طائرات تجسّسيّة أميركيّة تسرح وتمرح في الأجواء اللبنانيّة دون حسيب او رقيب: استطلاع وتنصّت 24/24
يتحدّث البعض عن إمكانية أن تكون هذه الطائرات محمّلة بأجهزة تشويش ورصد وتعقّب وتجسّس واستشعار تُساعد العدوّ الإسرائيلي في حربه، بعدما عمل حزب الله على تدمير أجهزة العدوّ على الحدود
منذ بدء العدوان على قطاع غزّة، ما زالت الطائرات العسكريّة الأجنبيّة تسرح وتمرح في الأجواء اللبنانيّة، دون حسيبٍ أو رقيب. وبينما يتحدّث البعض عن إمكانية أن تكون هذه الطائرات محمّلة بأجهزة تشويش ورصد وتعقّب وتجسّس واستشعار تُساعد العدوّ الإسرائيلي في حربه، بعدما عمل حزب الله على تدمير أجهزة العدوّ على الحدود، إلّا أنّه لا شيء يُمكن تأكيده، مع تكتّم المسؤولين الأمنيين عن حمولة هذه الطائرات، والاكتفاء بالإشارة إلى أنّ لبنان يفتش كلّ الطائرات التي تحطّ في مطار بيروت الدولي أو في قاعدة حامات الجويّة العسكريّة.ورغم تأكيد الجيش في أكثر من مرّة أنّ حركة الطائرات «طبيعيّة وروتينيّة»، إلا أنّ العودة شهراً إلى ما قبل 7 أكتوبر، تظهر أنّ الحركة نشطت أكثر بـ 90%.
قبل الحرب، كانت حركة الطائرات تسجل هبوط نحو 14 طائرة عسكريّة شهرياً، أو أكثر بقليل كما حصل في شهر أيلول الماضي حينما حطّت 17 طائرة في لبنان، معظمها تتعلّق بقوّات «اليونيفيل»، فيما كانت بقية الطائرات عربية وقد أتت من القاهرة والمنامة.
وبحسب داتا «Intel sky» المتخصّص في رصد حركة الطائرات، ارتفع العدد بعد 7 تشرين الأوّل ليصل إلى ما معدّله طائرة يومياً، تُضاف إليها طائرات أميركيّة تجسسيّة!
وقد سبق لـ«الأخبار» أن نشرت جدولاً مفصلاً لحركة الطائرات العسكريّة الغربيّة بين 8 تشرين الأوّل و9 تشرين الثاني. فيما تُظهر «الداتا» للفترة التالية، هبوط 31 طائرة عسكريّة أجنبيّة بين الفترة الممتدّة من 14 تشرين الثاني حتّى 18 كانون الأوّل، غالبيّتها حطّت في مطار بيروت باستثناء 3 طائرات في قاعدة حامات. أما جنسية الدول المرسلة لهذه الطائرات، فهي بريطانيّة (7) وأميركيّة (4) وهولنديّة (3) وواحدة تابعة لحلف «الناتو» أتت من فنلندا، وهي المرة الأولى التي يرسل فيها «الناتو» واحدة من أكبر طائرات الشحن العسكري، بالإضافة إلى طائرات إسبانية وبولندية وفرنسيّة وإيطالية، وهي عادةً ما كانت تحطّ في بيروت قبل الحرب، في إطار عملها في نقل جنود «اليونيفيل» والمعدّات الخاصة بهم.
حركة الطائرات خفّت وتيرتها مع بداية الشهر الحالي، لتُصبح بمعدّل طائرة كلّ 3 أيّام، باستثناء يوم 12 كانون الأول حينما هبطت 3 طائرات في مطار بيروت. ولم يُعرف ما إذا كانت بعض الطائرات الأجنبيّة باتت تُطفئ إشاراتها أو أنّ الحركة تراجعت فعلاً.
أميركا تأمر بحفظ السريّة
عندما هبطت الطائرة العسكريّة الأميركيّة من نوع «CASA CN – 235 -300 »، أطلقت نداءً «GONZA» إلى برج المراقبة الخاص بمطار بيروت قبل وقت قصير من الهبوط. وفي وقت لاحق، غابت عمليات الإبلاغ عن الإقلاع والهبوط، وتبيّن ذلك بعد نشر «الأخبار» التقارير عن قيام الطائرات بإطفاء إشاراتها كلّما دخلت الأجواء اللبنانيّة. وقد طلبت هذه الطائرات من برج المراقبة في مطار بيروت ومن قاعدة أكروتيري الجويّة العسكريّة البريطانية الواقعة في قبرص، عدم إدراج رحلاتها ضمن جداول الرحلات الذي تُنشر على أنظمتها الخاصة.
وعليه، اكتفت هذه الطائرات الأميركيّة التي دخلت إلى لبنان بطريقة شبه «سريّة» بإبلاغ برج المراقبة عند دخولها إلى الأجواء اللبنانيّة شفهياً عبر اللاسلكي، ما يصعّب مسألة رصد عددها الفعلي ووجهة هبوطها (في مطار بيروت أو حامات)، وإن كان «Intel sky» قد تمكن من رصد دخول أكثر من طائرة عرّفت عن نفسها بـ«Gonza» إلى الأجواء اللبنانيّة بين شهرَي تشرين الثاني وكانون الأول.
ولا يكتفي سلاح الجو الأميركي بالتعدّي على الأجواء اللبنانيّة عبر إطفاء إشارات طائراته، بل فعل ما هو أخطر، عبر واحدة من أهم الطائرات التجسسيّة من نوع «MQ9»، إذ تم رصدها 3 مرّات على الأقل (في 12 و14 و19 كانون الأوّل) وهي تدخل مجال الطيران المدني، من دون الإفصاح عن طبيعة مهامها، وخصوصاً أنّ بإمكانها إلى جانب مهامها الاستطلاعيّة والتجسّسية على مساحة واسعة، أن تقوم بعمليّات هجومية عسكريّة كونها تكون عادةً محمّلة بالصواريخ.
تطرح حركة الـ«MQ9» الكثير من علامات الاستفهام حول المهام التي نفّذتها ووجهة هذه الأعمال الاستطلاعيّة وعن سبب منعها من دخول الأجواء اللبنانيّة، وخصوصاً من قبل الجيش اللبناني، علماً أن وزير الأشغال العامّة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حميّة وقّع في بداية الشهر الحالي اتفاقاً مع قائد الجيش العماد جوزيف عون، يقضي بقيام القوات الجويّة في الجيش برفد المديريّة العامّة للطيران المدني بضبّاط مختصين للقيام بمهام مراقبين جويين». وبالتالي، فإنّ هؤلاء الضبّاط على علم بدخول الطائرات الأميركيّة التجسسيّة من دون أن يحرّكوا ساكناً.
ويُمكن إدراج الـ«MQ9» من ضمن واحدة من أخطر حركات الطائرات في لبنان بعد الحرب على غزّة على اعتبار أنّ مهمتها مكشوفة، إذ اعتاد برج المراقبة التابع لمطار بيروت أن يُسجّل حركة لهذا النوع من الطائرات، بالإضافة إلى طائرات أميركيّة تجسسيّة من نوع«RQ4» و«R135» (بإمكانها التجسّس على مساحة واسعة يصل قطرها إلى 400 كيلومتر مربع)، من دون أن تجرؤ سابقاً على دخولها إلى منطقة المعلومات الخاصّة بلبنان، والبقاء في المنطقة الخاصة بقبرص.
من تل أبيب إلى بيروت
ولا تكتفي الطائرات البريطانيّة والأميركيّة بتجاوز القوانين اللبنانية، التي تمنع هبوط طائرات آتية من كيان العدو، بل هي تلاعبت بالبروتوكول المعمول به في شأن ضرورة أن تحطّ الطائرات في مطار أو قاعدة أُخرى، وسجلت عمليات هبوط لـ 3 طائرات (أميركية وبريطانيّة) هبوطاً مباشراً في مطار بيروت إثر رحلة آتية من مطار اللد، من خلال مناورة جوية عبر المرور فوق قاعدتَي لارنكا وأكروتيري في قبرص، ولكن من دون أن تحطّ فيها لتقوم بما يسمّى Touch down.
وهو الأمر نفسه الذي قامت به إحدى الشخصيات السياسية الألمانية التي زارت لبنان على متن طائرة سياسية من نوع «Airbus A319» في 19 تشرين الأوّل الماضي، إذ ذهبت من مطار اللد وذهبت إلى لارنكا من دون الهبوط فيها وقبل أن تعود أدراجها إلى بيروت.
طائرة عسكريّة لنقل «ترويقة» من أستراليا!
تنشر القوات الأستراليّة الجويّة كل نشاطاتها العسكريّة أو الوديّة، التي يقوم بها جنودها حول العالم. ولكن، هبوط طائرتها في قاعدة حامات الجويّة التابعة للجيش اللبناني بداية الشهر الحالي كان مستثنى على صفحتها على منصّة «إكس». وحده، سفيرها في لبنان أندرو بارنس كشف الخبر على صفحته الخاصّة، وقرّر «استعراض» جولته في القاعدة الجويّة برفقة قائد قاعدة حامات المقدّم الركن الطيّار ميشال العموّري وعددٍ من الجنود الأستراليين، بالإضافة إلى جنود كنديّين بعدما شكر الدولة الكنديّة على تعاونها، من دون الكشف عن سياق هذا التعاون.
أهم ما في هذه الصّور التي نشرها بارنس في 3 كانون الأوّل، كانت صورة يتيمةً لكرتونة مربّعة لا يتعدّى طولها المتر الواحد ودوّن عليها أنّ وزنها هو 9 كيلوغرامات، وتتضمّن «ترويقة» تنتهي مدّتها مع نهاية السنة الحاليّة. وهذا ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام عمّا إذا كانت هذه الكراتين تتضمّن فعلاً وجبات طعام، ولماذا تقوم كندا بنقل الأكل إلى فريق عمل السفارة متكبّدة تكاليف الرحلة والوقود، بالإضافة إلى عناء النقل لنحو 13 ساعة، علماً أنّ معظم شركات الطيران الأجنبيّة مثلاً تتعاقد مع مطاعم لبنانيّة لتأمين وجبات الأكل إلى المسافرين على متنها. وما هي وجبة الأكل التي لا يُمكن إيجادها في لبنان حتّى يتم نقلها من كندا؟ ولماذا لم تنشر مديريّة التوجيه هذا النشاط على صفحاتها الرسميّة؟
والأهم لماذا ذهب السفير الأسترالي لتسلّمها من قاعدة حامات وليس من مطار بيروت، علماً أنّه يندر أن يقوم السفراء باستقبال الطائرات في القاعدة الجويّة وذلك بحسب الأعراف الدوليّة المعتمدة، عدا عن سؤال حول سبب عدم هبوطها في مطار بيروت.. ولماذا شكر السفير الأسترالي الدولة الكندية على تعاونها في نقل وجبات طعام؟
لبنا فخر الدين- الاخبار