إسرائيل تحتفي بـ”فهلوة” الناطقين العسكريين: أفيخاي صانع دعاية…و”ردّاح” ضد أنغام!
ارتأت وسائل إعلام عبرية أن تحتفي بـ”فهلوة” الناطقين العسكريين في جيش الاحتلال، بمناسبة مرور “مئة يوم” من الحرب الإسرائيلية على غزة، حدّ التضخيم المفضوح، عند استعراض “نجاحهم المزعوم” في تسويق الدعاية الموازية للمعركة الميدانية.
لا شك أنها مبالغة إعلامية إسرائيلية مقصودة، توقيتاً وسياقاً، خصوصاً أنها جاءت في حين تتجلى حدة الابتذال والانكشاف لرواية الاحتلال عالمياً، لدرجة أنها أصبحت دليل إدانته في محكمة الجنايات الدولية، بموازاة الشواهد الميدانية على الإبادة الجماعية في القطاع.
كما أنها مبالغة دحضها محللون ومراسلون عسكريون إسرائيليون مرات متعددة خلال الحرب، حينما اعتبروا أن وحدة الإعلام العسكري بالغت كثيراً في الحديث عن “إنجازات الجيش في غزة”.
واحتفاء بالناطقين العسكريين أيضاً، نشرت صحف عبرية نتيجة استطلاع للرأي العام الإسرائيلي، تلاه رئيس أركان الجيش، وأظهر حصول الناطق بلسان الجيش دانيال هغاري، على نسبة تأييد إسرائيلية فاقت 70 في المئة.
أفيخاي للعرب.. ودانيال للغرب
والحال أنّ جيش الاحتلال وزع الأدوار بين ناطقيه، كل حسب الجمهور المستهدف. ففي حين خصص الناطق دانيال هاغاري لمخاطبة الجمهور الغربي على طريقته، تولى ناطقه أفيخاي أدرعي محاولات تزوير الحقيقة وتضليلها لدى الجمهور العربي، مستخدماً أسلوباً لا يخلو من الردح، وبلسان عربي.
وذهبت صحيفة “إسرائيل اليوم” اليمينية إلى نشر مقال يستعرض “بطولات أفيخاي” في السوشال ميديا بعنوان: “عندما تكون التغريدة أقوى من السيف: كيف يفوز المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي بالقلوب والعقول؟!”.
واستدعت الصحيفة العبرية المقربة من نتنياهو، مجزرة مستشفى المعمداني، لطرحها مثالاً على “نجاعة دعاية” أفيخاي، بتحريفه الحقيقة وادعائه أن الواقعة نتجت عن “صاروخ فلسطيني، لا صاروخ إسرائيلي”. وقالت إن “رواية أفيخاي-دانيال هي التي وجّهت الإعلام العالمي”.
صفحة أفيخاي.. دليل كذبه
لكن الصحيفة أغمضت عينيها عن حقيقة أن الدعاية الإسرائيلية مهما أُجيد صنعها، ومهما بحثت عن “ثغرات”، فإن الرأي العام العربي يتشبث بتكذيب أي شيء يقوله الاحتلال.
وقد دلّ على ذلك، تجنّد أعداد متزايدة من ناشطي التواصل الاجتماعي العرب في سبيل تكذيب كل ما ينشره “أفيخاي” في صفحته الفايسبوكية، وكتبوا تعليقات غاضبة وساخرة من منشوراته وفيديوهاته، عبّروا فيها عن دعمهم للفلسطينيين.. باستثناء قلة من تعليقات بأسماء عربية وهمية، أو معروفة بآراء شاذة داعمة للاحتلال.
وهو مُعطى يؤكد إخفاق أفيخاي في اختراق الوعي الجمعي العربي، بدليل أن أسماء مكررة، أو غامضة، هي المواظبة، فقط، على كتابة تعليقات مؤيدة لأفيخاي، تحت مسمّى أنها “عربية الجنسية”.
وهنا، حاول أفيخاي أدرعي أن يُبرر فشل دعايته في نيل “تصديق العالم”، إذ اعترف بأن إسرائيل لم تنجح في إقناع الرأي العام العالمي بشكل كامل، غير أنه أرفق اعترافه بزعم مفاده أن “دعاية الجيش نجحت في خلق فهم بأن حماس تكذب”، وفق قوله.
مراحل الدعاية
ونقلت صحف عبرية عن ضابط سابق في وحدة إعلام الجيش الإسرائيلي، قوله إن حرب الدبلوماسية العامة لا تقتصر على وسائل الإعلام التقليدية من شبكات التلفزيون والصحافة، وإنما بشكل أكثر فعالية في فايسبوك، وموقع “إكس”، ويوتيوب. وتحدث خبراء إسرائيليون في الإعلام الأمني والعسكري عن مراحل صياغة الدعاية من قبل الناطقين باسم جيش الاحتلال، إذ يقولون إن حادثة معينة تتطلب رداً سريعاً؛ كي لا تقع في أيدي الخصم. وأضافوا أنه إذا كنت تريد أن تكون لاعباً في هذا المجال، فعليك أن تخلق “ثقافة وأخباراً وأجندة”.. وفي المقابل، إذا كانت هناك أجندة لم تقم بإنشائها، فعلى الأقل “لا بد من بذل الجهد للدخول فيها بالوقت المحدد”.
وما سبق، يؤشر إلى استراتيجية صناعة الدعاية العسكرية الإسرائيلية، رغم أن محطات التلفزة العبرية طرحت أسئلة “استنكارية” على محلليها في خضم حرب غزة، بشأن خروج مظاهرات كبيرة في أوروبا وأميركا تأييداً للفلسطينيين بالرغم من “الدعاية العسكرية المُتقنة”. وهذا بحد ذاته يُعد دليلاً آخر على أن المعلومة هي الوسيلة الأنجع لتمكين الحق الفلسطيني من مواجهة كذبة الدعاية الإسرائيلية.
واللافت أن الصحيفة العبرية كشفت اعترافاً لوحدة إعلام الجيش الإسرائيلي، بشأن مراقبتها ما تنشره وسائل إعلام عربية مؤثرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ثم تقوم الوحدة الإسرائيلية بصياغة الدعاية المضادة. وذكرت أن الناطق أفيخاي يقدم دعايته، بشكل لغوي مناسب للهدف.. فتارة يحكي الدعاية بلغة عربية فصحى، وتارة أخرى بالعامية، وأحياناً “أدبية”، وربما “كوكتيل”.
أفيخاي يرد على أنغام!
الحال أنّ أفيخاي ومساعديه في وحدة الإعلام العسكري لا يصوغون الدعاية رداً على الأحداث فقط، وإنما أيضاً ضمن “استجابات فورية” على أخبار وتعليقات إعلاميين ومشاهير عرب، وهو أمر يؤكده الإعلام العبري، ومعه أمثلة عملية.
وعندما شتمت المطربة المصرية أنغام، أفيخاي، بعدما طلب انتقال سكان حي الزيتون في مدينة غزة إلى الجنوب، بقولها “الله ياخدك”، ردّ عليها أفيخاي: “الله يعينك، سيأخذنا جميعاً، الفرق هو أن البعض سيلقى الموت بعد الكثير من الألم والمعاناة”.
إذن، هي طريقة شعبوية ومبتذلة يتبناها أفيخاي في ردوده على العرب، معتقداً أنها الطريقة “الأمثل” لاستمالة فئة عربية معينة، أو مواجهة الغاضبين من ممارسات الاحتلال. وبرر أدرعي معايير قرار الرد لديه، بادعائه أنه “في كثير من المناسبات يمكن للتغريدة أن تحل محل القنبلة”.
بروفايل أفيخاي
واستعرضت صحيفة “إسرائيل اليوم” بعضاً من بروفايل أدرعي (41 عاماً)، واصفة إياه بأنه في طليعة جهود الدبلوماسية العسكرية العامة باللغة العربية، وبدأ مهمته قبل 18 عاماً حينما قررت قيادة الجيش سحب أدرعي في اللحظة الأخيرة من منصبه في وحدة الاستخبارات 8200، وكان عمره وقتها 23 عاماً.
ولسنوات عديدة، كانت وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي تابعة لمديرية المخابرات العسكرية، ثم نُقلت في النهاية إلى مديرية العمليات، بدعوى أن “الإعلام جزء من الجهد العملياتي للجيش”، بهدف “شرعنة” عدوانه.
المدن