى الدم الشاب للقيادة.. و”يتصوّر سيلفي.. وين المشكل؟!”.. ولن ننكر أنّ “الصهر المدلل” باسيل خدعه وغشّه.. وكان ربما “طيبة منه” او جهلاً سياسياً منه أنْ انقاد وراء صفقة هدمت البلد وأدخلته في عهد جهنم.. وأظهرت للعيان أنّنا كنّا أمام مغارة تضم مئات اللصوص.. ليشكّل غيابه أكبر اعتراف بذنوبه التي قد لا يغفرها له البعض..

ولكن في ختام المسار.. آن الأوان لتصفية الحساب مع “كلن يعني كلن”.. ولا أنْ تقتصر العقوبات على سعد الحريري ونفيه خارج البلد.. بل لا بد وأنْ نضع نقطة على السطر.. ونبدأ من جديد مع سعد الحريري.. لأنّنا لن نستطيع النهوض دونه ليس كشخصه.. بل غيابه إلغاء للسني الأقوى على الساحة اللبنانية.. لأن البلد لا ينهض إلا بكل أركانه وبكل طوائفه على أمل إلغائها..

خاص Checklebanon

مقالات ذات صلة