الصراعات تحتدم داخل قصر العدل: من يخلف عويدات وما علاقة قضية المرفأ؟

“غسان منيف عويدات”. يطغى اسم المدعي العام التمييزي الحالي على المشهد العام داخل قصرعدل بيروت منذ أسابيع طويلة. والسؤال الأكثر تداولًا، لا يتمحور فقط حول اسم القاضي الذي سيشغل منصب المدعي العام التمييزي، بعد إحالة عويدات إلى التقاعد في الواحد والعشرين من شباط المقبل، بل يتخطى ذلك، لتبرز تساؤلات كثيرة حول إمكانية تحريك قضية المرفأ وعودة المحقق العدلي، طارق البيطار إلى متابعة تحقيقاته.

“صراعات متجددة”

في الواقع، تحتدم النقاشات القضائية حول ملف المرفأ تحديدًا، لكونه من أبرز القضايا السياسية الحساسة القادرة على تحريك الشارع اللبناني في أي لحظة، نسبة لمذكرات التوقيف الصادرة بحق مجموعة من السياسيين والأمنيين. وقد يبدو للوهلة الأولى، أن قصر عدل بيروت في حالة من الجمود والركود، كباقي مرافق الدولة اللبنانية والمؤسسات الرسمية، لكنه على خلاف ذلك، بات مليئًا بالصراعات القضائية التي اشتدت في الأيام الأخيرة، بالرغم من محاولات عديدة لتدارك الأزمات القضائية أو على الأقل عدم تسريب المعطيات المنبثقة عنها، للتحفظ عن تفاصيلها.

قانونًا، يتوجب على مجلس الوزراء عقد جلسة لتعيين مدعٍ عام أصيل، وهو الأمر المُستبعد حاليًا بسبب الشغور الرئاسي. لذلك، من المُفترض أن تُكلف القاضية ندى دكروب (الأعلى درجة بين قضاة النيابة العامة التمييزية) بهذا المركز (راجع “المدن”) .

هذا المسار لن يكون محسومًا، بل من الممكن أن يتغير، كأن يتم انتداب القاضي الذي سيخلف عويدات، بعد تشاور مجلس القضاء الأعلى مع وزير العدل القاضي هنري الخوري، أو أن يتم الاستناد إلى مجموعة من مواد قانون تنظيم القضاء العدلي، التي تعطي صلاحيات واسعة للرئيس الأول لمحاكم التمييز شبيهة بصلاحيات الوزير. هذا معناه إمكانية انتداب القاضي جمال الحجار لتولي منصب المدعي العام التمييزي.

المرفأ..مجددًا

وانطلاقًا من أهمية هذه الخطوة، تكثر الاستفسارات الرسميّة وغير الرسمية داخل قصر عدل بيروت حول تداعيات هذا الانتداب على قضية المرفأ.

وواقع الحال، فإن الرئيس الأول لمحاكم استئناف بيروت، القاضي حبيب رزق الله هو القاضي المُكلف للتحقيق مع البيطار بما يتعلق بالشكوى التي تقدم بها عويدات ضد البيطار بجرم “اغتصاب السلطة”.

وكان أمام رزق الله خيارات محدودة فقط؛ كأن يعتبر بأن البيطار لم يرتكب جرم اغتصاب السلطة (فيعود البيطار إلى متابعة القضية)، أو أن الاجتهاد كان باطلًا، وتجاوز البيطار الصلاحيات المنوطة به واغتصب السلطة، وهنا يترتب عن ذلك إجراءات عقابية قد تصل إلى عقوبة السجن. لكن، بعد استئناف القاضي عويدات للكتاب الذي حُوّل له من القاضي رزق الله لمطالبته بـ”تصحيح الادعاء على البيطار”، باتت الأمور ضبابية عما إن كان رزق الله سيتمكن من تعيين جلسة لاستجواب البيطار وحلّ هذه القضية أم سيكون ملزمًا بانتظار تشكيل هيئة اتهامية. (راجع “المدن”).

في المقلب الآخر، من الممكن أن تُعاود النيابة العامة التمييزية استلام المستندات أو المذكرات من البيطار في حال قرر المدعي العام الجديد “إلغاء” قرار عويدات المُعمم سابقًا، لكونه قرارًا إداريًا، حين طلب من “رئيس وموظفي قلم النيابة العامة التمييزية وأمانة سر النائب العام لدى محكمة التمييز عدم استلام أي قرار أو تكليف أو تبليغ أو استنابة أو كتاب أو إحالة أو مذكرة أو مراسلة أو مستند من أي نوع صادر عن المحقق العدلي القاضي طارق البيطار”.

المعروض أعلاه، هو من السيناريوهات المتوقع حصولها. والأهم أن جميع المسارات لم تُحسم بعد وقد تتبدل خلال الأيام المقبلة.

خلاصة الكلام، إن المستجدات التّي تتململ تحت طاولة المعنيين وفي مجالسهم الخاصة، لا تشي سوى بكون أن قضية المرفأ وغيرها من القضايا الساخنة والشائكة، على وشك التفجر أكان في قصور العدل أو في الشارع خلال المرحلة الراهنة. واستشراف الأسوأ في هذه الحالة ليس ضربًا من ضروب الخيال، بل هو توقع عمليّ ناجم عن الخلافات القضائية المتجدّدة بشكل مستمر.

فرح منصور- المدن

مقالات ذات صلة