الأزمة تتمدّد… والعين على ما ستفعله قطر!
لا يوافق ديبلوماسي فرنسي على التحليلات التي تتحدث عن تراجع الدور الفرنسي وطي صفحة المبادرة الفرنسية، ويقول إنّ فرنسا ستكمل وساطتها وموفدها سيزور لبنان مجدداً! عودة مشكوك في نتائجها إذا حصلت، نظراً إلى المواقف السلبية من الحوار ورفضه من القوى المارونية الأساسية، تؤازرها بكركي.
كان ينقص لبنان فشل اجتماعات اللجنة الخماسية ليكتمل عقد الأزمات فيه، بدل أن تحل اللجنة الانقسامات الداخلية بين رؤساء الأحزاب والكتل النيابية على كلمة سواء في انتخاب الرئيس، أصابتها عدوى الخلاف فغرقت في المستنقع اللبناني واختلفت آراء الدول فصار التعويل عليها من رابع المستحيلات. يبرر مصدر ديبلوماسي عربي تجيير اللجنة دور الوساطة إلى قطر بالقول إنّ تجارب قطر في الحوار مع اللبنانيين تشجع على تكرار التجربة معها مجدداً، لكنّه في الوقت عينه يستبعد أن يؤدي دورها إلى أي خرق قريب.
ويرفض»حزب الله» الركون إلى المبادرات الخارجية بعد فشل الوساطة الفرنسية، وهو ليس مؤيداً ربط الحل الداخلي بالمعادلة الإقليمية أو بنتائج الحوار السعودي- الإيراني أو الإيراني- الأميركي، بحسبه فإنّ هذا الحوار يتركز على مواضيع محددة، أولها اليمن، ولو كان الاتفاق بين ايران والسعودية سينعكس على الوضع في لبنان، لكنّا لمسنا انفراجاً للأزمة الرئاسية منذ ما يقارب السنة، لكن لبنان لم يدخل ضمن نطاق المعادلة التي تُنسج ولن يتأثر حكماً بصفقة تبادل السجناء بين ايران وأميركا.
التدخلات الخارجية متعارضة حيال لبنان ولا تتفق على رأي في مقاربة أزمة الرئاسة، لكل دولة وجهتها ومرشحها الذي تفضل وصوله على آخرين، لذلك يجب أن تنطلق الحلول من الداخل اللبناني وأن يلتقي الجميع إلى طاولة حوار حول الرئاسة.
حتى اليوم لا يزال «حزب الله» يؤيد، كما رئيس مجلس النواب نبيه بري، فكرة الحوار بينما يعارضها آخرون. من كلامه على الرئاسة ومصير الحوار يخفي رئيس مجلس النواب نبيه بري أسفاً حيال تعامل القوى المسيحية مع فكرة الحوار الذي دعا إليه. ويستغرب كيف أنّ الجميع سلّموا للمبادرات الخارجية بينما يرفضون التوافق الداخلي. وصار واضحاً أنّ التجاوب مع فكرة الحوار تنطلق من مقاربة علاقة القوى السياسية برئيس المجلس. ويرفض «التيار» رفضاً قاطعاً تسليف بري، بحيث يكون مجدداً على رأس طاولة حوار بإدارته، يريد ندية في التعامل حول طاولة بلا رئيس ولا مرؤوس، وليس بعيداً عنه موقف «القوات اللبنانية» التي ترفض بالمطلق تسليف بري ورقة الحوار. حجم التباعد الداخلي صعّب الحل الخارجي في رأي «حزب الله».
في المقابل إنّ أي توافق خارجي على مرشح رئاسي لا يوافق عليه الثنائي الشيعي لن يكتب له النجاح وسيرفضه «حزب الله» حكماً. والمطلوب أن يتواكب أي اتفاق خارجي مع التوافق الداخلي بين اللبنانيين لا أن يفرض فرضاً على اللبنانيين.
والمشكلة أنّ الأزمة بدل أن تنفرج تتجه نحو التعقيد، والحوار الوحيد القائم بين «حزب الله» و»التيار» الذي يسير في اتجاهين يحتاج إلى وقت هو أيضاً. تنفي مصادر الطرفين كل ما قيل عن فشل الحوار بينهما، وتقول إنّ الحوار حول الرئاسة يسير بين رئيس «التيار» جبران باسيل و»حزب الله» مباشرة ويسلك مساره الطبيعي، بالموازاة تتابع لجنة اللامركزية المشتركة عملها، وقد عقدت أمس جلستها الثالثة. الربط بين المسارين ليس قائماً من ناحية «التيار الوطني الحر»، وتقول مصادره «في حال نجح الحوار على الرئاسة والاتفاق على اسم ثالث، يمكن أن تكون اللامركزية الادارية والصندوق الإئتماني برنامج عمل العهد الجديد، أمّا الإصرار على سليمان فرنجية فيعني حكماً إصدار المراسيم التطبيقية لهذين المشروعين ولينتخب فرنجية».
وفي موضوع الحوار يرفض «التيار» تفسير كلام رئيسه على أنّه رفض للحوار، بل يعني أنّ هناك شروطاً يجب أن تتوافر في الدعوة إليه، وبهذا المعنى فهو لم يرفض الحوار، كما رفضته «القوات»، بل اشترط أن يكون حواراً بين متساوين ولمدة قصيرة وبمهلة زمنية محدودة وينحصر بملف الرئاسة فقط لا غير، تتبعه جلسة مفتوحة لمجلس النواب إلى أن يتم التوافق على الرئيس.
لكن هل يعني هذا أنّ الرئاسة نحو الإنفراج؟ المعطيات تقول إنّ ذلك مستبعد، وإن كانت أجواء «حزب الله» تتحدث عن ايجابية في الحوار، لكنها لا تتوقع أن تنعكس نتائجه على رئاسة الجمهورية قريباً. ولا يزال باسيل في موقع الرافض فكرة انتخاب فرنجية، ويصر على خيار ثالث يرفض «حزب الله» فكرة النقاش في شأنه. هي الفكرة ذاتها التي يتعامل من خلالها «التيار» مع «حزب الله»: يمكنك أن تناقشنا في المرشح الرئاسي، وأن يكون خياره بالشراكة، وليس طرحه ليكون هو أو لا أحد.
أزمة طويلة تحوطها التعقيدات والعين على ما ستفعله قطر، وإن كان الرهان على النجاح مستبعد.
غادة حلاوي- نداء الوطن