خاص: ضعنا بين الدجّالين والبصّارين… و”الإرصاديين” المترصدين!
غريب أمرنا.. أم إنّها عدوى انتقلت إلينا من أصحاب الرايات السوداء.. حتى صرنا نتمتّع بجلد أنفسنا.. نركض خلف ما يُقلقنا.. وعلى رأي إخواننا في مصر المحروسة “نقدّر البلا قبل وقوعه”.. نجري جري الوحوش خلف الألم والقلق والتوتر..
بل الأنكى أنّنا تقمّصنا سمات الدجّالين والبصّارين ومعتوهي الشاشات.. فصار هذا يقول “سمعتي فلانة شو قالت”.. وذاك يردّد “عرفتوا العرّاف فلان شو قال”.. وأحدث النكات أنّ إحداهن التي تحمل لقب “سيدة الإلهام” توقّعت دجلاً طلاق الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز من زوجها الممثل “الجديد” أحمد العوضي..
ما علينا.. فقد شططنا عن موضوعنا.. مر علينا منخفض جوي كان قاسياً نوعاً ما.. ليس لأنّه يحل في غير زمانه وأوانه فنحن في كانون الثاني.. وهو أمر طبيعي.. لكنه كان قاسياً “كثيراً” بسبب الإهمال والفساد المستشري حتى النخاع في لبنان بدءاً من المسؤول حتى المواطن..
فغرق من غرق.. وطاف من طاف.. وجدران سقطت.. وسيارات تضررت.. ومال عام وخاص ناله من الأذى ما ناله.. “وفوق هيدا كلّه بيطلعك”.. اخبار عن “محلل جوّي” يتكلم عن أمطار طوفانية.. رياح إعصارية.. حرارة دون معدلاتها الموسمية بعشر درجات.. ارحمونا يا اهل الخير..
أصبحنا نعيش يومياتنا منتظرين “متوقّع الأرصاد”.. رغم انه قد يكون عالماً ودارساً لعلم الأرصاد الجوية.. وحساباته المناخية.. وتقديراته الحرارية.. لكن السؤال هو لماذا يلجأ إلى عبارات “ترعب الناس وتهوّل عليهم حياتهم ولا تهوّنها أبداً”.. فتزيد الطين بلّة وترفع من منسوب القلق والتوتر وكأنّنا نعيش في موناكو و”الدنيا ربيع والجو بديع”..
حملنا ما نعانيه وما نرتكبه من نقل عن “الارصاديين” الذين يهوّلون علينا ويتلذذون بمتعة الخوف في داخلنا.. إلى الأخصائية بعلم النفس شمس وهبي وسألناها عن السبب.. وهل لما نعيشه من “تكّات ورعبات” بشكل شبه يومي علاقة؟!.. أم إنّنا أصبحنا كالدجاج تدجنّا على تلقّف كل ما يُخيفنا.. الله يرحم إيام الهزة.. وعالم الفلك الهولندي شو عمل فينا و”نيّم” الناس بالشوارع”..
فبدأت معنا بمقولة لعالم النفس البشرية سيغموند فرويد خلال لقاء مع عدد من طلابه حيث قال: “لستُ بحاجة لبث القلق فيكم، فكل واحد منّا قد ابتُلِيَ بهذا الشعور، والحق أقول لكم إنّها حالة وجدانية نشعر بها بأنفسنا وتعاودنا مرّة تلو الأخرى”.
تلك المقولة حسب “وهبي” دليل كبير على أنّ “القلق شعور اضطرابي، ينشأ تلقائياً كلّما طغى على النفس البشرية العديد من المؤثرات الخارجية الشديدة، التي لا يمكن السيطرة عليها، بمعنى آخر أنّنا كشعب لبناني وبعد كل ما عانيناه من هموم وأزمات أصبح الاضطراب والقلق عادة نتمتع بها بشكل مرضي دون أن نشعر”.
وبخلاصة كلام وهبي ، أنّنا أصبحنا فعلاً “نبحث عن القلق ونتناقله بلا وعينا، متأثرين بما مرّ ويمر علينا، وهو رد فعل طبيعي في ظل انعدام الرفاهية في الحياة، وغياب كل أثر للأمل المنير في الأفق”..
وكل شتوة وإنتم بخير!!
خاص Checklebanon