خاص: 75 عاماً على الصراع العربي الإسرائيلي: الدراما توثّق سنوات النكبات ولحظات الانتصار
على مدار سنوات الصراع العربي – الإسرائيلي، وقبل الوصول إلى زمن التطبيع، وصلت “الدراما العربية” إلى المصاف العالمية، واستطاعت أنْ تسلّط الضوء على عمق الظلم والإجرام اللذين يمارسهما الصهانية بحق “إخوتنا” من الشعب الفلسطيني، مروراً بأهالينا في الجنوب، الجولان وحتى سيناء.
75 عاماً وقضيتنا الفلسطينية الأم تشهد نكسات ونكبات فانتصارات.. ثم هزائم ثم انتفاضات وهبّات.. سطّرتها الشاشات بأعمال رسخت في الذاكرة والتاريخ، سواء إنسانية درامية، تاريخية وتوثيقية.
وفي ما يلي أبرز الأعمال العربية التي تناولت الصراع، لأن رصدها كلها يطول جداً، دون نسيان رائعة المخرج الراحل حاتم علي، مسلسل “صلاح الدين الأيوبي” (2001)، الذي أظهر بحرفية وموضوعية سماحة الإسلام وطهارة المسيحية في وجه الهجمات الصليبية.
*الشتات (2003)
هو مسلسل سوري للمؤرّخ الدكتور فتح الله عمر، من إخراج نذير عواد، يستعرض نشوء الحركة الصهيونية بكل أبعادها، عبر الاعتماد على 250 مرجعاً عالميا، وصولاً إلى تسليط الضوء على أشخاص كانوا اللَبِنة الأساسية في نشوء هذه الحركة، وساهموا فعلياً في ترجمة أهدافها بين 1812 و1948، عام احتلال فلسطين.
كما يسلّط الضوء على آلية تكوين إسرائيل والأساليب التي اتبعتها الصهيونية الإجرامية للوصول إلى بناء هذا الكيان، عبر فضح ادعاءات اليهود حول الإبادة والمجازر التي تعرّضوا لها عبر القرون، كاشفاً أنهم ارتكبوا المجازر بأنفسهم لكسب التعاطف العالمي.
المسلسل، الذي يقع في 30 حلقة، تم منع عرضه عند الحلقة 10، على قناة المنار عام 2003، بعدما أثار ضجة شديدة في الأوساط الإسرائيلية، بالإضافة إلى تدخل دولي لمنعه، لكن في عام 2005، عادت قناة “ممنوع” الأردنية إلى عرضه، فمنعت عند الحلقلة 7، نتيجة ضغوط إسرائيلية أميركية أوروبية.
*التغريبة الفلسطينية (2004)
هو واحد من أهم أعمال الدراما العربية بالمطلق، بل وأبرز عمل تلفزيوني يتناول القضية الفلسطينية حسب النقّاد العرب والعالميين، حتى صنّفته الصحف “اللندنية” أكثر عمل يلامس جوهر القضية الفلسطينية، وكلنا ندري أن البريطانيين سبب الصراع العربي الإسرائيلي الطويل، بسبب “منح ما لا يملكون إلى من لا يستحقون”.
نال عدة جوائز تقديرية من مختلف البلدان العربية، واعتُبِر أهم عمل تاريخي على مستوى الوطن العربي يحكي عن القضية الفلسطينية بواقعها الإنساني، موقّعاً من الدكتور وليد سيف (قصة وسيناريو وحوار) والمبدع الراحل حاتم علي إخراجاً.
وحتى يومنا هكذا، ورغم رحيل الممثل المبدع خالد تاجا عن دنيانا، إلا أن أحد مشاهده في المسلسل، يتم تداوله بنطاق واسع، ووصفه بأنّه لقطة في عمل متكامل، من براعة الأداء وروعة التعبير بالصمت دون الكلام.
*عائد إلى حيفا (2004)
في نفس العام، استعادت الشاشات وجه الأديب الفلسطيني الشهيد “غسان كنفاني” مع روايته الشهيرة “عائد إلى حيفا”، ولمسة المخرج باسل الخطيب، وإبداع المعتزلة نورمان أسعد، في ملحمة وطنية عن عميق العنفوان والقدرة على المواجهة، في زمن النكبة واغتصاب العصابات الصهيونية لأرض فلسطين، ورحلة مئات الآلاف من العوائل التي تشردت إلى الشتات، وعاشت مخاض الانسلاخ عن مواطنها إلى المجهول.
وكانت رواية “عائد إلى حيفا” قد صدرت عام 1969، وترجمت إلى العديد من اللغات منها اللغة اليابانية في عام 1969، واللغة الإنكليزية واللغة الروسية في العام 1974 وكذلك اللغة الفارسية في العام 1991، حتى تم اقتباس فيلم سوري بإخراج إيراني منها عام 1995 بعنوان “المتبقي”.
*الاجتياح (2007)
يسلط المسلسل الضوء على ما سُمّي بـ”عملية الدرع الواقي” 2002، التي انتهت بإعادة احتلال الأراضي الفلسطينية، من خلال سيناريو متميز لرياض سيف ورؤية وإخراج شوفي الماجري، وأداء مبدع للعديد من النجوم العرب، يتقدمهم منذر رياحنة وصبا مبارك.
حصل المسلسل على “جائزة إيمي أواردز 36” عام 2008، عن فئة الأعمال التلفزيونية الطويلة، نتيجة سرده الدرامي للاجتياح الإسرائيلي للضفة الغربية، وحصار الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات في رام الله، إضافة إلى حصار كنيسة المهد في بيت لحم، وصولاً إلى مجزرة مخيم جنين.
ولعله من أبرز مشهديات المسلسل الرائعة، هي تجلّي التلاحم الديني الفلسطيني، في صلاة المسلمين بكنيسة المهد أثناء حصارهم فيها، ودفن موتاهم فيها كذلك.
*حارس القدس (2020)
يحلّق المسلسل خارج سرب الأعمال العسكرية والمواجهات، لكن أحداثه تأتي على خلفيتها وفي إطارها، متناولاً جهاد مطران كنيسة الروم الكاثوليك في القدس عام 1965، المطران هيلاريون كابوتشي في وجه الصهيونية وجرائمها.
وأيضاً يضع المخرج باسل الخطيب لمساته الإبداعية، على نص للكاتب حسن م يوسف، في عمل قُدّم بنسختين، تلفزيونية وسينمائية، مع سيناريوهين منفصلين، يلتقيان في بعض المشاهد، وترجم الفيلم إلى عدة لغاتٍ عالمية، تمهيداً لمشاركته في عدة مهرجانات حول العالم.
ويعتبر أول عمل درامي يتناول شخصية رجل دين مسيحي على مستوى سوريا والوطن العربي، الذي جيّر مكانته الدينية لصالح خدمة القضية الفلسطينية، ومناصرة الأحرار في حربهم ضد العدوان الإسرائيلي.
سيل من الدراما العربية
أما ما ذكرنا فهو غيض من فيض الأعمال الدرامية من مختلف الدول العربية التي تناولت القضية الفلسطينية من أوجه مختلف بدءاً من المسلسل السوري “عز الدين القسام” (1981)، وصولاً إلى المسلسل الفلسطيني “شارة نصر جلبوع” (2022)، الذي يوثق رحلة العودة الحقيقية إلى الحرية لمجموعة من الأسرى في المعتقلات الإسرائيلية.
وما بينهما العديد من المسلسلات أبرزها المصري السوري المشترك “أنا القدس” (2019)، والعديد من الأعمال السورية والفلسطينية المستقلة: الروح (2014)، الفدائي (2016)، بوابة السماء (2017)، أولاد المختار (2019)، قبضة الأحرار (2022)، ميلاد الفجر (2021).
الصراع العربي الإسرائيلي
*ولم يقف الصراع العربي الإسرائيلي محصوراً بفلسطين وأهلها، بل امتد إلى العالم العربي عموماً، متوّجا بأعمال عديدة لاسيما من جنوب لبنان، كمسلسل الغالبون جزأيه (2011 – 2012).
*رأفت الهجان (1987)
أما حرب الجواسيس، وصراع المخابرات العربية والموساد الإسرائيلي وعملائه المتواصلة إلى يومنا هذا، فسطرتها عدة أعمال محفورة في ذاكرة الدراما العربية، ومَنْ يستطيع أن ينسى قمة أداء النجم المصري الراحل محمود عبد العزيز (رأفت الهجان – ديفيد شارل سمحون)، حين دخلت عليه تهاني راشد (سيرينا آهاروني) تبلغه بعبور المصريين لقناة السويس.
https://www.facebook.com/watch/?v=1108870582521932
صمت وتعابير وفرحة ارتسمت على وجه يعبّر عن الألم والسخط، خليط من الأداء الذي يُدرّس في الجامعات والمعاهد، لشدة الاحترافية والمهنية، في مسلسل “رأفت الهجان”، الذي قاد سفينته المخرج القدير الراحل يحيى العلمي عام 1987، على مدار 3 أجزاء، سطّرت ملحمة وطنية في ملفات المخابرات المصرية، وسيرة البطل المصري رفعت علي سليمان الجمال، الذي تم زراعته داخل المجتمع الإسرائيلي للتجسس لصالح المخابرات المصرية، وكان له دور فعال في الإعداد لحرب أكتوبر 1973.
*دموع في عيون وقحة (1980)
*وللزعيم عادل إمام دور رائع في مسلسل “دموع في عيون وقحة” المقتبس أيضاً من ملفات المخابرات العامة المصرية، بل ويعتبر من أوائل المسلسلات المصرية التي كشفت عن الجواسيس وأنشطة المخابرات العامة ودورهم في حرب أكتوبر (1980)، تدور أحداثه بين مصر، إنجلترا، فرنسا واليونان، سرداً لسيرة البطل “أحمد الهوّان” (في المسلسل جمعة الشوّان)، الذي جسّده ملك الكوميديا عادل إمام، والذي جنّده الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز.
ويبقى أن للصراع العربي الإسرائيلي، خارج إطار الملف الفلسطيني أعمال تلفزيونية كثيرة، لاسيما المصرية منها: الثعلب (1993)، السقوط في بئر السبع (1995)، الحفار (1996)، العميل 1001 (2005)، حرب الجواسيس (2009)، عابد كرمان (2011)، الصفعة (2012)، الزيبق (2017)، وسواها الكثير والكثير أيضاً.
خاص: إعداد مصطفى شريف – مدير التحرير