«الغش التجاري»: “ديدان في مُستحضرات «لوكس» لغسول الجسم”!
تعتبر المنتجات المزيفة عبارة عن تزوير او تقليد غير مصرّح به لمنتجات حقيقية. والغش لم يعد محصورا بالمواد الغذائية او بمنتجات العناية الشخصية، بل بات رائجا ومنتشرا في كل الأسواق والمحلات التجارية، جراء عمليات التهريب التي تجري عبر الممرات غير الشرعية. والتمادي من قبل تجار السوق السوداء، يتمدد بسبب غياب الرقابة وتفعيلها لأخذ إجراءات صارمة بمن يتلاعبون بالصحة العامة.
و”الغش التجاري” بات ظاهرة لا تفنى او تستحدث من عدم، لكنها تتفاقم وتزداد في أوقات الازمات الاقتصادية والظروف المعيشية الصعبة، بسبب جشع أصاب المتاجر والمصنعين الذين يواكبون هذه الأوضاع، مع اضطرار المواطنين الى الوصول الى أسعار في متناول اليد، لذلك فحتى أسواق الالكترونيات باتت تعج بالمواد المقلّدة، التي بمعظمها صينية الصنع و”باب عاشر” تخرب من الاستعمال الأول، الى جانب التسويق لمنتجات مغشوشة تعود لعلامات تجارية مشهورة.
بالموازاة، تعرّف منظمة التجارة العالمية المنتج المزيف على انه تمثيل غير مصرّح به لعلامة تجارية مسجّلة، ويكون على سلع مطابقة او مشابهة لتلك التي تم تسجيل العلامة التجارية لأجلها، بهدف خداع المستهلك ليعتقد بأنه يشتري الاصلية وهي نقيض ذلك كليا. وتشمل السلع المزيفة صناعات متنوعة، بدءا من الأطعمة المعلبة والمواد الغذائية المختلفة، والملابس والملحقات والأدوية والسجائر والأدوات الكهربائية والأجهزة الالكترونية. وتؤدي العلامة التجارية دورا أساسيا في الدلالة على مصدر المنتجات. ولكن ماذا لو كانت العلامة التجارية نفسها تقوم بصناعة منتجات باب خامس او عاشر؟
على خطٍ مواز، تؤدي العلامة التجارية منذ زمن بعيد دورا مرموقاً في الدلالة على مصدر المنتجات، وهذا الدور كان أقدم وظائف العلامة ظهورا من الناحية التاريخية التي عُرفت في المجتمعات القديمة، واستمرت الى هذا الوقت وتؤدي دورها في الدلالة على مصدر المنتجات، ثم تطورت صنعة “الشعار” نتيجة للتبدلات الاقتصادية وقيام الإنتاج الكبير، فلم تعد تقتصر على الرمز للمصدر، بل صارت شاهدا لصفات وخصائص المنتجات ودرجة الجودة للمستهلك.
لذلك فقد ظهرت مؤخرا وظيفة أخرى للعلامة، نتيجة للاستثمارات الضخمة التي تخصصها المؤسسات والشركات والمبالغ المالية الهائلة التي تنفقها في الحملات الاعلانية على العلامات، لكي يتعرف الجمهور اليها وتعلق في الاذهان، وتعرف بالوظيفة التسويقية للماركة.
لذلك يعمد المزيفون الى بيع منتجات مقلّدة لعلامات عالمية، ولكن لا يتم انتاجها في المعامل الاصلية التابعة للمنتج الحقيقي، كما انها لا تخضع للمراقبة، وفي اغلبية الأحيان يتم نسخ منتجات العناية الشخصية بجودة رديئة ومضرة بالجلد والبشرة. ولكن في أكثرية الأوقات يصعب على المستهلكين التفريق بينها وبين تلك الاصلية او “الاوريجينال”، فعلى سبيل المثال يتم تصنيع “أغْسِال” على انها النسخة الاصلية من علامات تجارية معروفة، ولكن تصنع العلبة المزيفة لتبدو وكأنها الاصلية، وتستخدم مواد اولية مزيفة تحمل العلامة التجارية عينها.
ديدان في مستحضرات “لوكس”
محليا، الغش بات آفة يطول ضررها الجميع، لان التاجر شخص همه تحصيل المال على حساب غيره، فالطمع حجب ضميره وعقله، فبات لا ينظر الا للأرباح التي حصل عليها، والتي يسعى الى تحقيقها، ولا يلتفت الى ضحاياه الذين ارداهم مكرها او الى جنايته على المجتمع، وكيف تحول الى أداة افساد فيه، حتى أصبح الغشاشون كثرا ومجالات الغش واسعة ومتنوعة، وكل مخادع على حسب اهتماماته وقدرته على التدْليس، لان البائع الذي يخفي شيئا في السلعة لو اطلع عليها المستهلك ما كان ليشتريها.
لذلك، وبناء على كل ما تقدم، تقدّمت “الديار” بإخبارين الى وزارة الاقتصاد:
– الأول عن مستحضر للعناية الشخصية “غسول للجسم” من ماركة “لوكس”، حيث تظهر فيه الديدان. وتجدر الإشارة هنا، الى ان هذه العلامة يتم تصنيعها في شركتين عربيتين مختلفتين. – الثاني لتمور متعفنة من شركة “تمور المدينة”.
وكانت “الديار” أجبرت المسؤولين في “سوبرماركت شركوتيه عون” في الاشرفية على إزالة المنتجات عن الرفوف، لان الديدان والحشرات واضحة، ويمكن رؤيتها بالعين المجرّدة.
وفي هذا الخصوص قال الصيدلي محمد لـ “الديار”: “الحشرات في المواد عالية اللزوجة، تؤدي الى تكاثر الفطريات او غيرها من الاحياء التي تسبب تلف المستحضرات، والتي تكون في مكان رطب مثل منتجات غسيل الجسم، بحيث ان الرطوبة في المنتج مناسبة “لتبرعم” الفطريات ومضاعفتها”. واشار الى انه بالاضافة الى الضرر الناشئ عن نمو الفطريات، فان بعض المسببات الأخرى خطرة على صحة المستهلكين، بسبب المواد السامة التي تفرزها الفطريات”. وتابع: “يقوم أصحاب المتاجر وحتى الصيدليات التي تبيع مستحضرات العناية الشخصية، مثل غسول الجسم او مستحضرات العناية للمناطق الحساسة، بتغيير تواريخ الصلاحية او العبث بها او محيها، لإيهام المستهلك انها ما زالت صالحة للاستخدام”.
الطعام المتعفن يؤذي الصحة
اما في شأن التمر المتعفن، قال اخصائي التغذية طه مريود لـ “الديار” يعتبر عفن التمر “ضار جدا، لأنه من أشرس وأخطر امراض النخيل في المملكة العربية السعودية، خاصة في المناطق الشمالية بالجوف والقطيف، حيث تصل نسبة الإصابة بهذا المرض الى 70%”، مضيفا “قد ينتج العفن سموما تسمى السموم الفطرية، وقد يسبب ضيق التنفس والحساسية”.
وفي هذا الصدد، قال أستاذ علم الغذاء في الجامعة اللبنانية – الأميركية الدكتور حسين حسن لـ “الديار”: ان “بعض أنواع السموم الفطرية قد تحتوي على مواد مسرطنة تؤدي الى الإصابة بالسرطان، لان العفن يحتوي على “الافلاتوكسينات “، لافتا، الى “ان العفن هو فطر مجهري يمكن أن ينمو على المواد النباتية أو الحيوانية، كما أن جراثيم العفن هي “بذور” للتكاثر، والتي يمكن أن تنتشر في الهواء وتسقط على المواد ، ثم تنمو لتصبح العفن”.
وقال: “سواء كان العفن في التمور او الحبوب او الالبان والاجبان ، يمكن ان يسبب المرض بحسب استجابة الجسم لاستهلاك العفن”، معتبرا “ان التسمم الغذائي نوع من الامراض التي تنتقل عن طريق الغذاء، أي يصاب به الأشخاص من طعام او شراب تناولوه، بسبب وجود جراثيم او ملوثات أخرى ضارة في الطعام او الشراب”. واكد “ان العفن لا يشكل مشكلة بالداخل عادة، ما لم تقع جراثيم العفن على منطقة مبللة حتى تبدأ في النمو، لذلك قد يتسبب العفن بمشاكل صحية كبيرة”.
ندى عبد الرزاق- الديار