أعاصير وفيضانات بشكل غير مسبوق: منطقة البحر المتوسط في “عين العاصفة”!
عالمنا اليوم بات مختلفاً تماماً عن ما كان عليه من 20 و30 عاماً، فالبيئة العالمية تتبدّل ومعالم الكوكب تتغيّر معها. يشهد العالم اليوم أعاصير وفيضانات بشكل غير مسبوق، ففي أقل من أسبوعين، شهدت 4 قارات 8 فيضانات كبيرة، وكان إعصار دانيال الذي ضرب ليبيا الأعنف، حيث غمرت الأمطار الغزيرة أجزاء من اليونان، تركيا، جنوب البرازيل، إسبانيا، جنوب الصين، الولايات المتحدة.
تأثير عالمي كبير
دفعت هذه السلسلة من الأحداث العلماء إلى إصدار تحذيرات خطيرة مؤكّدين أن مثل هذه الظواهر الجوية المتطرفة، التي تؤثر على الدول على نطاق عالمي، قد تصبح منتشرة بشكل متزايد مع استمرار تصاعد أزمة المناخ. وهذا يفرض ضغوطا كبيرة على الحكومات في جميع أنحاء العالم لاتخاذ تدابير استباقية استعدادا للمستقبل الغامض الذي يشكله تغير المناخ.
وبحسب الخبير البيئي البروفيسور ضومط كامل، تواجه الأرض خطراً عالمياً غير مسبوق، وكل يوم يرتفع منسوب الخطر على الأرض وكائناتها أكثر فأكثر، نظراً للتغير المناخي المخيف الذي يبسط نفوذه جرّاء حرق الوقود الأحفوري، وهو المسبب الأوّل لتغير المناخ. فالتغيرات المناخية الخطيرة أثرت بشكل مباشر على الأرض، وهذا ما نلمسه اليوم من خلال الأعاصير الكبرى التي شهدناها في الأيام القليلة الماضية، والتي خلّفت كوارث طبيعية، إقتصلدية وبشرية هائلة وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط.
منطقة البحر المتوسط في خطر!
هذا ووصف الخبير البيئي إعصار “دانيال” بأنه غير عادي، وحذّر من أمور عدة أهمها قد تحصل في منطقة البحر المتوسط:
– تحوّل الأعاصير أو العواصف المعتادة التي كنّا نشهدها في البحر المتوسط إلى أعاصير كبرى مدمّرة، وتضرب عدد كبير من المناطق.
– إحتمالية حدوث أعاصير في مناطق غير مستقطبة لأي إعطار من قبل، وغير مؤهلة لمواجهة عامل طبيعي مدمّر كهذا.
– إحتمالية إنحراف الإعصار عن مساره وتطوره أكثر فأكثر ليشمل مناطق أخرى ويحدث كوارث غير مسبوقة.
وفي هذا الصدد، دعا البروفيسور كامل الى وضع استراتيجية مواجهة طارئة وخطط علمية عالمية، واعتماد نظام الإنذار المبكر في جميع بلدان البحر المتوسط لتفادي الخسائر البشرية، ما يمنحهم الوقت للإخلاء واللجوء إلى مناطق أكثر أمنًا. وشدد على أهمية تعزيز البنى التحتية مثل الطرق والسدود والجسور لجعلها أكثر قدرة على الصمود في مواجهة الكوارث الطبيعية، وهذا مع الأسف ما يعرّض لبنان للخطر في حال حدوث إعصار، كونَ البنية التحتية فيه غير مجهّزة أبداً.
واكد ان ظاهرة الاحتباس الحراري تعمل على تكثيف دورة المياه على كوكب الأرض، حيث يزداد التبخر بسبب ارتفاع درجات الحرارة مما يؤدي لمزيد من الرطوبة، ونتيجة لذلك، يمكن أن تؤدي العواصف إلى هطول أمطار أكثر كثافة، مسببةً فيضانات شديدة. وعلى سبيل المثال، فإن عاصفة دانيال أدت لهطول كمية من الأمطار تعادل عام كامل.
ماذا عن لبنان؟
وكشف الخبير البيئي أن طبيعة التربة تلعب دوراً مهماً في حصول السيول والفيضانات، ولبنان يتميز بسهوله وجباله، ففي حال حدوث إعصار ضخم، ستنهار المناطق الجبلية وتحدث سيول كبيرة قد تغمر لبنان برمّته. لذلك، حان الوقت في لبنان خاصةً، لوضع خطة جهوزية واتخاذ الإجراءات الطارئة للاستعداد لمواجهة الكوارث الطبيعية التي قد يواجهها مستقبلاً.
وقال: “الأعاصير ستضرب مناطق البحر المتوسط وجوانبه بدءاً من اليوم حتى عام 2050، فنحن أمام خطر كبير، علينا التأهبّ والإستعداد لمواجهته”!
أما على الصعيد البيئة العالمية، يقول كامل ان هناك ضرورة ملحة للعمل بسرعة في جميع القطاعات وتعزيز التعاون الدولي لمعالجة عواقب تغير المناخ. إن خفض انبعاثات الغازات الدفيئة من قبل الدول يحمل في طياته القدرة على تخفيف أو تفاقم المخاطر المرتبطة بالكوارث الطبيعية الناجمة عن المناخ. وهذا يؤكد أهمية مؤتمر COP28 المقبل، المقرر أن تستضيفه دولة الإمارات العربية المتحدة في وقت لاحق من هذا العام. إن سقف التوقعات عالٍ في جميع أنحاء العالم، حيث يُنظر إلى هذا المؤتمر على أنه فرصة محورية لتحفيز التقدم الملموس في تعزيز العمل المناخي والحد من مسار ظاهرة الاحتباس الحراري.
إنّ العالم يشهد ارتفاعاً مخيفاً في الكوارث الطبيعية، وكانت الفيضانات المتعددة التي حدثت مؤخراً والإعصار دانيال المدمر بمثابة تذكير صارخ بالحاجة الملحة إلى التخفيف من آثار المناخ والتأهب لمواجهة الكوارث على نطاق عالمي.
شانتال عاصي- الديار