من اللحوم الهنديّة الى لحوم الحمير الى تلك المحتشِئة بالديدان والجلاميط: أين هم الزعماء!
المسؤوليّة تقاطعيّة بين "الزراعة" و "الصحة" و "الاقتصاد"
يعيش المواطن اللبناني في واقع متفلّت يكتظ بالغشاشين بدءا من اللحوم الفاسدة المحتشئة بالديدان، او العظام والجلاميط للتلاعب بوزنها، او خلط اللحوم البلدية بتلك الهندية ذات النوعية الرديئة. ومن تزييف اللحوم الى تدنيس الالبان والاجبان بالنشا والجفصين، وفي هذا الإطار، كان أستاذ علم الغذاء في الجامعة الأميركية في بيروت د. حسين حسن كشف لـ “الديار”، “ان استخدام هذه المواد يعتبر مخالفة وعكس المكونات الأساسية المطلوبة في صناعة الالبان وهذه الأنواع معرضة أكثر من غيرها للتلوث الجرثومي لأنها تعد بيئة حاضنة للجراثيم وتناقل الفيروسات”.
وطبقا للمعلومات التي وصلت لـ “الديار” فإن “اللحوم الهندية دخلت الى الأسواق اللبنانية من دون خضوعها للتحاليل المخبرية لمعرفة مدى مطابقتها للشروط الصحية. وتجدر الإشارة، الى ان المسؤولية تقاطعية بين 3 وزارات بحيث ان “الزراعة” ملزمة بمراقبة اخضاع اللحوم المستوردة مذبوحة كانت ام حيّة للفحوص المخبرية وذلك لتحديد صلاحيتها وخلوها من الامراض قبل توزيعها في الأسواق؛ بينما تقع على عاتق “الصحة” مهمة رصد هذه اللحوم في الأسواق والاستعانة بمراقبين صحيين في البلديات؛ اما عمل “الاقتصاد” فهو معرفة مصدر اللحوم من قبل اللحامين والمتاجر الكبرى ومتابعة الشكاوى ومراقبة الأسعار.
بالموازاة، أوضح رئيس مصلحة مراقبة التصدير والاستيراد والحجر الصحي البيطري د. يحيى خطار لـ “الديار”، “ان كل اللحوم المستوردة دون استثناء تخضع للفحوصات المخبرية قبل دخولها الى لبنان وبيعها للمستهلك”.
الضرر بالجملة!
وفي الإطار، كشف أحد الأطباء البيطريين عبر “الديار”، “التجاوزات الخطرة في هذا القطاع، بدءا من دخول البقر المريض الذي ينتهي قبيل موته في المسالخ التي تعج بالتلطخ والجراثيم. واكد، ان فئة واسعة من اللحامين الغشاشين تسحق جلود المواشي والخبز في “الصفيحة” و “البسطرمة” ويُرش فوق هذه المكونات الصبغة الحمراء لتخرج على انها بلدية يتم تجهيزها في نفس اللحظة على مرآى نظر الزبون”.
انكار “البرهان”!
في سياق متصل، “نفى خطار إمكانية دخول ابقار مريضة الى لبنان، مؤكدا استيراد فقط المواشي التي تتمتع بصحة جيدة وخالية من الامراض ويكون ذلك عن طريق بروتوكول قائم ما بين وزارة الزراعة اللبنانية ووزارة الزراعة في البلد المصدر. أضاف، كل باخرة محملة بالمواشي تصل الى لبنان تخضع لمراقبة مشددة من قبل أطباء بيطريين موجودين دائما في مراكز الحجر البيطري وخاصة البواخر التي تأتي عبر مرفأ بيروت؛ ويكون الكشف حسيا ونظريا الى جانب التشخيص الكلينيكي ويتم سحب عينات وارسالها الى مختبر الفنار الذي بدوره يقوم بتحليلها لمعرفة إذا كانت خالية من الاسقام ام لا”.
وقال: “بدورنا نتحقق من الأوراق والمستندات الصحية القادمة مع الشحنة ونتأكد إذا كان الفحص مطابقا للمواصفات لتسير الأمور بشكل طبيعي ومن ثم نسطّر الشهادة البيطرية لتدخل هذه المواشي الى لبنان؛ وعلى صاحب العلاقة الذي يريد شراء الماشية الحية ان يتقدم بعلم وخبر للوزارة مع تسمية البلد المنشأ الذي ينوي شحن البضائع منه؛ ونحن نتصل بالمنظمة العالمية للصحة الحيوانية عبر شبكة الانترنت لمعرفة إذا كانت هذه المناطق موبوءة ام لا”.
اللحوم الهندية تغزو الأسواق اللبنانية… كيف؟
واستكمل موضحا، “اما بالنسبة للحوم الهندية والجدل الحاصل حول هذا الموضوع فطبعا يُمنع تصدير لحوم الى لبنان الا عن طريق مسالخ مسجلة في وزارة الزراعة اللبنانية سواء كانت لحوما مجمدة او مواشي حية. لذلك يجب ابراز شهادة التسجيل وينبغي ان تكون اصلية من بلد المنشأ والبلدان التي تكون في دائرة المخاطرة العالية مثل السودان والهند وباكستان يكلف وزير الزراعة فريقا ويقوم الأخير بالكشف على المسلخ والتجهيزات وطريقة الذبح”.
وأضاف، أكثرية اللحوم الهندية والبرازيلية والأرجنتينية تصل الى مرفأ بيروت، والفريق المكلف من قبل الوزارة يأخذ عينات من كل مستوعب؛ لكن يتم سحب عينات مضاعفة من اللحوم الهندية ونقلها الى المختبرات المعتمدة لدى وزارة الزراعة وبعد صدور النتائج يتم إعطاء تصاريخ ادخال هذه اللحوم الى الأسواق انطلاقا من التجارب النهائية. أضاف، في مرات عدة كانت المحصلة غير مطابقة للمواصفات ان لجهة احتوائها على السالمونيلا او الايكولاي او ملوثة او تتضمن البكتيريا المختزلة للكبريت التي توجد في البيئات اللاهوائية وهي المسؤولة عن تكوين H2S القائمة في المياه المكدّرة وتستعمل في بعض المراحل معاملة الفضلات؛ ويبلّغنا الحجر البيطري في الوزارة مباشرة ويقوم الوزير برفضها هذه الشحنات”. وختم معتبرا ان المشكلة اليوم تبقى في تخزين وعرض هذه اللحوم لا في استيراد اللحوم الهندية او في الانواع الاخرى”.
لماذا اكل لحوم الحمير مضر؟
يمنع بيع لحم الحمير او المتاجرة فيه في اغلبية الدول، نظرا لامتلاكه نسبة مضاعفة من الجراثيم والملوثات وقد يكون عرضة للإصابة بالعفن والفساد وقد يصاب الانسان الذي يتناوله بالتسمم الغذائي والكيميائي كما ان التلطّخ الناتج من استهلاك لحم الحمير قد يصل الى الكبد والكلى. وقد قال بعض الفقهاء ان الحكمة في عدم اكل لحوم الحمير هو ان الحمار يمتلك صفات محددة مثل قلة الاستيعاب ولا يجب ان يؤكل حتى لا تنقل هذه الصفات للإنسان.
في الخلاصة، لم نعرف كيف دخلت هذه اللحوم الفاسدة الى لبنان وكيف تم توزيعها في الأسواق الداخلية رغم الإجراءات المشددة التي تقوم بها الوزارات المعنية وحتى حين حصول المواطن على تبرير مقنع فإن الله وحده كفيل بنجاته.
ندى عبد الرزاق- الديار