ما الذي تفعله مشاهد حرب غزة بالصحة النفسية… وما آثار المتابعة المستمرة للأخبار؟
منذ بداية عملية “طوفان الأقصى”، انكبّ الكل على متابعة مجريات الأحداث. ففي الأسابيع الأخيرة، تسيطر مشاهد الحرب والقصف والدمار والدم على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، ويجد معظمنا صعوبة في عدم متابعتها في مختلف أوقات النهار. بشكل عام، باتت تشكّل جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، مع ما لذلك من تأثير على صحتنا النفسية وعلى حياتنا. ثمة انعكاسات كثيرة لمتابعة هذه الأخبار والمشاهد. لذلك يشدّد الخبراء على الحدّ من فترات متابعتها.
وفي الواقع، لا تقتصر آثار هذا الهوس بمتابعة مجريات الحرب ومشاهدها على الصحة النفسية، وفق ما توضحه الاختصاصية النفسية لانا قصقص، بل هي تمتد لتطال الصحة الجسدية وتسبب أعراضاً عديدة يعانيها كثيرون في المرحلة الحالية.
.
ما آثار المتابعة المستمرة لأخبار الحرب في غزة؟
ثمة آثار مباشرة بمتابعة مجريات الأحداث في غزة. فيمكن للأفراد الذين لا يعيشون في قلبها أن تتطور لديهم حالة الاضطراب ما بعد الصدمة، نتيجة مشاهدة الخبر والصور بشكل متكرّر. فيكون الأفراد هنا تحت تأثير الصدمة أيضاً. وفي حال لم تتمكن بنيته النفسية من التعامل معها بالشكل المناسب، من الممكن أن تتطور الأمور إلى اضطراب ما بعد الصدمة.
من جهة أخرى، من الممكن أن تزيد أحاسيس القلق والخوف والعزلة والشعور بالتوتر الدائم وعدم الأمان والشعور بالخطر، ما يجعل كل من يتابع هذه الأخبار أكثر عرضةً لاضطراب القلق أو الاكتئاب، لأنّ البنية النفسية ليست معتادة على هذا الكمّ الهائل من المشاهد المحزنة التي نراها ونتابعها.
تجدر الإشارة إلى أنّ تأثير هذه المشاهد لا يقتصر على الصحة النفسية، بل يطال أيضاً الصحة الجسدية، ما يفسّر أنّ كثيرين يشكون من كونهم يعانون حالياً أوجاعاً في العظام والرأس وضيقاً في التنفس أو هبوطاً في ضغط الدم أو تسارعاً في دقات القلب أو دواراً أو غثياناً. فهذه الأعراض كلّها سرعان ما يتبين أن ليس لها دلالة طبية بحسب قصقص، وهي ترتبط بالصحة النفسية بمعدلات عالية من القلق. كما يمكن مواجهة مشكلات سلوكية في هذه الحالة كاضطرابات النوم والأرق ورؤية الأحلام المزعجة والشهية المفرطة، أو على العكس تراجع الشهية والرغبة في الأكل.
كيف يمكن حماية النفس من آثار هذه المشاهد؟
تشدّد قصقص على أهمية حماية الذات من آثار هذه المشاهد التي يمكن رؤيتها على وسائل التواصل الإجتماعي أو وسائل الإعلام، لما لها من أضرار على الصحة النفسية. وتكمن المشكلة في أنّه بالنسبة إلى كثيرين تحوّلت متابعة مجريات الأحداث وأخبار الحرب ومشاهدها إلى نوع من الهوس أو الهاجس الذي يصعب تخطّيه.
-يجب تحديد فترات استخدام الشاشات ومتابعة وسائل التواصل الإجتماعي التي تعجّ حالياً بمشاهد الحرب والدم والقصف. فيجب الحدّ من التعرّض لهذه المشاهد.
-يجب الاستماع إلى الأحاسيس وإلى المؤشر الأول الذي يمكن أن يعطيه الجسم أو الصحة النفسية، وهو الشعور بالانزعاج. فعند ملاحظة هذا الشعور يجب أن ننصت إليه وتجنّب أي مصدر يمكن أن يزيد الوضع سوءاً. لذلك، بمجرد الشعور بالانزعاج يجب وقف متابعة وسائل التواصل الاجتماعي او الشاشات عامة وعدم متابعة مشاهد الحرب، لأنّ الشعور بالانزعاج سيتحوّل إلى قلق وغضب وتوتر وغيرها من المشكلات.
النهار العربي